تعيش العائلات الجزائرية هذه الأيام سباقا مع الساعة، سببه حلول شهر رمضان خلال هذه السنة منتصف شهر جويلية، مما اضطر العديد منها لبرمجة حفلات الزفاف نهاية الشهر الجاري وطيلة الشهر الداخل، في حين أجل العديد عطلته إلى حين انقضاء الشهر الفضيل والأمر ذاته بالنسبة لعطل نهاية السنة التي احتار الموظفون في تحديد تاريخها المناسب. ضغط كبير تعرفه قاعات الحافلات، الحلواجيات والخياطات هذه الأيام، بعد أن قررت العديد من العائلات إقامة أعراسها قبل حلول شهر رمضان الكريم رغبة من أغلبهم في قضاء عطلة صيفية مريحة بعد انقضائه، فيما فضلت العديد من الأسر تأجيل هذه العطلة أو إلغاؤها لأجل التوفير في الميزانية التي تعرف في معظم الأحيان خللا في شهر رمضان. عائلات تؤجل عطلها الصيفية وموظفون حائرون في تحديد موعدها تتزامن العطلة الصيفية هذا الموسم مع الشهر الكريم الذي لا تفصلنا عنه سوى أسابيع معدودة مما قلص من عمرها ودفع بالعديد من العائلات إلى التفكير في التضحية بمشاريع السفر والسياحة على أمل توفير بعض المال لتغطية مصاريف شهر رمضان من جهة، ورغبة في التمتع بعطلة دون انقطاع بعد مروره من جهة أخرى، ناهيك عن انشغال البعض بنتائج أبنائهم الذين اجتازوا امتحانات مصيرية، ولاستطلاع آراء البعض حول الموضوع أجابنا خالد موظف بمؤسسة خاصة: “ سافرت العام الماضي مع زوجتي وأبنائي لقضاء العطلة في عنابة، مما كلفني مصاريف باهضة لذا قررت هذه السنة ادخار تلك التكاليف للتوفير في مصاريف شهر رمضان الذي يتوسط الصيف ويقلص من مدة الإجازات، وسأكتفي بمرافقة أبنائي للسباحة واللعب في أحد الشواطئ القريبة ليوم كامل”. وشاطره الرغبة في التوفير والادخار، رب أسرة آخر قائلا: “من الصعب إيجاد حل لمعادلة صعبة وهي قصر مدة العطلة الصيفية والرغبة في الادخار لسد ولو جزء من تكاليف رمضان وعيد الفطر، وبالمقابل تلبية كل الدعوات لحضور أعراس الأهل والأقارب والفوز ببعض الراحة والترفيه، لهذا قررت وزوجتي الاكتفاء بمرافقة أبنائنا إلى الشواطئ مرتين أو ثلاث خلال الأسابيع المتبقية”. بينما تفضل فئة واسعة فتح ورشات كبيرة للأشغال، الترميمات والطلاء داخل منازلها لاستقبال رمضان في أبهى ديكور. وفئة قليلة من الموظفين هم الذين تمكنوا من تحديد تاريخ عطلتهم السنوية لاسيما أنها خلال هذه السنة قد طرأت عليها بعض التغيرات، وبين رغبتهم في تكسير الروتين والحكمة في تحديد موعد العطلة في ذات الوقت الذي يكثر فيه الطلب على هذه الأخيرة، الأمر الذي لمسناه لدى العديد منهم. والتسابق على إقامة الأعراس يبلغ ذروته كما استغلت أغلب العائلات هذه العطلة التي تعتبر الأقصر منذ سنوات طويلة، في تحضير وتنظيم الأعراس ومختلف المناسبات الاجتماعية الأخرى، حيث وتعترف أغلب المقبلات على الزواج اللواتي سألناهن عن التحضيرات أن الأمر ليس سهلا، لأنهن يتسابقن مع الزمن لإتمام كل شيء لاسيما اقتناء ‘'الجهاز‘' وكذا تحضير ‘'التصديرة''. وبالنظر إلى محدودية الإمكانيات المادية للكثيرات من جهة وضيق الوقت من جهة أخرى لاسيما مع الغلاء الفاحش الذي تعرفه مستلزمات الأعراس حيث يستغل بعض الانتهازيين الظرف للتضييق على المواطنين. ومن جهتها أكدت فائزة ماكثة بالبيت، أنها تسابق الزمن لاقتناء كل اللوازم الضرورية لزفاف ابنها الذي ستقيمه قبل أسبوعين من حلول شهر رمضان، مشيرة أنها هذه المرة لن تتمكن من التحضير لرمضان كعادتها منوهة إلى أن قصر مدة العطلة خلط حساباتها، أما المحاسبة سعاد، التي ستزف بعد 3 أسابيع فقط فقالت: “ أقوم بالتسوق يوميا محاولة اختصار الوقت والجهد لأنه لم يبق وقت كبير على موعد العرس، وأجد نفسي في حالة قلق شديد لأنني لم أتمم التحضيرات، كما علي انتظار موعد عطلتي لأنني مضطرة لأخذها أياما قبيل العرس ولهذا فإن الضغط كبير جدا لاسيما أنني أتسوق بعد ساعات العمل''. الحلواجيات الخياطات وقاعات الحافلات محجوزون إلى غاية ليلة الشك ولما كانت الحلويات هي زينة الأعراس الجزائرية ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقام حفلة الزفاف بدونها، فقد سجلت”الحلواجيات” هذه الأيام كثافة في الطلب عليهن من طرف الزبونات اللاتي ما جعل منها التجارة الأكثر نجاحا في أيامنا، وحسب زهور التي حدثتنا عن مهنتها التي تزاولها منذ أكثر من ستة سنوات، فإن تسابق العائلات على “الحلواجية” لإقامة حفلات أعراسها خلال هذه الأيام منقطع النضير، فقد اضطرت على غير عادتها إلى رفض العديد من الطلبات لكثرتها، وخلال حديثنا مع الزهور استقبلت إحدى الزبونات التي قصدت المحل في الصباح الباكر للاطمئنان على السير الجيد لعملية تحضير الحلوى ولاستعجال زهور في آن واحد خوفا من تأخر الحلويات يوم زفاف ابنتها الذي لم يتبق له سوى 5 أيام، أما جويدة التي اختارت الاستنجاد بخياطة لاستكمال ‘'تصديرتها'' فإنها تقر بندمها، لأن الطلبات كثيرة على الخياطة ما جعلها تتأخر في تحضير الفساتين، وتعترف فطيمة من جانب آخر بأن ما يقلقها أكثر هو حلول شهر رمضان بعد خمسة عشر يوما من زفافها. أما عن الضغط الذي تشهده قاعات الحافلات فحدث ولا حرج، حيث تعرف أغلب هذه القاعات وإن لم نقل كلها حجوزات كاملة آخرها مبرمج ليلة رمضان، وذلك لتحقيق رغبة أغلب العائلات الطامحة في إقامة الزفاف قبيل شهر رمضان للتمتع بباقي العطلة بعد انقضائه.