رغم المميزات الطبيعية الخلابة لقرية بني صبيح ذات ال 1000 نسمة حسب آخر إحصاء، إلا ان الطريق المؤدي إليها يصلح لكل شيء ماعدا لسير وسائل النقل، بسبب كثرة الحفر العميقة به وضيقه وإنزلاق تربته وتحول العديد من محاوره إلى مسالك ترابية طينية اوقفت حركة المرور بها ماعدا الجرارات والسيارات المتميزة بعلوها، ومازاد في الطين بلة تواجد بعض الممرات والجسور في وضع يندر بالخطر على حياة المتنقلين. وفي هذا السياق نشير إلى معبر منطقة “المربع “المهدد بالإنهيار بفعل قدمه وتآكله، حيث تتوقف الحركة فوقه في الأيام الممطرة بسبب إرتفاع منسوب مياه واد لكحل، مع العلم أن الطريق المؤدي إلى بني صبيح استفاد من عملية تزفيت واحدة مند الاستقلال الى يومنا هذا، وتم ذلك في التمانينات من القرن الماضي ومند ذلك الحين لم يعاد تهيئته او تعبيده، ماعدا شطر واحد تبلغ مسافته 1كلم وفي سياق طرح مشاكل القرية قال عدد من شيوخ بني صبيح “ نعاني من مشكل العزلة بسبب إهتراء الطريق، وقد أثر ذلك في حياتنا اليومية إذ إنعكس ذلك سلبا على تنقلنا، ولم يشجع هذا الوضع الناقلين العموميين من العمل على الخط المؤدي الى قريتنا، ولذلك ليس لنا أي خيار إلا التنقل مشيا على الأقدام أوإستعمال الأحمرة أوالرضوخ لابتزاز الفرود الذين يمتلكون سيارات 404 باشي، إضافة إلى كراء الجرارات لحمل السلع الثقيلة.” وعن الأسعار التي يدفعها اهالي قرية بني صبيح للوصول الى مقر بلدية غبالة قال متحدثونا “نقطع مسافة 30 كلم للوصول إلى برج علي ،التي يربطها خط نقل ببلدية غبالة على مسافة 15 كلم، وندفع مقابل التنقل مايناهز 80 دج، كما ندفع 70 دج للوصول الى مقر دائرة سطارة و100 دج لزيارة مدينة الميلية“. عدم صلاحية الطريق ينفر الناقلين وقد أرجع مواطنو القرية سبب عزوف الناقلين وتهربهم من إستغلال الخط المؤدي للقرية، الى عدم صلاحية الطريق واهترائه بشكل تام. المعاناة تمتد أيضا الى فلذات أكبادهم المتمدرسين بقولهم “تتوفر بني صبيح على 3 مدارس ابتدائية تحتضن أبنائنا في هذا الطور والناجحون للمتوسط والثانوي يدرسون بمؤسسات بلدية سطارة في النظام الداخلي، حيث يقدر عددهم ب200 تلميذ، وعليه نطلب من السلطات المحلية ان تستجيب لمطلبنا في تشييد متوسطة بالقرية، وهذا لضمان إستقبال تلاميذ قرى بني صبيح وتيراو وجليل ودار الواد والقيطون بني وسامة والوادية وحديفة“، وفي هذا السياق لم يخف سكان ذات القرية تذمرهم من ضعف خدمات النقل المدرسي التي تقتصر على يومي الأحد والخميس، ناهيك عن إندهاشهم من دفع التلاميذ 30 دج مقابل خدمة هذا النوع من النقل، وهو مايتناقض برايهم مع الدستور وقوانين الجمهورية على اعتبار ان التعليم في بلادنا مجاني بل وإجباري في أطواره الأولى.هذا وقد أشار متحدثونا إلى تدهور حال مدرسة لبعيلي بلقاسم المغطاة بالترنيت، حيث تعاني من تسرب مياه الأمطار الى داخل الحجرات، وقد أثر ذلك على ظروف تمدرس التلاميذ.. ومما زاد في تعقيد حياة مواطني بني صبيح هو غياب الغاز الذي يبقى في متناول بعض الأسر فقط، حيث تضطر إلى إقتنائه من مدينة الميلية أو عين قشرة بسكيكدة بمبلغ 300دج ،أما أغلب العائلات فتعتمد على جمع الحطب وإستغلاله في البيوت سواء للطهي أو التدفئة، حيث كشف لنا مواطنون بأنهم لم يستعملوا في حياتهم قارورات الغاز لغلائها وصعوبة جلبها وتعودهم على استغلال الحطب، الذي يحضرمبكرا في فصل الصيف، أما بالنسبة للصحة فحدث ولاحرج على اعتبار ان القرية تتوفر على قاعة علاج دون فائدة تذكر بسبب إنعدام التجهيزات بها، ناهيك عن نقص التأطير، إذ يشتغل بها ممرض واحد فقط ولايكمل حتى الفترة الصباحية من عمله، لذلك يحث سكان القرية السلطات المعنية بضرورة التدخل لتفعيل دور القاعة العلاجية بطبيب على الأقل، إضافة الى تجهيزها، مع العلم ان السكان يضطرون للتنقل الى عيادة بلدية سطارة اوعيادة بلدية بودوكة بسكيكدة قصد تلقيح أطفالهم مقابل دفع 2000دج لأصحاب السيارات الخاصة الفرود،الذين وجدوا ضالتهم في سكان القرية المعزولين عن المراكز الحضرية، وهذا بنقل مرضاهم بمبالغ باهضة ومدهشة وخاصة ليلا نحو عيادة سطارة أو مستشفى منتوري بالميلية، كما أكدوا لنا بأن عددا كبيرا من المرضى توفوا في الطريق قبل وصولهم الى المستشفى ،وأن عددا كبيرا من النساء تلدن في البيوت بطرق تقليدية أو في الطريق هذا كله بسبب العزلة القاتلة.أمابالنسبة لمركز البريد الذي أغلق سنة 1994 لأسباب أمنية فإن الوقت قد حان لإعادة تفعيله اليوم مع التحسن الذي شهدته المنطقة وهذا لتفادي تنقل المواطنين الى مراكز بعيدة عنهم. وأبرزوا بخصوص أزمة الماء التي تلاحقهم “نتزود من عين واحدة وعندما تتساقط الأمطار يتلوث مياهها فتصبح غير صالحة للشرب، وفي كثير من الأحيان يختلط ماء الشرب مع المياه القذرة التي تجري بطرق فوضوية طالما أن البلدية لم تنجزلنا مشروع مد قنوات الصرف”. سكان القرية يتوقون للسكن الريفي وفيما يتعلق بالسكن أضاف مجموعة من المواطنين قائلين: ”سمعنا بأن هناك نوع من السكن يسمى السكن الريفي، ولكن لحد الساعة لم يستفد إلا مواطنين إثنين منه رغم أن منطقتنا تعد أكثر المناطق ترييفا وعزلة، وأن مساكننا وبيوتنا تستدعي الشفقة من العدو قبل الأخ والصديق لأنها مبنية ببساط من أدوات ووسائل بسيطة كالحطب والطين والقصدير أو الديس وحجة السلطات المعنية في تهميشنا هي انعدام عقود ملكية الأراضي“، وقد اشتكى شباب القرية ذاتها من الإقصاء ،حيث يعانون من شبح الفراغ القاتل بسبب عدم إستفادتهم من مختلف أنواع التشغيل وكذا غياب المرافق الشبانية، وإنعدام الدعم الفلاحي رغم قيامهم بدورهم إداريا من خلال إيداع ملفاتهم للمصالح المعنية، وطال التهميش أيضا نساء القرية المحتاجين للدعم وخاصة في مجال الحرف والصناعات التقليدية التي تتلائم مع طبيعة هذه المنطقة الجبلية. ويبقى المشروع الوحيد الذي يجري إنجازه بالمنطقة هو فرع بلدي لعله يقرب الإدارة من المواطنين مستقبلا. وختم شيوخ وشباب قرية بني صبيح التي تبعد عن حدود سكيكدة ب 7كلم فقط كلامهم لنا “وتبقى الأوضاع على حالها بقريتنا كلنا سنرحل ونلتحق بالأغلبية الذين هجروا المنطقة في السنوات الأخيرة نحو قسنطينة والميلية وجيجل وقد تحسنت أوضاعهم وطوروا حياتهم في تلك المراكز الحضرية” . هذا وقد اعترف أعضاء بالمجلس البلدي الحالي لنا بالتهميش اللامبرر الذي لقيه سكان بني صبيح مند عقود خلت، ولهذا السبب وجد مسؤولو البلدية صعوبة كبيرة في القضاء على مشاكلهم المتراكمة ،التي تتطلب أغلفة مالية ضخمة تفوق إمكانات البلدية.