"الفجر" تسأل مرشحي الرئاسة السابقين "ماذا أنتم فاعلون لو كنتم في الحكم بدلا من مرسي؟" وصفت سياسة الرئيس محمد مرسي، الذي يعتبر أول قيادي إخواني يتولى منصب رئيس الجمهورية في العالم العربي، بعد أسبوعين من توليه للمنصب، بأنها أقرب إلى ”الاستعراضية” وتحكم حجم رغبة الإخوان في تولي السلطة التي قادوا من أجلها العديد من معارك منذ حوالي قرن من الزمن، قبل أن يتحقق لهم ذلك مع موجة ”الربيع العربي”، فبعد أسبوعين من توليه للمنصب، أجمع المراقبون على وصف الرئيس مرسي بالعنتري والاستعراضي وحتى الاستشهادي، وذلك بالنظر إلى خرجاته الإعلامية والسياسية وقراراته التي كان يحاول عكس قدرته على مواجهة المؤسسة العسكرية المصرية مستقويا بسلطة الشارع. يؤكد أنصار مرسي أن الحكم على مستوى أدائه الرئاسي بعد أسبوعين من تعيينه رئيسا للبلاد، يعتبر نوعا من الظلم للرئيس الجديد الذي جاء على أطلال دولة مصرية عمل على تدمير بنيتها التحتية نظام استبدادي حكم مصر 32 سنة، وهو ما يعني بحسب تصريحات كبار القيادات الإخوانية مهمة قد تقترب إلى الاستشهادية في سبيل الوطن، خصوصا في ظل الصراع على السلطة التشريعية التي استولى عليها المجلس العسكري قبل 48 ساعة من انتخاب الشعب المصري لمرسي رئيسا، كما يقول إبراهيم منير مسؤول التنظيم العالمي للإخوان في الغرب والصديق المقرب للرئيس محمد مرسي: ”إن مهمة الرئيس المصري تعد ”استشهادية”، و”فمرسي رئيس مصري منتخب يواجه تحديات تراكمت خلال عقود من حكم مبارك، والتي كان فيها الولاء لشخص الحاكم مقدما على الولاء للوطن وللشعب فترسخت ما يطلق عليه الآن ”الدولة العميقة”. وفي وقت يجاهد فيه الإخوان باستماتة للدفاع عن الرئيس مرسي للتأكيد على أن مهلة ال100 يوم لم تنقض بعد حتى يتحدث معارضوه عن أداء مرسي، كان لخبراء القانون المصري موقف مغاير وأكثر حزما تجاه قرارات مرسي التي وصفت بأنها محاولة للقفز على سلطة الدستور، تفسر قصور الوعي السياسي لدى الرئيس المصري الجديد، كما قال المستشار زكريا عبد العزيز، رئيس نادي قضاة مصر الأسبق، في تعليقه على قرارات مرسي: ”إنه يسير الأمور بهوى شخصي”. كما اعتبر قرار مرسي ضد حكم المحكمة الدستورية خطوة خطيرة في مسيرة احترام سيادة القانون بطريقة تجاوزت استبداد نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي يحسب له احترامه لقرارات المحكمة الدستورية بشكل دائم، حتى عندما تعلق بإصدارها لقرارات لا تتماشى مع قناعته السياسية، وكان ذلك لخمس مرات أصدرت فيها المحكمة الدستورية أحكاما بخصوص مجلس الشعب والحزب الوطني المحل دون أن يتدخل مبارك بقرارات جمهورية لعرقلة قرار المحكمة الدستورية. وبشكل عام، يعتبر الظهور الإعلامي لمرسي خلال ال15 يوما الأولى منذ توليه منصب الرئيس يعكس رغبة لديه في إبراز قدرته على تحدي المؤسسة العسكرية، خصوصا أنه يعتبر الرئيس الإخواني الأول في تاريخ العالم العربي الذي يتمكن من الوصول إلى منصب رئيس الجمهورية. حالة ”استعراضية” التي بدا عليها مرسي كان بإمكانها أن تحقق الكثير من الدعم الشعبي له لو تقدم بقرار جمهوري للعفو عن المعتقلين من ”شباب الثورة”، هذا ما تؤكد عليه تحليلات المراقبين التي تواردت للحديث عن عدم ارتداء مرسي للواقي ضد الرصاص خلال خطابه الأول للشعب المصري في ميدان التحرير، مصنفة تلك الخرجة الإعلامية له ضمن الاستعراض السياسي الذي استرسل فيه مرسي محاولا إبراز عضلاته السياسية حتى وصل إلى إصدار قراراه الجمهوري لإلغاء حل البرلمان، وهو القرار الذي فشل مرسي في تمريره في نهاية المطاف، ليجد نفسه ملزما بإصدار بيان جمهوري أعلن فيه احترامه لحكم المحكمة الدستورية العليا بإيقاف القرار الجمهوري بعودة مجلس الشعب لممارسة أعماله. ولجأ مرسي الذي تراجعت شعبيته بعد أن بدا ”تخبطه” السياسي واضحا جدا تجاه ملف أزمة البرلمان، إلى إعداد مشروع إعلامي لكسب مشاعر الشعب المصري خصوصا مع اقتراب شهر رمضان الذي تتوجه فيه أنظار المواطنين إلى جيوبهم وحالتهم الاقتصادية. وقد قرر مرسي أن يخاطب الشعب المصري لمدة خمس دقائق كل يوم عبر برنامج إذاعي من إعداد شبكة رصد الإخبارية التابعة للإخوان وتحت عنوان ”الشعب يسأل والريس يجيب”، يرد فيه الرئيس محمد مرسي علي استفسارات ومشاكل وقضايا المصريين. علال محمد ”الفجر” تسأل مرشحي الرئاسة السابقين ”ماذا أنتم فاعلون لو كنتم في الحكم بدلا من مرسي؟” كيف ينظر مرشحو الرئاسة السابقون لكرسي الحكم مع اتساع دائرة الصراع السياسي بين كرسي رئيس الجمهورية وقلادة المجلس العسكري التي لا تزال تحتفظ لنفسها بالسلطة التشريعية، بعدما فشل الرئيس محمد مرسي في افتكاكها ومنحها لمجلس الشعب بقرار جمهوري، هو السؤال الذي حاولنا نقله إلى المرشحين السابقين لرئاسة الجمهورية. في وقت التزم معظم المرشحين السابقين لرئاسة الجمهورية المصرية الصمت وابتعد الكثير منهم عن الظهور الإعلامي والسياسي، سجل المرشح السابق حمدين صباحي حضورا سياسيا وإعلاميا بارزا عبر طرحه لمبادرة الخروج من الأزمة والتي قدمت خلالها حزمة من المقترحات للخروج بالبلاد لوضع أكثر استقرارا وأمانا. وأوضح حمدين في اتصال هاتفي مع ”الفجر” أنه يشدد على ضرورة احترام قرارات القضاء لمنع تمرير سيناريو الفوضى والصراع بين مؤسسات الدولة، موضحا أن الخطة التي أطلق عليها اسم ”مبادرة احترام القضاء الوفاق الوطني” تأتي في إطار الحل الوحيد لتحقيق أهداف ”ثورة 25 يناير” كما قال: ”لا يمكن حل الخلافات السياسية عبر تجاوز الحدود القانونية، فالخلافات السياسية تحل بالسياسية وليس عبر خرق القانون”. وأضاف: ”هناك العديد من القضايا التي يجب النظر فيها الآن بدل فتح أبواب صراعات جديدة”. وقال المرشح السابق أبو العز الحريري في اتصال مع ”الفجر” إن الصراع الحقيقي في مصر الآن هو بين تجاذبات سياسة الإخوان والسلفيين، وهي ذات بعد أيديولوجي ديني وبين المجلس العسكري الذي يرفض تسليم السلطة”. ويوضح الحريري أن تلك الصراعات هي على حساب هوية الدولة المصرية، كما قال: ”مصر تمر بمرحلة صراع حقيقي الآن ولا بد أن يقود الرئيس المصري البلاد وفق مبدأ التوافق الوطني ودون إقصاء”. من جهته، المرشح السابق خالد علي والذي عاد إلى مهمة المحاماة بعد خسارته، فقد أكد أن ملف المعتقلين والمدنيين الذين تتم محاكمتهم عسكريا هو أهم الملفات التي يجب أن يتحدث عنها الرئيس، كما قال: ”نحن ضد عسكرة الدولة المصرية بلا شك ولا بد أن تكون للرئيس صلاحيات كاملة كي يمارس مهامه، لكن ليس على حساب القضاء الذي لا يجب أن يظل المؤسسة الأولى في مصر، ولهذا فإن محاكمة المدنيين عسكريا يعد خرقا للقانون وسلطة فوق سلطة القضاء المصري”. كما حاولت ”الفجر” الاتصال بالمرشح السابق أحمد شفيق الذي كان يوصف بأنه المرشح الأكثر جدلا، إلا أنه تعذر علينا الحصول على تصريحات مباشرة منه نظرا لتواجده خارج مصر لأداء مناسك العمرة، كما أكدت لنا سها الشرقاوي. علال محمد ”ميادين الثورة” تنقسم مجددا وتشتت المصريين أزمة البرلمان تفجر حربا باردة بين الإخوان والليبراليين منذ تولي محمد مرسي منصب رئيس الجمهورية في مصر، غابت العديد من الشعارات عن المشهد المصري، ومن أبرز الشعارات التي لم تعرف طريقها إلى ميدان التحرير، أمس، شعار ”الشعب والجيش إيد واحدة”، كما غاب شعار ”مسلمين مسيحين إيد وحدة”، وهو شأن الشعارات التي ظلت تتحدث عن توحد جهود الشعب المصري بمختلف أطيافه السياسية في مواجهة النظام المصري السابق. مع صعود تيار الإخوان، أصبح الإخوان يصفون كل المتظاهرين ضد مرسي وكل من يرفض توجه الإخوان نحو عدم حل البرلمان ورفض قرارات المحكمة الدستورية بأنهم ”أقلية صامتة”، كما بدا اهتمام وسائل الإعلام ذات التوجه الإخواني بالمظاهرات المنددة بتخبط الرئيس المصري الجديد في قراراته تجاه مجلس الشعب ضعيفا جدا.واتسعت هوة الخلاف في مصر بين التيارات السياسية الليبرالية والاشتراكية وحتى القبطية، وبين تيار الإخوان المطالب بعودة مجلس الشعب للعمل، وبدا ميدان التحرير، أمس، حكرا على جماعة الإخوان والسلفيين المطالبين بعودة عمل مجلس الشعب تحت ما أطلق عليه ”جمعة الصمود” التي هجرتها التيارات الليبرالية، بينما فشل أنصار المجلس العسكري في التظاهر في ميدان التحرير. وطالب المتظاهرون في ميدان التحرير بإسقاط الإعلان الدستوري المكمل، الذي أصدره المجلس العسكري الشهر الماضي، وإبعاد المجلس العسكري عن الحياة السياسية، ورفض ما أسموه ب”تسييس” القضاء المصري، وكان من أبرز المشاركين في مليونية أمس هم جماعة الإخوان المسلمين، والجماعة الإسلامية، والجبهة السلفية، والجبهة الوطنية، وحركة 6 أبريل، ومجلس أمناء الثورة، وأنصار الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، وأحزاب الحرية والعدالة، والأصالة السلفي والبناء والتنمية. وعلى الجانب الآخر، أعلن عدد من الأحزاب والقوى الثورية الأخرى عدم المشاركة في مليونية أمس، ومن بينها أحزاب التجمع، والمصريين الأحرار، والوفد، والاشتراكي المصري، بالإضافة إلى العديد من الأحزاب والحركات الليبرالية واليسارية. علال محمد .. وإسرائيل تراقب أداء محمد مرسي نشرت صحيفة ”فاينانشيال تايمز” البريطانية مقالا لوزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، تسيبي ليفني، عن التغيير في الشرق الأوسط، قالت فيه إنه سواء ”كنا” نواجه ربيعا عربيا أو شتاء إسلاميا، فإن هذا الأمر يعتمد بشكل كبير على الرئيس محمد مرسي، وأيضا على كيفية تعامل المجتمع الدولي معه. وترى الوزيرة الإسرائيلية السابقة أن الدعويين اللتين تم إرسالهما إلى القاهرة، الأولى لحضور مؤتمر حركة عدم الانحياز في طهران الشهر المقبل، والثانية للقاء الرئيس باراك أوباما تجسدان مفترق الطرق الذي تواجهه مصر. وتمضي ليفني قائلة: عندما نزل المصريون إلى ميدان التحرير، انقسم العالم إلى قسمين، جانب وقف مع من رأوا الحرية والديمقراطية تسود في الشارع العربي، وجانب آخر يتجسد في هؤلاء الذين ينظرون بعين الريبة، وربما السخرية، ويرون أن النتيجة التي لا مفر منها هي صعود الإسلاميين المتشددين. ولم تكن تلك الآراء المتناقضة شديدة في أي مكان أكثر من إسرائيل. وبعد مرور عام، فإن القصة لم تنته بعد، فمع انتخاب مرسي، تقول ليفني إنها واثقة من القول إن كلا من المتفائلين والمتشائمين لم يكونوا على صواب، وتوضح مقصدها قائلة: صحيح إنه مرشح حركة إسلامية معارضة تتبنى قيما قديمة ومناهضة لليبرالية، على حد تعبيرها، إلا أن السياسة المصرية شديدة التعقيد لنا، أي الإسرائيليين، لدرجة لا يمكن معها وصف النظام الجديد في البلاد ببساطة بأنه إسلامي.