عندما عبرنا في هذا الموقع عن تخوفنا من أن تستغل التنظيمات الإرهابية العالمية، وعلى رأسها القاعدة، ما يحدث في الشارع العربي من أحداث ورغبة في التغيير، يسمح لهذه التنظيمات والجماعات المسلحة بالعودة إلى نشاطها، مستغلة الظروف، طامعة في الوصول إلى الحكم، أو على الأقل وضع يدها على أسلحة ما كانت لتصل إليها في ظروف سابقة، عندما قلنا هذا، وجهت إلينا الاتهامات على أننا أبواق النظام، وأننا ضد إرادة الشعوب، وضد الحرية والديمقراطية وما إلى ذلك من الأوصاف والشتائم التي نعتنا بها. ها هي تخوفاتنا يعبر عنها مسؤول عن مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوربي، جيل دي كيرشوف، الذي قال أمس إن الانتفاضات العربية وفرت الفرصة للقاعدة لكي تعيد تنشيط نفسها وتحصل على أسلحة من تلك التي نهبت في الصراع الليبي، وقد تستحوذ على صواريخ ”أرض-جو” يمكن أن تشكل خطرا على الطائرات، فهل سينعت هذا الخبير أيضا بأنه بوق للنظام؟ ليس هذا فحسب، فظهور شخص مثل عبد الحكيم بلحاج، يترأس جيشا من المقاتلين في طرابلس، بدد كل شكوكنا في أن تنظيم القاعدة، أو التنظيمات الجهادية الأخرى مثل الجماعة الليبية المقاتلة التي كان عبد الحكيم أحد قيادييها، وجدت الفرصة المثلى لتحقيق ما كانت تحلم به، الشرعية والاعتراف الدولي، والاستحواذ على الحكم تحت مسمى المطالب الديمقراطية، وهو ما عجزت عن تحقيقه من خلال عملياتها الجهادية التي كانت تخوضها في المنطقة. صحيح أن الثورات العربية بدأت مشرفة وشرعية لما كانت عفوية، وعبرت بصدق عن مطالب الشرائح الواسعة من الشعوب المنتفضة مثلما كان ذلك في ثورتي تونس ومصر، قبل أن تركبها فيما بعد الحركات الإسلامية التي وقفت في بداية الأمر موقف المتفرج في كل من تونس ومصر، ثم ركبت الموجة، لما رأت أن هذه ”الثورات” ستحقق ما لم تتمكن الحركات الجهادية من تحقيقه بقوة السلاح. الخوف كل الخوف أن تغرق الشعوب المنتفضة في دوامة عنف مثل تلك التي عاشتها الجزائر سنوات التسعينيات، أو تستولي أنظمة أسوأ من أنظمتها الدكتاتورية على الحكم بمباركة من الغرب، ويضيع حلم الشعوب في التحرر وبناء أنظمة ديمقراطية حقيقية، مثلما فشلت قبل اليوم في بناء دول بمؤسسات ديمقراطية لخلافة الأنظمة الاستعمارية.