على إثر وفاة رئيس الجزائر الأسبق علي كافي، ومن باب التذكير بمسار ومواقف الفقيد ارتأينا إعادة نشر هذه الجلسة التي جمعتنا، قبل سنتين، مع الفقيد وهذه الحلقة الثانية للرجل الذي سجل اسمه بقوة في مسار تحرير الجزائر من ربقة الاستعمار. ما أريد أن ألقي عليه الضوء هنا هو هذا الاتهام المغلف بضلوع بوالصوف وبومدين في استشهاد عميروش وسي الحواس - رحمهم الله جميعا - إننا كنا مقبلين على اجتماع العقداء العشر، إثر استقالة وزير الخارجية لمين دباغين الذي همش في الحكومة المؤقتة بسبب التدخل في صلاحياته، وحدوث أزمة في الحكومة المؤقتة ستة أشهر بعد تكوينها، إثر هذه الاستقالة، لأنه بعد مؤتمر الصومام الذي أقر أولوية الداخل على الخارج، وعين لجنة التنسيق والتنفيذ، قامت هذه اللجنة نفسها التي أقرت المبدأ بالرحيل إلى الخارج، ولما خرجوا سقطوا في المشاكل التي سبق لهم إدانتها في مؤتمر الصومام، وزيادة على ذلك، انقلبوا هم أنسفهم من لجنة تنسيق وتنفيذ إلى حكومة مؤقتة، أي عينوا أنفسهم بأنفسهم، وكان عليهم حسب قرارات مؤتمر الصومام أن يأخذوا شرعيتهم من اجتماع المجلس الوطني للثورة، ولا يعينوا أنسفهم بأنفسهم في الحكومة المؤقتة. ولهذا عندما نشبت بينهم مشاكل في 1957 صفّوا زميلهم عبان رمضان، وعندما عاودت المشاكل استنجدوا بنا في الداخل لنفك الاشتباك بينهم، لأننا - نحن في الداخل - لم تكن بيننا مشاكل، بل كانت مشاكلنا مع الاستعمار، وكانت بعض مشاكلنا ناتجة عن تدخلاتهم هم غير الشرعية. استقالة لمين دباغين كانت بسبب التدخل في صلاحياته من جهة، وبسبب تنافره مع فرحات عباس من جهة أخرى، بسبب خلفيات سياسية سابقة على الثورة، وعندما استقال لمين دباغين في 15 مارس 1959 سقطت الحكومة، فبقيت القيادة في الخارج حائرة في أمرها، فقرر جناح منها بقيادة كريم بلقاسم استدعاءنا لفض الاشتباك، وعقد اجتماع العقداء العشرة، أي عقداء الولايات الخمسة، زائد قيادة أركان الناحيتين الشرقيةوالغربية، زائد الباءات الثلاث بوصوف، بن طوبال وكريم بلقاسم، وإعادة الشرعية لمؤسسات الثورة، وكان ذلك في بداية صيف 1959، لكننا عند وصولنا في أفريل، وقبل الاجتماع طلبنا من الباءات الثلاثة أن يأتونا بتفويض كتابي هم أيضا من الحكومة المؤقتة، مثلما طلبوا هم منا أن نأتيهم بتفويض كتابي من الولايات للتحدث باسمها. وجاءوا فعلا بالتفويض، ولهذا عقد الاجتماع المتكون من عقداء الداخل الخمسة، إذ مثّل أزوران الولاية الثالثة، الحاج لخضر الولاية الأولى، علي كافي الثانية، ومثل الرابعة سليمان دهيليس، المعروف بالصادق، وعن الخامسة العقيد لطفي، وعن الناحية الغربية بومدين، والناحية الشرقية محمدي السعيد، بالإضافة إلى الباءات الثلاثة، واستمر الاجتماع الذي انطلق في شهر جوان، أربعة وتسعين (94) يوما، وتمت دراسة كل المشاكل المطروحة على الثورة وإنهاء الفوضى التي كانت تعيشها القيادة في الخارج، إلى درجة أن فرنسا تجرأت وصارت تطبع جريدة "المجاهد"، لسان حال الثورة في بنزرتبتونس وتوزعها. اجتماع العقداء أنقذ الثورة وكان من أهم ما تمخض عنه اجتماع العقداء هو تحوله إلى اجتماع تحضيري لاجتماع المجلس الوطني للثورة في طرابلس لاحقا، الذي أقيم على أرضية صلبة ووثيقة رسمية أشرفت على إعدادها لجنة العقداء العشرة ولجان فرعية، وتمخض عن اجتماع طرابلس ميلاد الحكومة المؤقتة الثانية برئاسة بن يوسف بن خدة. فهل بعد كل ما سبق ذكره يعقل أن بوالصوف، الذي لم يلتق في حياته عميروش، يتآمر على قتله وقتل سي الحواس، أو يخطط لاغتياله عن طريق فرنسا، وهل الثورة أصبحت في خدمة فرنسا، وهذا يعني أن بوالصوف يعمل لحساب فرنسا، ولماذا لم يقع لي أنا ما وقع لعميروش، مع أن خلافاتي معهم كانت أكبر من خلافات عميروش؟ خاصة وأن بوالصوف لم تكن له أية اتصالات مع عميروش، لا هو ولا بومدين، والذي كان يتصل به عبر راديو الثانية هما كريم بلقاسم ومحمدي السعيد، فهل هؤلاء يتآمرون عليه أيضا؟ وما قاله سعدي بهذا الشأن كلام غير مسؤول، وأنا لا أدافع عن بومدين ولا بوالصوف، فتاريخهما يدافع عنهما، أما عن بومدين فأنا أضعه في المجهول، وسعدي لا يعرف خفايا وكواليس الثورة، بومدين كان في ذلك الوقت شبه مهمش ويعيش في ظل بوالصوف، وكان في ذلك الوقت لا يعرف أين بدأت وأين تنتهي الثورة، هذه الخلفيات لا يعرفها إلا أصحابها. ولو كان عميروش حيا، وسمع هذا الكلام الذي قاله سعدي وابنه نورالدين لذبحهما من "الأذن إلى الأذن "، بل لقتلهما عدة مرات، وكان سيتبرأ من ابنه، هما لا يعرفان عميروش، ومذكراتي أثارت "دوشة" لأنهم لم يفهموا ما جاء فيها. والقول إن عميروش كان ذاهبا إلى تونس لحل الحكومة وجيش الحدود و"المالغ" يدل على أنهم أناس مرضى، وخلاف عميروش مع القيادة هو جزء من خلاف الداخل مع القيادة، وقد أوضحت هذا فيما سبق، ولا يعقل أن القيادة وجيش الحدود و"المالغ" الذين عجزت فرنسا عن تصفيتهم، يصفيهم عميروش وحده، فهل هذا كلام عقلاء؟ كتاب سعدي "بلويت" تاريخية أنا لا أدافع عن بوالصوف، ولا عن بومدين الذي لم أكن أتفق معه في كثير من القضايا ومنها أنه جمع حوله مجموعة ضباط فرنسا، وإن كنت أعترف له في بعض أعماله كرئيس للجمهورية، ومنها تأميم البترول والثورة الزراعية، لكن اتهامه وبوصوف بمثل هذه الأقاويل هو ظلم في حق الرجلين، خاصة وأنهما في دار الحق، وكنا نود أن نلتقي في قضايا أكبر من هذه التي يتحدث عنها سعدي. أنا أتمنى أن يقول لنا سعدي من أين أتى بهذه الوثائق التي يتكلم عنها والتي استند إليها، ومن هي الجهة التي سلمتها له، ويتحتم عليه أن يظهرها وينشرها، وإذا سلمتها إياه فرنسا فلماذا خصته هو بها ولم تعطها للسلطات الجزائرية مع أن هذه الأخيرة طلبت تسليمها أرشيف الثورة، وما مدى صحة هذه الوثيقة؟ أليست مزورة ومن الوثائق المزورة التي كان يستعملها المكتب الخامس ضد الثورة؟ أليست هذه "بلويت" نفسية وتاريخية أخرى؟ وفي رده على سؤالنا حول الرسالة التي ذكرها سعدي في كتابه بأن خليفة عميروش في الولاية الثالثة تلقى رسالة موقعة من كريم بلقاسم ينصحه فيها بتغيير الطريق الذي كان سيسلكه إلى تونس، ولم تتمكن قيادة الولاية من إيصالها في الوقت المناسب، رد كافي: لا وجود لهذه الرسالة، وليست هناك وسيلة أخرى للاتصال بعميروش منذ تعطل راديو ولايته إلا عن طريقي وعن طريق راديو الولاية الثانية، وتساءل: هل عن طريق القوافل، الذي يتطلب شهورا؟ وأضاف: الواقع يجعلنا نقول إن هذه المعلومة كذب في كذب، اللهم إلا إذا كان الأمر يتعلق برسالة داخلية من الولاية الثالثة نفسها، وكريم بلقاسم لا يمكن أن يرسل رسالة كهذه عن طريق البر لأنه ثائر ويعرف جيدا الجبال والأحراش منذ سنة 1947، ويعرف خطورة إرسال مثل هذه الرسائل عن طريق أشخاص فربما تسقط بيد العدو، ثم إن الوقت لا يكفي لمثل هذا العمل، وأيضا لا يمكن أن يرسل أسرارا كهذه مع مرسول، ثم أن عميروش وحده الذي يعرف الطريق الذي سيسلكه وكريم لا يعرف طريقه، فلا كريم ولا محمدي السعيد ولا أيا كان يمكن أن يحدد لي أو لغيري الطريق الذي سيسلكه. عبان نهر عميروش بالقبائلية وعن سؤال: إن سعدي في كتابه ذكر أن عميروش منعك من حضور جلسات مؤتمر الصومام، رد كافي بالقول إن عميروش لم يكن له الحق أن يمنعني من الحضور، فهو لم يكن عضوا في وفد الولاية الثالثة، وكلف فقط بمهمة دليل لوفد الولاية الرابعة، انطلاقا من الأخضرية، لكنهم عندما وقعوا في كمين، فر عميروش وتركهم. والعقيد أوعمران - رحمه الله - لو كان على قيد الحياة لأكد لكم ذلك، وفي هذا الكمين فرت "البغلة" التي كانت تحمل وثائق المؤتمر ووقعت في يد الاستعمار، فقام بتمشيط المنطقة، من الماء إلى عمق مائة كلم. وأذكر أنني رأيت الشهيد عميروش عندما دخلنا البيت الذي أقيم في المؤتمر، جالسا في ركن يرتدي قشابة ومنكمشا على نفسه، وكان المرحوم عبان رمضان الذي أراه لأول مرة يهينه ويشتمه بالقبائلية لأنه فر وترك الوفد في مواجهة الجيش الفرنسي، ومما قال له بالأمازيغية: "لعن الله من منحك رتبة ضابط"، ولم يرد عميروش بكلمة واحدة، وقلت في نفسي كيف له أن يقبل بشتم كهذا، وزيادة على ذلك، فإن الملازم الأول آنذاك، قاسي، هو الذي كلف باستقبال وفد الولاية الثانية عند حدود الولاية وليس عميروش، وقد وقعنا أيضا في كمائن وغنمنا أسلحة من الاستعمار قدمناها للولاية الثالثة، وكان وفدنا يتكون من زيغود، بن طوبال ورويبح وأنا وآخرين، وبسبب التمشيط وصلنا حتى ذراع بن خدة ثم عدنا إلى إيفري. هذا لأقول إنه لم يكن لعميروش الحق في تحديد من يحضر ومن لا يحضر لقاء الصومام كما ادعى سعدي، لكنني حضرت جلستين، ثم جاءني بلمهيدي وزيغوت في الجلسة الثالثة وقالا لي إن طائرة محملة بالأسلحة سترمي بالسلاح في وادي الزهور بالقل وعليّ أن أكون هناك لأؤمن العملية، فذهبت، وبعد تسعة أيام وصلت إلى المنطقة وأشعلت النيران في الوقت والمكان المحددين ولكن الطائرة لم تأت بل جاءت طائرات الاستعمار وأمطرتنا بالقذائف، ولا أعرف حتى الآن سر هذه القضية وما المقصود من ورائها. وكل هذا مذكور في مذكراتي. أنا لا أعرف.. فكيف عرف سعدي ؟! وعن سؤال إن كان هذا التكليف يراد به إبعاده عن المؤتمر، أجاب كافي، لا أعرف وأنا نفسي أطرح التساؤل، فكيف لسعدي أن يعرف هذا وهو لم يعش الواقعة، ثم إن عميروش أو عبان ليسا ملك سعدي، هما ملك للثورة والجزائر، ولا يشاركان سعدي الرأي، صحيح أنهم قبائل لكن بعقلية غير عقلية سعدي، ولا نقبل بتقزيم هؤلاء العظماء، وعميروش يبقى عندي رمزا من رموز الثورة رغم كل شيء ورغم المغالطة التي أوقعته فيها فرنسا في قضية "لابلويت"، لأن أي واحد منا كان يمكن أن يقع في ما وقع فيه عميروش، والخطأ الذي وقع في الثالثة ليس خطأ عميروش وحده، بل خطأ قيادة الثالثة كاملة لأنهم رحلوا عن الولاية إلى تونس وتركوه وحده في مواجهة أرمادة من الجنرالات والعلماء والقوة الفرنسية، عميروش ينتمي إلى جمعية العلماء وليست له عقلية البربرية أو عقلية سعدي، نحن نتكلم عن جيل هو من أفضل ما أنجبت الجزائر. وعن سؤال: لماذا قاطعت اجتماع عقداء الداخل الذي دعا إليه عميروش وعقد في الولاية الثانية؟ قال الرئيس كافي: لا وجود لاجتماع عقداء الداخل، وكل ما هنالك أن عميروش أراد أن يبرر خطأ "لابلويت" التي خطط لها غودار ونفذها ليجي وسقط فيها عميروش الذي قتل كل من كان يعرف مسك القلم، وفقدنا فيها ثلة من خيرة إطارات الجزائر الثورية، ويحصل على تزكية منا لمواجهة ما قد يطرح عليه من تساؤل من القيادة في تونس، رغم أن القيادة باركت ما فعله في رسالة رسمية أرسلتها إليه عن طريقي، وقد أكرمت الوفد الذي غاب عنه العقيد لطفي من الولاية الخامسة، وحضرته الولايات الأولى والثالثة والرابعة، لكل هذا رفضت تزكية القضية التي تتضارب الأرقام بشأن عدد ضحاياها، فيما تذكر وثيقة لعميروش نفسه، أرسلها الى تونس أن عدد الضحايا بلغ 1800 في الولاية الثالثة وحدها، في حين فقدت الولاية الرابعة بين 400 و600 إطار. ومع ذلك أكرمتهم. والأمين خان ما يزال على قيد الحياة لأنني كلفته برعاية اجتماعهم وطلبت منهم أن يبتعدوا عني، وهذه هي الحقيقة، ولو يعود التاريخ لما كنت أكرمتهم، وفيما عدا ذلك كانت علاقتي بعميروش جيدة، فقد جاء عندي عدة مرات في سرج الغول، ولاحظت في آخر لقاء معه أنه كان متأثرا بالخطإ الذي وقع فيه، وصار لا يثق في أي شخص، وكان ينام بسلاح على صدره وبملابسه وحذائه، فقلت له إن كان يخاف مني، فالأمر سهل، بإمكاني أن آمر جنديين بالتخلص منه، وإن كان يخاف من فرنسا "فسيموت فيلق كامل منا قبل أن يصلوا إليك، فنم مطمئنا ولا تخف شيئا"، وعندها نزع ثيابه وتخلص من سلاحه ونام. زيغود تربطني به علاقة عائلية وعن سؤال حول ما ورد في الكتاب المذكور بأن زيغوت لم يكن يثق في شخصه، قال كافي: زيغوت من عائلتي، وهذه لا يعرفها أحد، وجدتي فرڤانية من عائلة زيغوت، زيادة على ذلك إننا عندما كنا متجهين لحضور لقاء الصومام، استدعانا زيغوت إلى الكازمة، وطلب منا رأينا في من سيخلفه إذا ما حصل له مكروه وهو في الطريق إلى الصومام، فقال بوبنيدر - رحمه الله - قاطعا الطريق أمام الجميع، سي علي هو من يخلفك، وهكذا كان الأمر. سؤال آخر طرحناه على الرئيس: قال سعدي إن عميروش أوصى من خلفه أن لا يأمرهم بوضع السلاح بعد الاستقلال، حتى يقرر الشعب مصيره، قال قائد الولاية الثانية: هذا اتهام لعميروش خارج عن أطر الثورة، ولا يمكن أن يصدر عنه كلام كهذا، فالرجل كان يحترم مسؤوليه احتراما شديدا. كريم كان يريدنا إلى جانبه وعن سؤال عن المناوشات التي وقعت بينه وبين كريم بلقاسم في أول جلسة لاجتماع العقداء، قال كافي: كريم كان يريد استعمال الداخل لصالحه ضد رفقائه في الحكومة المؤقتة، وتبين هذا من خلال تدخله في الجلسة الأولى، فتناولت الكلمة ورفضت هذا الطرح، وأيدني في ذلك كل من بومدين ولطفي، فحمل الباءات الثلاثة حقائبهم وغادروا الاجتماع الذي بقي مفتوحا، وعلمت فيما بعد أن كريم كان يريد إلقاء القبض عليّ وعلى لطفي وبومدين، وقتلنا، فهربنا إلى سوسة، وانتظرنا حتى تهدأ الأمور، ثم اتصلت بكريم وحذرته من خطورة ما سيقبل عليه، فيما قام أيضا بن طوبال عندما سمع بالأمر بتحذير كريم وقال له إن كافي وراءه 4000 مجاهد في الحدود. سجن الرفات جريمة! أما عن قضية الرفات وسجنها عشرين سنة، قال كافي إنه لا يعرف خلفيات الموضوع، ولكنه عمل إجرامي في حق شهيدين في حجم عميروش وسي الحواس، وتساءل: هل من المعقول أن يتورط مرباح وبومدين في هذا الأمر، لكن - قال - على بن شريف أن يقول الحقيقة، بن شريف قد يكون على علم بالموضوع، ولا يمكن أن يتهم شخص مثل مرباح في هذه القضية، لأن أخلاقه عالية وجهاده لا غبار عليه، عرفته في المغرب حين نزلت ضيفا على بوصوف. سؤال آخر طرحناه على الرئيس هو إن كان سعدي ضحكت عليه فرنسا بوثائق مزورة؟ أجاب كافي: قد تكون هذه واحدة من حلقات الحرب النفسية ضد الثورة التي كان يقوم بها المكتب الخامس، وأنا شخصيا استعملت مثل هذه الوثائق المزورة لتصفية خائن، وقد جاءني أحد الباحثين يحمل وثائق فرنسية مزورة ضد الثورة ويريد إنجاز أطروحة على ضوئها، فكشفت حقيقة هذه الوثائق فتركها عندي، وما زالت عندي إلى اليوم. وعن سؤال عما قاله له الملحق العسكري الفرنسي في تونس، عندما كان سفيرا بعد الاستقلال، أجاب كافي: هو كان ضابطا في منطقة الحدود الشرقية، في الجيش الفرنسي، وكانت عنده معلومات عن تحركاتنا، فكان ينتظرنا بكمين في مكان ما، وأنا مررت من مكان آخر وأنا في طريقي إلى اجتماع العقداء العشرة، وهذا يحدث لأننا نتجسس عليهم ويتجسسون علينا. عميروش لم يكن مرتاحا في ولايته وعن سؤال عن قول سعدي إن عميروش لو لم يخرج من منطقة القبائل لما قتل، أجاب كافي: إنه كان يحس بالراحة عندما يدخل إلى الولاية الثانية، أما في الولاية الثالثة فحيثما حل لاحقه الجيش الفرنسي، وهذا يثير تساؤلا عن علاقته بمحيطه، لأن فرنسا تفقد أثره عندما يدخل تراب الولاية الثانية التي وحدها لم تمسها مؤامرة "لابلويت". وعن سؤال لماذا اختار عميروش الذهاب عن طريق بوسعادة ؟ أجاب كافي: لا أدري، ربما لأن بينهما صداقة، أو لأن الجنوب ليس فيه الضغط العسكري الفرنسي مثل الشمال، فهو آمن نسبيا. وفي الختام قال كافي إن كتّاب التاريخ عندنا جبناء ولا يقومون بدورهم، وتساءل: من منعهم من الكتابة، إن كانوا مضطهدين فما عليهم إلا التعبير عن ذلك، أنا أرميهم بالجبن، ولهذا أصبح التاريخ يكتب من طرف أمثال سعدي. وفي الأخير نصيحتي لكم أن تنسوا ما جاء في كتاب سعدي عن عميروش، واعتبروه أنه لم يكتب، فالذي شكك في الثورة وعدد الشهداء وحوّل المجاهدين إلى خونة ليس له الحق في كتابة التاريخ.عليها.