لم يخجل شيخ ”الإسلام” الذي قيل لنا إن لحمه مسموم، ولم يستح وهو يوجه نداء من منبر الجمعة أول أمس، من قطر لشراء الذمم في مصر، من أجل التصويت بنعم لدستور مرسي. القرضاوي دعا سكان مصر الذين أنهكتهم الاضطرابات، وهزمهم الفقر والجوع، للتصويت ”بنعم” على دستور مرسي، وقطر مستعدة لضخ 20 مليار دولار كاستثمارات في مصر. هذا الدستور الذي ترفضه شريحة واسعة من المصريين الذين رأوا فيه أنه يكرس الانقسام ويقبر الدولة المدنية، يراهن شيخ قطر على فرضه بالتلويح بجزرة المال القطري، الذي لم يكف أنه صرف لهدم البلدان العربية وزرع في الشارع العربي السلاح والطائفية والتطاحن، ها هو اليوم يرصد لدعم خيارات قطر في مصر، لفرض الدولة الدينية وحكم المرشد على مصر الحضارة والتسامح. أليس من العار أن يضحك أمير قطر ومفتيه على مصائب الشعب المصري وفقرهم، ويسمح لنفسه بتخييرهم بين دستور مرسي والمال القطري، وبين خيار التصويت بلا والحرمان من الاستثمارات؟.. بأي حق تسمح قطر لنفسها بحشر أنفها في قضية خاصة بالشعب المصري وبمستقبله، وبحقه في حماية ثورته التي دفع مقابلها قوافل من الشهداء؟ ففي الوقت الذي تنادي فيه شخصية في حجم هيكل بالتصويت ب”لا” لدستور مرسي لأنه رأى فيه تراجعا عن ما حققه المجتمع المصري طوال تاريخه الطويل من مكاسب للإنسان المصري الراسخ في الحضارة، وقال إنه سيكون وبالا على مصر وسيفرق بين المصريين، وقالها صراحة للرئيس مرسي الذي طلبه للمشورة، لأن الدساتير - كما قال - لا تكتب على أساس الأغلبية وإنما بالتوافق بين كل أطياف الشعب، يخرج ”ڤراڤوز” القرضاوي ويراهن بالمبلغ الكامل، إما الدستور والاستثمار، وإما رفضه والجوع والفقر!؟ فأيهما ستختار مصر، التي دارت عليها الدوائر، وأصبحت موضوع قمار حمد بن جاسم، بناء المستقبل بإشراك كل طوائفها ورأب الشرخ الذي أحدثته تصرفات مرسي الرعناء ودستوره الذي لا يعدو كونه نسخة من أدبيات الإخوان المسلمين، أم تلتهم الطعم الذي ألقى به القرضاوي إلى المصريين؟! المصيبة أن الأخوة في قطر يعتقدون أن كل شيء للبيع، العرض والشرف والأصوات والمواقف، فقط يحدد أصحابه الثمن وقطر مستعدة للدفع! فمثلما دفعت للمعارضة السورية، وهدمت سوريا على من فيها، ومثلما مولت المعارضة في ليبيا، ومثلما اقتنت الريتيز واشترت الضواحي الباريسية، ومثلما دفعت لمصاحبة الكبار ودخول أنديتهم، ومثلما مولت الجماعات الإرهابية في شمال مالي التي تطبق الشريعة وتقيم الحد، وتأتي لتصوت في الأممالمتحدة على قرار لتدخل عسكري للقضاء عليها، فقطر مستعدة لتدفع وتدفع ولا بأس إذا كان الأمر يتعلق بدستور في مصر، وهي التي لا يعرف شعبها معنى الدستور ومعنى الديمقراطية ومعنى التصويت.