بعد أشهر من إيداع مشروع قانون المحاماة من طرف وزارة العدل، على مستوى لجنة الشؤون القانونية بالبرلمان، لا تزال الأمور تسير داخل اللجنة مثلما تريد الوصاية، حيث يطبع الجمود المواد التي تقر بسلطة القاضي على المحامي، وحق الدفاع هش مقارنة بما قدمه المهنيون من اقتراحات. وعلى الرغم من جولات الاستماع التي عقدتها لجنة الشؤون القانونية والحريات، بالمجلس الشعبي الوطني، مع النقابات ال16 الممثلة للمحامين، ووزارة العدل، فإن الأمور لا تسير بشكل متسارع. واستنادا إلى تصريحات بعض أعضاء اللجنة، فإن السلطة التي يتمتع بها حزب جبهة التحرير الوطني داخل اللجنة، من خلال تواجده في رئاستها ومناصب اتخاذ القرار، يجعل مساهمات واقتراحات المعارضة المتواجدة داخل اللجنة غير مؤثر بشكل لازم، لمناصبهم غير الحساسة، حيث انتقد أحد أعضاء اللجنة في تصريح ل”الفجر”، توسيع اللجنة ليشمل آراء القضاة، ”لأن المشروع أصلا يعطيهم الحق أكثر من المحامين ويجعل الدفاع رهينتهم”، وقال إن الاستماع إلى القضاة في هذا الموضوع، هو عامل آخر في طريق تعزيز سلطتهم على الدفاع، باعتبار أن الوصاية أي وزارة العدل، هي من وضعت المشروع. وحتى وإن كان لأحزاب المعارضة تمثيل في اللجنة، مثل العدالة والتنمية، جبهة القوى الاشتراكية، وحركة مجتمع السلم، غير أن أرائها ستدون كملاحظات ولا يمكن أن تمرر، سواء إذا بالاعتماد على مبدأ تصويت أعضاء اللجنة، أو مناصب المعارضة داخل اللجنة، أي أنها لا تملك منصب المقرر أو الرئاسة. وكان الأفافاس قد أعد جملة من التعديلات ترمي في مجملها إلى توسيع حق الدفاع، وترقية المهنة بشكل يضمن تحقيق العدالة، ومنح المحامي الاستقلالية الكاملة أمام القاضي، باعتبار أن الدفاع عنصر أساسي في تكريس العدالة، ورفع الضغوطات عن المحامين، سيما فيما يتصل ببعض القضايا التي تخرج فيها سلطة القاضي عن التشريع، وتصبح مجرد آلية لتطبيق قرارات فوقية. ويأتي حرص بعض أحزاب المعارضة على مشروع قانون المحاماة قياسا بكون حق الدفاع أحد أسس المحاكمات التي هي جزء من العدالة التي تعتبر لبنة أساسية في البناء الديمقراطي. ويطالب المحامون بمزيد من الحرية والمرونة في التعامل مع القضايا، وحماية حق المتقاضي، وفقا لبنود قانون الإجراءات المدنية الذي تلزم المواطن الدفاع عن نفسه، وليس تقييد الدفاع بشكل يسلم المتقاضي الكثير من الحقوق.