تفاقمت مؤخرا خلافات المعارضة السورية، مهددة معها مهمة المبعوث الأممي الجديد، الأخضر الإبراهيمي، بالفشل، وذلك أياما فقط من انطلاقها، وسط أجواء سياسية وأمنية جد ”مشحونة” بالخلافات على جميع الأصعدة الدولية والداخلية، منذرة بفشل مهمة الإبراهيمي الذي يسعى للحوار بين المعارضة والن، بينما اتهم ”المجلس الوطني السوري” أعضاء ”هيئة التنسيق” الذين رفعوا هذا المطلب في اجتماعهم الأخير في القاهرة ب”الخيانة”. رغم حالة الانقسامات الحادة والاختلاف في وجهة النظر بين مختلف أطياف المعارضة السورية حول جدوى التدخل العسكري لحسم المعارك في سوريا، إلا أنها شكلت إجماعا عاما حول فشل مهمة المبعوث الأممي الجديد إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، ولم يتوقف المجلس الوطني السوري عند حد التصعيد ضد هيئة التنسيق والتقليل من أهمية نجاح الحلول السياسية للأزمة السورية، بل مضى إلى التشيك في نوايا المبعوث الأممي الجديدق إلى سوريا الذي قال أن الحديث عن رحيل الرئيس بشار الأسد أمر سابق لأوانه، وهو ما دفع بالمجلس الوطني السوري لمطالبة الإبراهيمي بالاعتذار للشعب السوري عن تلك التصريحات الإعلامية التي أطلقها عقب تعيينه خلفا لكوفي عنان باعتبارها تصريحات استفزازية للشعب السوري. وقال الإبراهيمي عن مهمته أنه سيمضي فيها طرح فكرة الحوار والاستماع إلى جميع أطراف الصراع وفق مبدأ التوافق الدولي، كما يؤكد المراقبون أن إمكانية نجاح الإبراهيمي الذي يحاول اقتحام الأزمة السورية بمبادرة سبق وأن شكلت خلافات واضحة بين المعارضين السوريين أنفسهم أن أسست فكرة الحوار لموجة من الانشقاقات لمعارضين بارزين من ”المجلس الوطني السوري”، رغم ما يحظى به من اعتراف كبيرة من العديد الدول. وحول مبادرة الحوار التي طرحتها ”هيئة التنسيق ”التي تشكل إحدى فصائل المعارضة السورية المطالبة برحيل النظام السوري الذي يتزعمه الرئيس بشار الأسد، فقد أصدر المجلس الوطني السوري بيانا تسلمت ”الفجر” نسخة منه يكشف مدى صعوبة تطبيق الحلول التي تدعو إلى الحوار بين النظام والمعارضة السورية. ووصف بيان المكتب الإعلامي ل”المجلس الوطني السوري” في تركيا المذكرة التي أصدرتها ”هيئة التنسيق الوطني في القاهرة والتي تضمنت مبادرة خاصة بالأزمة في سوريا دعت فيها إلى ”هدنة مؤقتة بين جميع الأطراف التي تمارس العمل المسلح”، بأنها خروج عن الإجماع الوطني. كما اتهم البيان هيئة التنسيق التي تسعى إلى إطلاق عملية سياسية تقوم على التفاوض بين قوى المعارضة والنظام السوري قبل أيام من استئناف المبعوث الأممي الجديد الأخضر الإبراهيمي مهمته في سوريا، بأنها محاولة من هيئة التنسق للمساواة بين الضحية والجلاد على حد وصف بيان المجلس الوطني السوري. الإجماع العام لدى المعارضة السورية حول فشل مهمة الإبراهيمي بدا واضحا من خلال تصريحاتهم وتعليقاتهم على لغة الإبراهيمي الدبلوماسية تجاه الأزمة السورية، وهي اللغة التي وصفتها المعارضة السورية مرح البقاعي بأنها تنذر بتدهور الأوضاع في سوريا ولن تؤدي إلى وقف ”حمام الدم”، كما قالت: ”الإبراهيمي يسمّي ما يدور في سوريا ”حرباً أهلية يسعى لإيقافها” دون أن يبيّن أن في سوريا ثورة شعبية حقيقية تقابل بقمع حكومي ممنهج ودموي”. وأضافت: ”المقلق للغاية أن الإبراهيمي يرفع خلال حديثه صفة ربيع الثورات حين يقول ”ما سُمّي الربيع العربي لا أعرف إذا كان بعد اليوم ربيعاً أم لا”! ما سمعته من الإبراهيمي يبشّر بقفزة إلى الوراء على المستوى الدبلوماسي”. وأمام حالة المد والجزر في المواقف الدولية حول جدوى التدخل العسكري في سوريا وإدانة النظام السوري، لم يتردد الأخضر الإبراهيمي في إعلان تبرؤه من الموقف الجزائري المتحفظ تجاه الأزمة السورية، كما قال الإبراهيمي في أول مقابلة تلفزيونية له بعد تعيينه مبعوثا أمما إلى سوريا: ”أنا جزائري وأفتخر بذلك، ولكن علاقتي مع النظام الجزائري انتهت منذ نحو عشرين عاما، أي عند آخر منصب وزاري تقلدته سنة 1993”. وأضاف: ”لا علاقة لي بالموقف الجزائري وأنا أقوم بمهمتي الآن بصفتي الأممية”. ويسعى المبعوث الأممي الجديد إلى تمرير سيناريو الحوار الوطني العام وإقناع المجتمع الدولي بالحديث بصوت واحد تجاه الأزمة السورية، وسط ارتفاع التقارير الأمنية التي تشير إلى تدهور الوضع الأمني في سوريا والتي انعكست على ملامح الرئيس بشار الأسد خلال خرجته الإعلامية الأخيرة لأداء صلاة العيد، إلى درجة الارتباك وإلقاء السلام قبل أن يختم الإمام الصلاة. وتم تعيين الإبراهيمي خلفا لعنان المستقيل بسبب فشل مبادرة الحوار بسبب الموقف الروسي والصيني الذي يصر على دعم الرئيس بشار الأسد، بينما تصر الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا على رحيله، كما أن هناك العديد من التنظيمات المعارضة للنظام السوري التي ترفض فرض الحظر الجوي على سوريا لما يحمله من دلالات واضحة للتدخل الأجنبي في سوريا، مع إصرار النظام السوري على وصف مسلحي المعارضة بالإرهابيين الذين يحملون أجندات أجنبية بما يعطي الضوء الأخضر للجيش السوري النظامي للقضاء عليهم بكل الطرق.