شد انتباهي وأنا أحلّ ضيفا على مدينة الألف قبة وقبة بالوادي بدعوة كريمة من دار الثقافة، وناديي مرافئ وفنون، هذا التنافس العجيب في النشاط الثقافي، وهذا التسابق من أجل إقامة الملتقيات الأدبية والفكرية والمهرجانات الفنية الغنائية. وأثار إعجابي ما تقوم به مديرية الثقافة ودار الثقافة محمد الأمين العمودي بالوادي من طبع مؤلفات كتاب وأدباء المنطقة والاهتمام بإبداعاتهم، ولعل البيئة فرضت على القائمين مسايرتها وتلبية حاجياتها من مادة ثقافية في نشاط مكثف طيلة السنة، حتى أن ركح دار الثقافة لا يستريح من نشاط إلا ليستقبل نشاطا آخر، ثم أن أغلب الجمعيات الثقافية الولائية والوطنية والنوادي العلمية والفكرية الموجودة عبر تراب الولاية تفرض حضورها بالمبادرات التي تقدمها، أو بالبرامج التي تسطرها على مدار السنة، جمعيات تهتم هي الأخرى بالإصدارات فتقدم للنشر كل ما تراه جادا وصالحا ومفيدا من ملتقياتها، وتضعه بين أيدي القراء المتعطشين لمثل هذه الأعمال والذين لم تسعفهم الظروف للحضور الشخصي لمثل هذه النشاطات. والجميل في ولاية الوادي حقا أن للكهول والشيوخ مكانة كبيرة محترمة في المشهد الثقافي السوفي، حيث أن كثيرا من الجمعيات يترأسها رجال بلغوا من العمر أنضجه ومن الفكر مداه وأوجه ما جعلهم قدوة للشباب المثقف وأسوة حسنة للعاملين في الحقل الفكري والأدبي... فالرابطة الولائية للفكر والأدب يترأسها الأديب الكبير بشير خلف الذي يعتقد من يتابع نشاطه عبر وسائل الإعلام الورقية أو الإلكترونية أنه ابن العشرين، أما جمعية محمد العيد آل خليفة فيترأسها الشيخ عبد العزيز بلعبيدي، أحد تلامذة الشيخ محمد العيد، كما أن الجمعية الوطنية محمد الأمين العمودي اختارت أن يكون على رأسها المثقف المخضرم الهادي مناني، وجميع هذه الشخصيات تعرف بنشاطها الدؤوب رغم ثقل السنين وتعاقب الأيام مما يدفع الشباب لأن يعمل أكثر ويقبل على النشاط بحيوية أكبر... فتحية خالصة لمثقفي الوادي شيبا وشبابا، ومزيدا من التألق، وتنويه خاص لمسؤولي القطاع الذين يحاولون بكل جدية مسايرة بيئة ثقافية نشطة تتطلب جهودا مضاعفة...