عاد الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، إلى مغازلة الحركى والأقدام السوداء، في محاولة منه لكسب أصواتهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، من خلال تجديد مواقفه من الماضي الاستعماري الفرنسي بالجزائر، وفتح الملف التاريخي بين بلاده والجزائر، مؤكدا مرة أخرى، أن فرنسا فخورة بماضيها الاستعماري وليس لها ما “تتوب عنه”. ففي حوار صحفي عشية تواجده بمدينة نيس الفرنسية للقاء الأقدام السوداء والحركى، قال نيكولا ساركوزي لصحفية “نيس ماتان” إن “ما جئت لأقوله هنا في نيس قبل أيام عن الذكرى الخمسين لتوقيع اتفاقيات إيفيان، التي وضعت حدا لصراع رهيب دام سبع سنوات ومهد الطريق لاستقلال الجزائر، هو أن الحركى والمقاتلين الجزائريين العائدين إلى فرنسا كانوا فاعلين ولكن أيضا ضحايا لهذه الفترة من تاريخنا، إلا أنهم لم يكونوا الضحايا الوحيدين، لأن حرب الجزائر أيضا أضرت بالجزائريين”. وفي محاولة منه لاستعطاف الحركى، وتبرير موقف بلاده منهم، أفاد ساركوزي أنه “بعد سنة 1962، فرنسا التي خرجت من الحروب الاستعمارية، ودخلت فترة جديدة من الازدهار الاقتصادي، أرادت نسيان هذه الفترة، ومعها نسيان أولئك الذين جرحتهم وضحت بهم. لقد تم توقيف الحركى في الثكنات، وطلب من الأقدام السوداء أن يدخلوا خانة النسيان، وألا يحرجوا أي شخص بذكرياتهم”. وتابع “ما جئت لأقوله في نيس، هو أن الحركى مثلهم مثل قدماء المحاربين العائدين إلى فرنسا، يشغلون جزءا من ذاكرة بلادنا وهذه الذاكرة يجب أن تكون معروفة، ومن حقها أن تحظى بالاحترام”. وبخصوص معارضته لكل أشكال التوبة، صرح ساركوزي “هذا هو بالضبط ما أردت أن أشرحه لكم، العمليات العسكرية التي قامت بها فرنسا ضد الجزائر، التي - أذكركم - كانت تنتمي إلى التراب الوطني، تمت بمبادرة من الجمهورية الفرنسية و تحت سلطة حكومات شرعية وديمقراطية منتخبة. كانت هناك انتهاكات، وارتكبت انتهاكات من كل طرف، هذه الانتهاكات وهذه الفظائع، يجب إدانتها لكن فرنسا لا يمكنها أن تتوب لأنها قامت بهذه الحرب”. ورغم تمسكه برفض مطالب الحركى وقدماء المحاربين المتمثلة في الاعتراف بهم وتحمل مسؤوليتهم، إلا أن ساركوزي وجه نداءه لهم لإعادة انتخابه، يقول فيه “أعرف متاعب حياتهم، ومعاناتهم في الماضي وفي المستقبل، وفي بعض الأحيان يأسهم، لكن انتخاب الجبهة الوطنية هو طريق مسدود، فليست هي من سيحميهم من الأزمة، وليس بمقدورها أن تخلق نموا بخروجها من منطقة اليورو، والجبهة ليست حزب الحكومة، التصويت لصالحها يعني إضعاف فرنسا لأن ذلك يعني ترك المجال للحزب الاشتراكي، الذي لن يتوانى في إدخال فرنسا في أرض كل أنواع التوبة”.