علمت ”الفجر” من مصادر مقربة من ملف محاكمة خالد نزار في سويسرا، أنّ الرئيس بوتفليقة أمر بتشكيل لجنة خاصة مشكلة من دبلوماسيين ورجال قانون من أجل متابعة قضية اللواء المتقاعد خالد نزار، وذلك على خلفية القضية المرفوعة ضده أمام القضاء الفيدرالي السويسري. يرتقب أن تباشر هذه اللجنة متابعتها لقضية الجنرال خالد نزار في غضون الأيام القليلة القادمة، إذ ستشرع في اتصالات رسمية مع الحكومة السويسرية، وذلك على خلفية التدخل الشخصي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. وتضيف مصادرنا أن الرئيس يكون قد وضع أحد المستشارين المقربين منه على رأس هذه اللجنة التي من الممكن أن تضم، بالإضافة إلى هذه الشخصية التي رفضت الكشف عن اسمها، المحامي فاروق قسنطيني وعددا من الشخصيات القضائية البارزة في الجزائر. وقد أكد الرئيس بوتفليقة على ضرورة حل القضية بهدوء ودون إثارة أي ضجة، كون الرئيس حريص على أن تحل هذه المسألة بطريقة سلسة نظرا للعلاقات الجيدة التي تربط البلدين. ويأتي تحرك الطرف الجزائري إزاء قضية الجنرال خالد نزار، بعدما أبلغت وزارة الخارجية السويسرية المجلس الفدرالي بخطورة الخطوة التي قامت بها تجاه اللواء المتقاعد خالد نزار، واعتبرت الوزارة في رسالة وجهتها الى المحكمة أنّ محاكمتها للجنرال يعدّ تدخلا واضحا في شؤون دولة أجنبية تربطها بسويسرا علاقات اقتصادية هامة. واعتبر ذات البيان أن القضية المرفوعة ضدّ نزار مرفوضة قانونيا لكونها قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على الدولة السويسرية وعلاقاتها مع الجزائر، خاصة وأنّ الجزائر يمكنها أن ترفع دعوى قضائية ضد الدولة السويسرية لدى محكمة العدل الدولية، في حالة ما واصل المجلس الفدرالي السويسري المضي في تحرّشه على وزير الدفاع الجزائري السابق، بالإضافة إلى أن هذه القضية ستمس بمصالح سويسرا مع الجزائر. على صعيد آخر، وجّه عدد من الحقوقيين البارزين في سويسرا تنديدا للمحكمة على خلفية ذات القضية، واعتبر هؤلاء وعلى رأسهم المحامي السويسري البارز مارك بونان أنّ هذه المحاكمة تعد انتهاكا صريحا لشؤون دولة أجنبية أخرى، وكتب بونان مقالا نشرته الصحافة السويسرية بحر هذا الأسبوع، يقول فيه أن”تدخل قضاء بلاده في قضايا خارجية لا تعني سويسرا ولا مواطنيها في الخارج، يعد تطبيقا اعتباطيا للقانون المعدل في أول جانفي 2011 الذي يسمح في حالات معينة، للقضاء السويسري بمعاقبة جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية التي ترتكب في الخارج”، واستشهد المحامي بالقرار الصادر عن المجلس الفدرالي السويسري بإعلان اختصاصها، دون أي سند قانوني يذكر، كما لم يجد بونان أي مبرر قانوني أو أخلاقي لتدويل القضاء السويسري وادعاء الاختصاص الدولي، وعلق على هذه القضية بالقول ”عدالتنا لا حدود لها، لا زمانية ولا مكانية ظلت تتخبط بكل حرية وبلا قيد في قضايا لا تخصها فالقضاة الفدراليون عندنا - يضيف بونان - يهذون وهم يتهافتون للظفر باعتراف دولي باختصاصهم”، كما وصف تدخل المحكمة السويسرية في هذه القضية بالتدخل في شؤون الدول الأجنبية تحت ذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان ب ”وجه من أوجه الاستعمار الجديد”. يذكر أن السلطات القضائية السويسرية قد أخضعت اللواء المتقاعد خالد نزار لمساءلة دامت 36 ساعة بسويسرا في أكتوبر الماضي، على خلفية اتهامات وجهت له لكونه كان يشغل منصب وزير الدفاع في المرحلة التي تم فيها تعذيب المدّعي وهو أحد أعضاء جبهة الإنقاذ الإسلامية المحظورة في التسعينيات، وغادر اللواء سويسرا بعد ذلك دون أي مشكل والتزم بالتعاون مع القضاء السويسري خلال مجريات التحقيق، لكنه عدل عن موقفه على ضوء القرار الذي صدر عن المحكمة الفدرالية مؤخرا والذي اعتبره اللواء ”حكما سياسيا لا يمت إلى القانون بصلة وضربا من التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر”.