يواجه خريجو الجامعات فترة صعبة للغاية مع بداية الدخول الاجتماعي، ويتعلق الأمر بالبحث عن الوظيفة التي تتوج سنوات من الدراسة والاجتهاد بعمل مناسب يتوافق وشهاداتهم وإمكانياتهم العلمية. هي رحلة معاناة يختصرها ترقب مسابقات التوظيف، وعقود الإدماج التي لا بديل عنها. نقطة الانطلاق تبدأ بالبلديات والدوائر الإدارية، أين يباشر حديثو التخرج إعداد ملفاتهم الخاص بمسابقات التوظيف، ففي هذه الفترة حركة غير عادية يسودها التوتر والخوف من تجاوز المهلة المحددة لتقديم الملفات. وفي هذا السياق تقول سارة، موظفة في الحالة المدنية في بلدية الثنية ببومرداس، إن هذه الفترة تعرف ضغطا كبيرا من طرف المراجعين الذين يكون معظمهم من الشبان والشابات الذين يطلبون إعداد هائلة من النسخ الأصلية شهادات الميلاد والمصادقة على العديد النسخ من شهادات النجاح، كي يتجنبوا زيارة هذا المكان مرة أخرى ويتأهبوا لأي مسابقة توظيف قد تأتي على حين غرة.. بعدما أصبح الإعلان عنها يأخذ حيزا ضيقا للغاية. وكالات التشغيل.. طوابير لا تنتهي تعتبر وكالات التشغيل أول مكان يتوجه إليه كل من أنهى دراسته وتحصل على شهادة، فقد تحولت إلى مأوى لخريجي الجامعات والوجهة التي لا بديل لهم عنها، بعدما أصبحت تمكنهم من شغل مناصب ولو بصفة مؤقتة. وفي هذا السياق كان لنا حديث مع بعض الوافدين على وكالة التشغيل لولاية بومرداس. والذين وجدوا أنفسهم على موعد مع الطوابير الطويلة منذ أن تحصلوا على شهادة النجاح المؤقتة.. منهم نور الهدى، التي تحصلت على شهادة ليسانس في الأدب العربي، توضح أن أول ما نصحوها بفعله مباشرة بعد تخرجها هو إيداع ملفها لدى وكالة التشغيل حتى لا تفوت فرصتها في الحصول على عقد إدماج ولو بصفة مؤقتة، كما أنه يغنيها عن المكوث في البيت، مضيفة أنها منذ بداية شهر سبتمبر عزمت على التضحية من أجل أن تخلص إلى الظفر بوظيفة بعد سنوات من التعب والعناء. وفي نفس السياق يؤكد المهندس جمال، أنه حدد بداية هذا الشهر كموعد لبداية مسيرته التي يتوقع أن تكون شاقة على جميع الأصعدة معبرا بقوله:”إيجاد وظيفة في بلادنا مهمة تقترب كثيرا من المستحيل “. ومع اشتراكهم في نفس الأحلام أصبحوا يشكلون طوابير طويلة وعريضة يسعون من خلالها إلى تحقيق أحلامهم بولوج عالم الشغل. ترقب مسابقات التوظيف على صفحات الجرائد تزايد، في الفترة الأخيرة، إقبال الشبان والشابات على اقتناء الصحف والجرائد الوطنية بغية الاطلاع على أي مسابقة توظيف قد تنشر على صفحاتها، فهي قد أصبحت الوسيلة الوحيدة لمعرفة مواعيد مسابقات التوظيف وشروطها. وبما أننا في شهر سبتمبر تتزايد هواجس خريجي الجامعات وخوفهم من تفويت واحدة من مسابقات التوظيف التي وصفها الكثير من الشباب ب”النادرة”، والتي تتكتم عليها الهيئات المعنية وكأنها تسعى لتخفي عدد المترشحين. هكذا عبر الكثير من الشباب على فرص العمل التي قد تمنحها الدولة لهم على أساس الاختبارات. من جهة أخرى فإن عملية البحث أصبحت تكلف هؤلاء الكثير من المصاريف، ولن يكتفوا بصحيفة واحدة حتى لا يضيعوا أي إعلان، ناهيك عن التعب النفسي والتوتر الذي يصاحب هذه العملية. وفي هذا السياق قالت سارة، متخرجة من كلية العلوم السياسية: “في كل يوم أستيقظ على أمل جديد في الحصول على وظيفة خاصة أني قمت بإرسال الكثير من طلبات العمل وأنتظر الرد عليها”. مواقع التوظيف تحظى بإقبال واسع من جهة أخرى، يلجأ الكثير من خريجي الجامعات وحاملي الشهادات إلى مواقع الأنترنت المتخصصة في التوظيف، والتي تعمل على مستويين.. فمن جهة تنشر طلبات المؤسسات والشركات في الحصول على موظفين، ومن جهة أخرى توفر للشباب فرص الحصول على عمل من خلال عرضهم لسيرهم الذاتية تخصصاتهم. هذه المواقع التي تلقى رواجا كبيرا في الآونة الأخيرة، والتي استحسنها الكثير من الشبان ممن قابلناهم، على غرار هيثم، حيث قال إنه مشترك في أحد المواقع التي تزوده كل يوم بعروض العمل الجديدة عبر بريده الإلكتروني كي يتمكن من اختيار ما يناسب تخصصه. لا يختلف الأمر كثيرا عند لبنى، التي تقول إنها أصبحت تطلع على عروض العمل من خلال الأنترنت لتجد ما يناسبها. هكذا يتحول البحث عن عمل في هذه الفترة إلى هاجس يعيشه خريجو الجامعات من شبان وفتيات.