تتحول غابة الشلعلع ومرتفعات كاسرو الجبلية، منذ حلول فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة أواخر شهر ماي خلال السنوات الأخيرة، إلى ملاذ للعائلات والباحثين عن الراحة والاستجمام والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة وهدوء المكان المخضر على مدى البصر. كما تكون هذه الأماكن مقصدا للرياضيين كذلك من الهاوين وحتى رياضيي النخبة، لملاءمة الجو للتدرب والتخلص من ضغط العمل وتجديد الطاقة. وقد استحسن المواطنون بباتنة الخطوة التي أقدمت عليها الجهات المعنية بفتح طريق الشلعلع خلال العامين الماضيين بعد أن كان منطقة محرمة بسبب الإرهاب ووجود بقايا الجماعات المسلحة ، وتوفير التغطية الأمنية الكافية به من تواجد لعناصر الجيش الوطني الشعبي أو الدوريات المختلفة لمصالح الأمن من شرطة ودرك. بالإضافة إلى ما تقدم، لا تخلو هذه الأماكن الجميلة من المنحرفين والمشبوهين، وهم مصدر إزعاج دائم للعائلات والمواطنين، ما حتم على المصالح الأمنية تفعيل مخطط أمني لتوفير السكينة والهدوء والراحة اللازمة بمرتفعات الشلعلع الجبلية، وبغابة كاسرو القريبة من المخرج الشمالي لبلدية فسديس، بعد تسجيل عدد من الشكاوى بخصوص قيام بعض الأشخاص المجهولي الهوية بسلوكات إجرامية تجاه من يقصدون المكان بحثا عن الراحة من مواطنين وعائلات ورياضيين. وقد كانت ل”الفجر” فرصة التنقل مع رجال فرقة الدرك الوطني بباتنة، في دورية مداهمة لبؤر الإجرام والزوايا المشبوهة بمرتفعات كاسرو الجبلية. تجمعات الخمارين تقلق راحة المتجولين.. على قدر شساعة المغامرة وسط الجبال العالية والغابات الكثيفة والمرتفعات التي تتميز بصعوبة تضاريسها، كان رجال الدرك على دراية كاملة بكل ما يدور في المكان من تحركات وسكنات، وهم في تأهب دائم للتدخل في الوقت المناسب متى طلب منهم ذلك. وقد كانت البداية بسلك الطريق المؤدي إلى الجبل المطل على الواجهة الغربية للمدينة، رغم صعوبة المرور نسبيا، بسبب التصرفات غير اللائقة لبعض المواطنين الذين يعمدون إلى رمي الأوساخ وفضلات البناء والورشات على حافتيه ما صعب كثيرا من حركة السير بالإضافة إلى انتشار الحفر والمطبات هنا وهناك، وهو ما لا يتماشى مع الأهمية السياحية الكبيرة لهذا المسلك. وأول ما يصادف المار به سيارات مركونة هنا وهناك وعلى جانبي الطريق على متنها مجموعات من الأشخاص يتعاطون المشروبات الكحولية، وغالبا ما تكون هذه التجمعات مصدرا للشجارات التي تستعمل فيها أسلحة بيضاء وتندلع بين أشخاص غائبين عن الوعي، ما جعل المرور بمحاذاة هذه الجماعات أمرا غير محسوب العواقب، وجعل الكثير من المواطنين يعزفون عن جلب عائلاتهم للتجوال في الغابة، غير أن النشاطات الأمنية قللت كثيرا من هذه السلوكات في المدة الأخيرة بدليل أن الأشخاص الذين صادفناهم سارعوا إلى الانصراف بمجرد رؤية سيارة الدرك من بعيد. شخص يقدم على حرق زوجته بالبنزين.. رجال الدرك يتدخلون لإنقاذ الموقف بمجرد وصولنا للنقطة الأمنية الأولى بجبال كاسرو، كان عناصر التدخل السريع التابعين لسلاح الدرك متواجدين هناك بكثافة، وقد انتهوا للتو من معالجة قضية كادت أن تأخذ منحى آخر لو تم تنفيذها، نظرا لما يحيط بها من معطيات غريبة وغير واضحة الملابسات، ويتعلق الأمر - حسب قائد مجموعة التدخل - بتلقي اتصال من راعي غنم مفاده وجود امرأة في حالة خطر وسط غابة كاسرو وهي تبكي وتستنجد، ما جعله يتصل برجال الدرك الذين سارعوا إلى المكان فوجدوا الضحية البالغة من العمر 51 سنة في حالة يرثى لها، وأكدت لهم أنها كانت برفقة زوجها عائدين من ولاية برج بوعريريج بعد زيارة ابنتها هناك، إلا أن زوجها غير وجهة السيارة إلى الغابة، بعد أن جلب قارورات من البنزين من إحدى المحطات وعرض عليها القيام بنزهة وسط الأشجار، وسرعان ما تغيرت لهجته معها وقام بتهديدها بالحرق وقد حاول ذلك فعلا، غير أنها قاومته بشدة وتمكنت من الإفلات منه مستنجدة بالراعي الذي كان يراقب ما يحدث من بعيد. ولحسن حظ الضحية، فإن كبر سن زوجها منعه من الجري كثيرا وسط الأحراش والتضاريس الوعرة. وقد بادر الراعي إلى إخفائها إلى حين قدوم رجال الدرك الذين أوقفوا الفاعل الذي كان على متن سيارة قام باستئجارها لهذا الغرض، وقد تم التحفظ على الضحية إلى حين فتح تحقيق في ملابسات الجريمة ودوافعها. حجز سلاح ناري بحوزة أشخاص مشبوهين وغير بعيد عن الواقعة الأولى أكد قائد الفرقة أن رجاله حين كانوا في الطريق لنجدة المرأة لمحوا مجموعة من الأشخاص يتحركون بطريقة مشبوهة، فيما قام أحدهم برمي شيء مجهول وسط الحشائش ولاذ الأربعة بالفرار، وقد تعقبت عناصر الدرك آثار المجموعة إلى حين محاصرتها وسط الغابة، ليتبين لا حقا أنه كان بحوزتهم سلاحا ناريا من نوع “محشوشة” تقليدية الصنع قاموا بالتخلص منه حين رأوا عناصر الأمن، وقد تم حجز السلاح الناري والتحفظ على المشبوهين الأربعة، وفتح تحقيق مع أحدهم الذي أدلى باعترافات متناقضة ومقتضبة حول السلاح، ونفى أنه كان بحوزته بعد أن اعترف أنه هو المالك للسلاح.. مجرمون يضعون الأقنعة ويرهبون المواطنين يؤكد رائد الدرك الوطني، المرافق لنا، أن هذه المنطقة كثيرا ما تشهد اعتداءات بالسلاح الأبيض وتهديدات بالسلاح الناري وحتى سرقة سيارات من قبل أشخاص مجهولين يعترضون طريق المواطنين القادمين مع عائلاتهم إلى الغابة، وأضاف أن هؤلاء يستعينون بوضع أقنعة لا تظهر من الوجه سوى العينين في تنفيذ مخططاتهم الإجرامية لذلك يصعب التوصل بسرعة إلى هويتهم حين استقبال شكاوى المواطنين الذين تعرضوا للاعتداءات. وفي هذا الشأن يضيف محدثنا أن قضية تمت معالجتها منذ أسبوع على مستوى فرقة الدرك التابعة لبلدية فسديس، تم إثرها توقيف ثلاثة أشخاص بعد شكوى تقدم بها مواطن بعد الاعتداء عليه وعلى عائلته، وقد تم القبض على الفاعلين الذين تبين تورطهم في جرائم كثيرة، حيث كانوا يستعملون اللباس الرياضي للتمويه وإيهام المواطنين بأنهم يمارسون الرياضة، وهم في حقيقة الأمر يترصدون تحركات ضحاياهم. المداهمات الفجائية مكنت من القبض على 27 مطلوبا لدى العدالة أكدت فرقة الدرك الوطني بباتنة أن أسلوب المداهمات الفجائية قد أثبت نجاعته في كثير من المرات. ورغم سوء الأحوال الجوية خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة الجارية وتهاطل الثلوج الذي حد نسبيا من تنفيذها، إلا أن مصالح الدرك بباتنة تمكنت من تنفيذ 11 مداهمة خلال هذه الفترة تم خلالها تعريف 6282 شخص وتوقيف 27 مطلوب من طرف العدالة لتورطهم في قضايا مختلفة من مخدرات واعتداءات على الأشخاص والممتلكات والسرقة. كما أن التمشيط المستمر لبؤر الإجرام وأماكن تردد المنحرفين سيما في المناطق المنعزلة مثل الغابات الجبلية من شأنه أن يحد من معدل الجريمة ويضمن استقرارا أكثر، علما أن فصل الصيف يكون من أكثر فترات السنة انتشارا للعمل الإجرامي. رواد السياحة الجبلية يستأنسون بالتواجد الأمني في الغابات ما لاحظناه كذلك خلال خرجتنا الميدانية مع رجال الدرك بباتنة، هو الارتياح الكبير الذي يبديه المواطنون، حين يرون مصالح الأمن منتشرة داخل غابة كاسرو الخلابة ومرتفعات الشلعلع، حيث يتناقص آليا عدد المنحرفين الذين عادة ما يغزون المكان بدء من منتصف النهار، حيث أن أهمية هذه الأماكن التي تعد مكسبا حقيقيا للمنطقة لا تكتمل إلا بالمجهودات الأمنية ومحاربة المظاهر المشينة من أجل ضمان أكثر لراحة المواطنين، وهو ما يفتح آفاق الاستثمار السياحي واسعة في المستقبل مع ما تمتلكه الولاية من مقومات خصبة في هذا المجال.