إن الاستعاذة التي تحمي العبد المؤمن من الوقوع في الشر هي الاستعاذة التي روى نصّها الصحابي أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول “اللّهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق” فإن من يلوذ به المؤمن لنيل الخير هو الله البر الرحيم. وإن من يعوذ به المؤمن من شر الشيطان وشركه وشر كل ذي شر هو الله السميع العليم. فإذا كان النبي الذي خاطبه ربه بقوله “فإنك بأعيننا” يتعوذ بالله من الشر فما بالنا نحن الذين لم نعط جزءاً من الذي أعطيه رسول الله... لقد استعاذ النبي من الشقاق وهو الاختلاف الأعمى الذي لا يرجع المشاقق فيه إلى الحق هو شقاق الفرقة الذي يفسد الود. هو التباعد والتنافر فمن المعروف أن الأرواح جنود مجنّدة فما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف والشقاق من توابعه العناد. والعناد إن تساوي فيه المتعاندان قوة اقتتلا. فإن كان أحدهما أقوى والآخر أضعف نافق الضعيف. والنفاق مكر وخديعة والمنافق أن وجد الفرصة انقض انقضاض الذئب. أما تعوذ النبي من سوء الأخلاق فهو تعوذ من داء النفس التي يختفي وراءها كل داء. فخلف الوعد سوء خلق. والغدر ونقض العهد والغش والكذب والغيبة والنميمة والمكر السيء سوء خلق لذا علي المؤمن أن يستعيذ حتى لا يجره ضعفه إلي اقتراف ذنب أو خطيئة. الاستعاذة تحميك من أصل البلاء وتقتلعه من نفسك.