قال خبير الشؤون الاقتصادي كمال رزيق، أمس، إن ”خضوع” المفاوضين الجزائريين لشرط حصر الاستثمار في مجال تصنيع السيارات لصالح الشركة الفرنسية ”رونو” بأنها النقطة السوداء في كل الملف، من منطلق أن الطرف الفرنسي هو المستفيد الأول من خلال فرضه هذا البند في الاتفاقية على الرغم من الظروف الصعبة التي يعاني منها الاقتصاد الفرنسي ككل. وتساءل الخبير، في اتصال مع ”الفجر”، عن المنطلقات التي جعلت السلطات العمومية ”ترضخ” لإدراج شرط ”احتكار” سوق الاستثمار الجزائرية في مجال تصنيع المركبات التي لا تزال عذراء لحساب علامة واحدة لمدة ثلاث سنوات كاملة، ولم يجد لذلك تبريرا منطقيا إلاّ القول بضعف المفاوضين الجزائريين الذين ”يصرون” على ارتكاب نفس الأخطاء المقترفة في اتفاقيات اقتصادية سابقة على غرار اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن الضرورة قد ألزمتهم بعد عدة سنوات من مرجعة بنوده. وأوضح المتحدث بأن الجزائر والاقتصاد الوطني هما الخاسر الأكبر من جراء الالتزام بهذا الشرط في الاتفاقية، بينما تحكم العالم والعلاقات الاقتصادية مبدأ المنافسة بين المتعاملين، وهو الأمر الذي لن يطرح تبعا لذلك في مجال تصنيع السيارات بالإضافة إلى الآثار المترتبة عن ذلك على مستويات الأسعار والخدمة ونوعية المنتوج. وانتقد كمال رزيق تبرير الجهات الوصية هذا الموقف ”الغريب” بأن المفاوضات مع المتعاملين الآخرين المصنعين للسيارات، كما هو الشأن بالنسبة للعلامة الألمانية ”فولكس فاغن”، ستتواصل لمدة طويلة قد تصل إلى حدود الثلاث سنوات وهو ما يجعل حسب زعمهم الالتزام بهذا الشرط أمر واقع بصرف النظر عن فرضه في بنود الاتفاق، ووصفه بالشيء غير المقبول وب ”محاولة واضحة لايجاد منفذ لضعف المفاوضات والقائمين عليها”، وأكد أن بروز هذا الشرط لوحده سيؤثر على المفاوضات التي تخوضها الجهات المسؤولة مع متعاملين آخرين، حيث سيلجأ هؤلاء للبحث عن شركاء غير الجزائر قد تكون البلدان المجاورة، على اعتبار أن الشركات تبحث بالمقام الأول عن المشاريع المربحة من الناحية الاقتصادية، الأمر الذي يجعلها كما أضاف تفضل عدم ”المغامرة” في مفاوضات لدخول سوق لمتعامل منافس يملك فضل الأسبقية عليها لمدة ثلاث سنوات كاملة. ومن الناحية المقابلة، قال الخبير إن الاقتصاد الجزائري على الرغم من احتياجه إلى الشراكة مع مصنع ”رونو” إلى انه كان الطرف الأقوى في المفاوضات، باعتبار هذا الأخير أكثر حاجة إلى السوق الوطنية، ما كان يفترض عدم إدراج بند انفراده بالسوق الجزائرية وهو الشرط الذي لم تتمكن شركة رونو من فرضه على شركاء آخرين في وقت كانت أكثر قوة واقل حاجة إلى الاستثمار في دول أجنبية لانقاد نفسها من الإفلاس.