تطرّق مختصون خلال الورشة التكوينية الثانية، التي نظمت لفائدة الصحفيين بهدف تكوينهم في شتى المجالات، أول أمس، بقصر الثقافة ”إمامة” بتلمسان، إلى واقع الكتاب، المكتبة وكذا الاستراتيجية المنتهجة من طرف وزارة الثقافة لتطوير الكتاب والعمل المكتبي والنشر بالجزائر. عاد في الورشة التكوينية كل من ياسر عرفات قانة، نائب مدير الكتاب على مستوى وزارة الثقافة، وقوني حياة، محافظة المكتبات ومراكز التوثيق بالمكتبة الوطنية، إلى الحديث عن إشكالية أثارت الكثير من الجدل خلال السنوات الأخيرة تتعلق بالكتاب بين التطور وتراجع المستوى، إلى جانب المهام التي تعنى بها المكتبة الوطنية في تفعيل المطالعة والمقروئية في أوساط المجتمع الجزائري بمختلف شرائحه. وأشار ياسر قانة في مداخلته إلى التطور الملحوظ الذي عرفته المكتبات المتواجدة عبر كامل أنحاء الوطن في الحقل الثقافي وعلى المستوى المحلي والعالمي منذ الاستقلال إلى غاية اليوم، مبرزا مدى نجاح المكتبة الجزائرية في نشر الكتاب في مختلف أقطار الوطن العربي، وأضاف ”هو ما مكّن الجزائر من دخول المجلس التنفيذي الإسلامي الذي انعقد بإيران”، كما نوّه بالمشاريع التي أنجزتها الدولة للنهوض بهذا المجال الحيوي على جميع الأصعدة الثقافية، الاجتماعية، الاقتصادية والتجارية، بالاضافة الى إنشائها الصندوق الوطني لترقية الفنون والآداب المعروف ب”دعم الإبداع”، الذي جمد سنة 2004 إلى غاية 2007، فيما أشار الى ظهور الفعالية في الكتابة والإبداع الكتابي الشبابي الذي أصبح كما قال ”لا يقتصر على شيوخ الرواية فحسب”. وكشف ذات المتحدث بأن ما يقارب 100 عنوان تم طبعها وتوزيع نصفها لصالح فلسطين بمناسبة القدس عاصمة الثقافة العربية قبل سنتين من الآن، بالإضافة الى مجموعة من المشاريع الأخرى على غرار دعم الناشرين الذين بلغ عددهم حوالي 160 ناشر، حيث تهدف هذه العملية إلى دعم النشر في الجزائر وكذا رفع القدرات التجارية وتشجيع المبدعين، ناهيك عن مشروع في بلدية مكتبة المزمع انتهائه سنة 2014 بإجمالي 1541 مكتبة، معربا عن أمله من هذه الانجازات التي تقوم بها الدولة لإخراج الكتاب من القوقعة وإتاحته للجميع. من جهتها، اعتبرت قوني حياة المكتبة الوطنية أنها أحد أبرز المساهين في إنجاح هذه العملية وتفعيلها داخل الوطن وخارجه سواء تعلق الأمر بالكتاب كمادة للقراءة، أو بالنشر، الطبع أو المطالعة العمومية، من خلال ما تحتويه من عناصر أساسية تسعى إلى جمع التراث والحفاظ عليه ونقل الكتاب من جيل إلى جيل، بضرورة توفر عديد الشروط التي تمكنها من ذلك كالإيداع القانوني، وتوزيع رقم ردمك، أي تعمل كوسيط بين الناشرين بتحديد رمز كل واحد منهم وتزويده بأرقام ردمك، إلى جانب إصدار البيبليوغرافيا التي تحصر كل المنتوجات مع تقديم بطاقة فنية للكتاب. وأوضحت حياة قوني أن مجمل هذه الشروط تدخل ضمن الإطار العام لتشجيع المطالعة وتفعيل نسبة المقروئية في الجزائر وكذا تعميمها على كافة الفئات، مشيرة في ذات الصدد إلى الدور الكبير الذي تلعبه المكتبة الوطنية في الحفاظ على الوجه الأدبي والثقافي الجزائري منذ نشأتها من خلال جملة المساعدات التي تقدمها للمكتبات الداخلية التي تشارك هي الأخرى في إنشاء شبكة مطالعة أولية وقاعدية.