منذ عقدين من الزمن قرأت موضوعا قصيرا جدا لشيخ المؤرخين الجزائريين الأستاذ الدكتور أبو القاسم سعد الله يذكر فيه أن القوات الفرنسية لدى احتلالها للجزائر العاصمة وتمكنها منها سخرت عددا كبيرا من البغال والحمير لنقل الأموال و المعادن الثمينة التي وجدتهافي خزائن حكام الجزائر واستمرت عملية النقل بضعة أيام، مما يعني أن الجزائر كانت غنية وغنية جدا لما غزتها فرنسا واحتلت أراضيها ويذكر كثير من المؤرخين أن غالبية الشعب الجزائري قبل الاحتلال كانت متعلمة تعليما تقليديا وجاءت فرنسا الاستعمارية لتفقير شعبنا وتجهيله وجعله في مرتبة دنيا وهذه "المزية" الوحيدة التي تحسب لفرنسا في الجزائر، أما دورها الإيجابي فهو في عقول وأذهان المتشبعين بالفكر الكولونيالي ومن والاهم من "إخواننا" الذين مازلوا مرتبطين أشد الارتباط بالضفة الأخرى من المتوسط والذين يريدون إقناعنا على أن إيجابيات الاستعمار كثيرة ويريدون إرغامنا على البقاء تبّعا لفرنسا إلى يوم الدين. اليوم حين يطالب بعض عناصر "الأقدام السوداء" باسترجاع "ممتلكاتهم" في الجزائر فإنهم فعلوا ذلك بعد حالات الصمت والارتباك اللذين لاحظوهما لدى المسؤولين الجزائريين، الذين، عوض أن يطالبوا فرنسا بالتعويض عن استعمارها للجزائر وبدل أن يطالبوها باسترجاع كل الأموال التي نهبتها نراهم منكفئين مترددين وكأن الأمر لا يعنيهم... وليس بدعا ولا عجبا إذا ما تنافس بعض المسؤولين عندنا في الدفاع عن حق الكولون والأقدام السوداء في استرجاع أموالهم وأملاكهم ومزراعهم التي اغتصبوها قبل ذلك من ملاكها الأصليين بالقوة والتهجير والنفي.. وقاحة الفرنسيين المطالبين بتعويض أملاكهم وعقاراتهم يقابلها هوان جزائري وصمت أو "حياد" حكومي محير، وكأن فرنسا جاءت إلى بلدنا ذات صيف من سنة 1830 بطلب من الجزائريين وبمحض إرادتهم... أيها المسؤولون الجزائريون تصروفوا بما يرضي الشعب قبل أن تلحقكم لعنة الشهداء والأجيال القادمة..