مما لا شك فيه أن الشيب لدى الإنسان شيء طبيعي يحدث بتقدمه في السن، وذلك بتغير اللون الطبيعي للشعر واستبداله بالأبيض. وفي الوقت الذي يشاع أن هذه العملية متعلقة بالمتقدمين في السن نجد أن العديد من الحالات قد شابت وهي في سن جد متقدم من حياتها، ف20 بالمائة من الشبان و5 بالمائة من الصغار يصابون بهذا الخلل البيولوجي الذي قد يؤثر على مسار حياتهم. ظهور بضع الشعيرات البيضاء عند الشبان قد يكون طبيعيا وغير ملاحظ لدرجة أن الكثيرين من هؤلاء يستسيغون الأمر ولا يعتبرونه مقلقا، غير أن اشتعال الرأس شيبا وهو في ريعان الشباب لدرجة عدم تمييز الشعر الأسود يقلق الكثيرين ويوترهم. وفي انتظار الإجابات الشافية من طبيبهم يواجه الكثيرون العديد من المشاكل النفسية، لاسيما إذا تعلق الأمر بالفتيات. فريد، 25 سنة، يعاني من الشيب المبكر منذ أن كان في سن المراهقة، وهو الأمر الذي طالما سبب له ضغطا نفسيا كبيرا، فقد كان يرى نفسه غير طبيعي بين رفاقه، ما أشعره أنه قد هرم رغم صغر سنه.. على الرغم من أن تفسير الطبيب لحالته مرتبط بعوامل وراثية، ولا يقتصر ظهور الشيب المبكر على المراهقين أو الشباب فحسب، فالكثير من الأطفال الذين لم يبلغوا سن العاشرة تعرضوا للإصابة بالشيب.. وهي حالة مراد، الذي اشتعل رأسه شيبا وهو لايزال في الرابعة ابتدائي. وفي ذات السياق تقول والدته إن ظهور الشيب في حالة ابنها راجع لخلل في الخلايا المنتجة لمادة الميلانين المسؤولة عن اللون الطبيعي للشعر، مضيفة أن الطبيب قد أكد لها عجز العلماء عن إيجاد حل لمشكلة ابنها لاستحالة تغيير نشاط الخلايا. لظهور الشيب أسباب بيولوجية عن ظهور الشيب من الناحية البيولوجية، تقول الدكتور بهلول مريم، المختصة في الأمراض الجلدية، أنه ناتج عن تكاثر الخلايا المتقدمة في العمر، والتي تدفع الخلايا الشابة وتحتل مكانها، ما يؤدي إلى ظهور جزء أبيض من الشعر قريب من فروة الرأس، إضافة إلى توقف هذه الخلايا الملونة عن تصنيع مادة الميلانين المسؤولة عن لون الشعر. وعن عوامل ظهوره، تقول ذات المتحدثة إنه من العادة أن يبدأ ظهور الشيب على جانبي الرأس انطلاقا من الجذور، ثم يبدأ في الانتشار إلى وسط الرأس، مؤكدة أن الشعر الذي يملأ مؤخرة الرأس قلما يتعرض للشيب لما تبديه من مقاومة للشيب. وفي حالات أخرى ينتشر الشيب في شكل حلقات دائرية ليغطي تدريجيا فروة الرأس، ولا يقتصر على الجذور وإنما يطول معها. أما عن باقي الشعر الذي يكون في مختلف مناطق الجسد فنادرا ما يتغير لونه إلى الأبيض. للعوامل النفسية دخل في الأمر أكدت الدكتورة بهلول مريم، أن هناك حوالي 5 بالمائة من الحالات النادرة ينتشر فيها الشيب بسرعة بمجرد ظهوره لدى الصغار، وأضافت أن 20 بالمائة من الشبان يعانون من هذه المشكلة التي تنتشر في فترة زمنية قصيرة. وعن تفسير هذه الحالات، تقول محدثتنا إن مثل هذه الحالات كانت قيد الدراسة التي أثبتت أن الانتشار السريع للشيب هو في الحقيقة نتيجة تعرض الفرد لنوبات عصبية وضغط نفسي شديد. كما تبين أن الشد العصبي العنيف ونوبات الخوف والفزع الكبير المفاجئ تؤدي إلى ظهور الشيب رغم صغر سن الفرد الذي تعرض له، وتزداد سرعة انتشار الشيب باستمرار تلك النوبات العصبية. أما عن تلك الحالات النادرة فيفسرها بكونها راجعة إلى الانتشار السريع لنوعية من الخمائر التي تملك قدرة عالية على أكسدة كمية الميلانين في الشعر بسرعة فائقة، ويتم إنتاج هذه الخمائر في الدم نتيجة الاضطرابات النفسية، ما يفسر حدوث شيب سريع الانتشار. كما توجد حالات نادرة تعرضت لحوادث خطيرة مما أدى عند بعضهم إلى انتشار سريع قد يكون في بضعة أيام. وهذه الحالات في الحقيقة - حسب نفس المتحدثة - يصعب إيجاد تفسير علمي لها. وفي تعدادها لأسباب الشيب المبكر، جاء العامل النفسي على رأس القائمة إضافة إلى تقدم عمر الخلايا، الضعف البدني وأمراض الجهاز الهضمي، النمط الغذائي الذي يكون ناقصا من حيث بعض المواد مثل الفيتامين ب، وكذا نقص العناصر الغذائية وكذا فقر الدم، إضافة إلى أمراض فروة الرأس وقشور الشعر. كما ذكرت الوراثة كعامل يفرض نفسه ويؤدي إلى ظهور الشيب المبكر رغم صغر السن، وترجع ذلك لطبيعة الخلايا المفرزة لصبغة الميلانين والتي يتم توريث تركيبتها للأبناء. وأشارت الدكتورة مريم بهلول، من خلال حديثها، أن علاج الأسباب التي أدت إلى الشيب المبكر يكون بالاهتمام بالصحة العامة للفرد، عموما نظافة الشعر خصوصا وتغذيته بالمواد الطبيعية، كما يجدر العمل على تدليك فروة الرأس مع التركيز على الأغذية النباتية.