لطالما كانت العطلة الصيفية هي الموعد السنوي للجزائريين مع الراحة والاستجمام، في ظل مناخ حار يجعل الاتجاه إلى الشواطئ حاجة ملحّة عند الجميع، وكل على طريقته تجتهد العائلات في التخطيط لهذه العطلة، في الوقت الذي يضطر فيه الكثيرون إلى إلغاء مشروع التخييم تبعا لظروف معينة يفكر الكثير من الجزائريين في كيفية قضاء العطلة الصيفية بعد عام كامل من العمل والدراسة، فقضاء بعض الوقت بعيدا عن روتين البيت والمدرسة والعمل أصبح مطلبا ملحا لدى العديد من الأسر التي اتجهت نحو التفكير الجدي في ادخار جزء من المرتب طوال العام وصرفه خلال فصل الصيف حتى وإن لم تتجاوز مدة العطلة عشرة أيام، المهم بالنسبة لهم هو الترويح عن النفس ولو لأيام معدودات. ويبقى المرتب الثنائي للزوجين هو الحل الوحيد الذي يمكّن الأسر من التفكير في التوجه إلى البحر سواء في الجزائر أو إلى الخارج. تقشف طول السنة لعطلة نهاية السنة من خلال جولتنا الاستطلاعية في مناطق مختلفة من ولايتي الجزائر وبومرداس، تمكّنا من التقرب من الكثير من العائلات الجزائرية من أجل الاستفسار عن عطلتها هذا الصيف، حيث وجدنا فئة منها تعتبر مشروع العطلة يخطط له منذ بداية السنة فالسيد "حميد" من العاصمة على سبيل المثال يقوم باقتطاع مبلغ من مرتبه الشهري خلال السنة، ليتحصل مع حلول موسم الاصطياف على مبلغ محترم يمكّنه من قضاء عطلة في منطقة سياحية في الجزائر طبعا، شأنه شأن الكثير من الأشخاص على غرار السيدة "وفاء" من ولاية بومرداس التي توفّر مرتبها طوال السنة وتترك المصروف على زوجها لتفاجئه في نهاية السنة بمبلغ مالي معتبر، يمكّنهم من استئجار بيت صيفي في منطقة من المدن السياحية في الجزائر. وفي هذا السياق قالت "وفاء" إنها تحرم نفسها من الكثير من كماليات الحياة من في سبيل قضاء عطلة صيفية تمكّنها من الاسترخاء بعد سنة كاملة من التعب والإرهاق. هذا السيناريو يتكرر كل سنة مع العديد من العائلات الجزائرية ذات الدخل المحدود. الإقامة بقرب البحر تتحول إلى كابوس تلجأ الكثير من العائلات الجزائرية التي لم تسمح لها إمكانياتها المادية من قضاء العطلة إلى التوجه إلى بيوت الأقارب الذين يقطنون في ولايات ساحلية لتتمكّن من زيارة البحر وقضاء أوقات ممتعة، هو حال كريمة التي تمضي عطلتها الصيفية من كل سنة في منزل أختها التي تقيم في مدينة بجاية، ما يجعل عطلتها مضمونة في كل سنة، حتى أنها توفّر في المصاريف. وفي نفس الوقت أصبحت الكثير من العائلات التي تقيم على مقربة من الشاطئ أو في المناطق السياحية تشتكي من كثرة الزوار في فترة الصيف الذي يحوّل بيوتها إلى فنادق غير مأجورة. وهو ذات الأمر الذي حدثنا عنه السيد عثمان الذي يقيم في مدينة بومرداس الساحلية وعلى بعد 30 متر من الشاطئ، وعلى الرغم من أنه يقيم في عمارة وبيت يحوي ثلاث غرف فحسب، إلا أنه لا يخلو من الضيوف من الأصدقاء والأقارب، الأمر الذي يسبب له الكثير من الإزعاج، ويجعل عائلته تقضي أوقات غير مريحة في فترة مخصصة للراحة والاستجمام. وحفاظا على العلاقات والروابط الأسرية، فهو يضطر إلى تحمّل الكثير من ممارستهم، على غرار السهر كل اليوم بالإضافة إلى مصاريف الأكل التي نادرا ما يشاركون في دفعها. الضغط على منزل السيد عثمان وصل لدرجة أن العائلات التي تزور بيته تنسق فيما بينها لتنظم فترة إقامة كل واحدة منها. هو مشروع يعتبره الكثيرون فرصة ممتازة في حين أنه يحوّل عطلة أصحاب المنازل إلى أكبر كابوس يواجهونه في حياتهم. الأعراس، رمضان والدخول المدرسي تلغي مشروع العطلة اضطرت الكثير من العائلات الجزائرية إلى إلغاء مشروع العطل، وذلك تبعا لعدة أسباب نذكر منها الأعراس، فهي تتطلّب تحضيرات خاصة ومصاريف كثيرة سواء كانت العائلات التي تحتفل بالزفاف أو أقربائهم. هذا ما تحدثت عنه السيدة منال التي ستحتفل عائلتها بزفاف أختها، ما سيكلفها مصاريف كثيرة من الهدية إلى اقتناء الثياب المناسبة والمساهمة في بعض المصاريف، ما جعلها تلغي عطلتها التي كانت تمضيها في كل مرة في ولاية من ولايات الوطن. يختلف الأمر كثيرا عند السيد نجيب فمصاريف رمضان والعيد، ثم الدخول المدرسي اضطرته إلى إلغاء مشروع التعطيل لخمس سنوات على التوالي، هذا الموضوع يقلقه كثيرا ويسبب له إحراجا كبيرا مع أبنائه لأنه قضى على أحلامهم التي ينتظرونها كل صيف. وهي نفس العوائق التي اشتكى منها الكثيرين نظرا لتزامن هذه المناسبات في كل مرة مع بعضها. عائلات لا تعرف عن العطلة سوى الارتفاع في درجات الحرارة في الوقت الذي تستمتع فيه الكثير من العائلات الجزائرية بعطل صيفية على الشاطئ، نجد أخرى لا تعرف عن فصل الصيف سوى انقطاع أبنائها عن الدراسة والارتفاع المحسوس في درجة الحرارة. هذا ما عرفناه من سمير 15 سنة، حيث إنه يعيش في عائلة متواضعة لا تتمكّن من قضاء العطلة في مكان ما، فالجلوس في البيت هو ما يفعلونه طوال أيام الصيف الحارة، فهم لا يستطيعون حتى زيارة البحر ليوم في الأسبوع، هذا الأمر جعل سمير يضحك بمجرد سؤالنا له عن مكان قضائه للعطلة الصيفية. هي فئة معتبرة من الجزائريين الذين لا تسمح لهم ظروفهم حتى بشراء مثلجات قد تخفف من حدّة الحرارة. ومن عائلة لأخرى تبقى عطلة نهاية السنة مشروعا يتطلّب التحضير والتخطيط على مدار السنة، خاصة إذا تعلق الأمر بعائلات وأطفال عملوا خلال سنة كاملة وبذلوا أقصى ما لديهم من جهد.