ذِكر الله عز وجل قوت للقلوب، وقرّة للعيون، وسرور للنفوس، به تُجلب النِّعم وتُدفع النِّقم؛ فهو نعمة عظمى ومنحة كبرى، له لذة لا يدركها إلاّ من ذاقها، عبّر عنها أحدهم فقال:”والله إنّا لفي لذة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف”. وذِكر الله هو أعظم ما فتق عنه لسان وتدبّره جنان. فلا بد من اجتماع اللسان والجنان حتى يؤتي الذِكر ثماره ويستشعر العبد آثاره. فقد وصف الله تعالى أولي الألباب بأنهم:”الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” فهم جمعوا بين ذكر الله تعالى في كل أحوالهم ودعائه، والتفكّر في خلق السماوات والأرض. وقال أحد العارفين:”لا اعتداد بذكر اللّسان ما لم يكن ذلك من ذكر في القلب، وذكره تعالى يكون لعظمته؛ فيتولّد منه الهيبة والإجلال، وتارة لقدرته فيتولّد منه الخوف والخشية، وتارة لنعمته فيتولد منه الحب والشكر، وتارة لأفضاله الباهرة فيتولّد منه التفكير والاعتبار؛ فحق للمؤمن أن لا ينفك أبدا عن ذكره على أحد هذه الأوجه”.