حذر، أمس الأول، المجلس الشعبي لولاية سكيكدة، من الانخفاض المتواصل في إنتاج السمك بسواحل الولاية، ودعا السلطات ومسيري القطاع لاتخاذ التدابير والإجراءات العملية لتطوير وسائل الإنتاج وحماية الثروة السمكية من التلوث البحري الذي يفتك بها منذ عدة سنوات، لاسيما الدفع يوميا بكميات هائلة من الفضلات والسوائل البتروكيماوية القادمة من وحدات المنطقة الصناعية البترولية، وكذلك الفضلات التي ترميها البواخر البترولية في عرض السواحل والتي تحمل مواد قاتلة. شدد نواب المجلس، في تدخلاتهم أثناء مناقشة ملف الصيد البحري الذي خصصت له دورة خاصة بالنظر لطابعه الاستعجالي، على وجوب أخذ وضعية القطاع بالجدية والعناية الفائقة، حيث لم تعد تحتمل التأخير وقد تدفع الأمور إذا بقيت علي هذا النحو إلى انقراض السمك من سواحل الولاية. واستنادا إلى تقرير قدمته لجنة الاقتصاد والمالية امام المجلس خلال هذه الدورة، فإن إنتاج السمك خلال النصف الأول من السنة الجارية لم يتعد الف وثلاثمائة وثلاثة وخمسين طنا محقا تراجعا بنسبة ثلاثة وأربعين في المائة عن الموسم الفارط الذي حقق هو الآخر تراجعا بنسبة تسعة وعشرين في المائة، إذ وصل إنتاج السنة الفارطة الي اربعة آلاف وسبعة مائة وثمانية عشر طنا، أي بانخفاض بنسبة ثلاثة عشر في المائة عن ستة ألفين واحد عشر. دراسة إسبانية: سكيكدة تحوز أكبر مخزون سمك في غرب المتوسط يشكل إنتاج السنة الماضية نسبة خمسة عشر في المائة من المخزون السمكي القابل للصيد، والذي قدرته دراسة قامت بها موخرا الباخرة العلمية الإسبانية ”فيسكوندي دي ايزا” في سواحل الولاية بأكبر مخزون علي مستوى الجهة الغربية للبحر الابيض المتوسط، لاسيما المنطقة التي يتكاثر فيها الجمبري والقشريات بوجه عام. ويستطيع الصيادون، حسب ذات الدراسة، جمع أكثر من عشرين كيلوغرام من السمك في ساعة واحد، مقابل خمسة كيلو غرامات في جزيرة كورسيكا بفرنسا وجزر البليار باسبانيا وجزيرة سردينيا بإيطاليا. وأشارت اللجنة إلى أن إنتاج السردين نزل هو الآخر الى مستويات مقلقة، إذ لم يتعد المردود أثناء السنة الماضية ألف وأربعمائة واثنين وعشرين طنا في ميناء سطورة الذي شكل علي مدار الستينات والسبعينيات أكبر مصدر لصيد هذا النوع من السمك الشعبي، والذي كان سكان المدينة يصطادونه باليد في شاطئي سكيكدة وسطورة. التلوث البتروكيماوي والصيد العشوائي وسّعا دائرة النقص لم تشذ سفن الأجانب هي الأخرى عن هذه القاعدة، إذ لم يتعد انتاجها خلال السنة الماضية خمسمائة واثنين وعشرين طنا، رغم أنها مؤهلة للاصطياد في المنطقتين الثانية والثالثة. وخلال تدخلاتهم لمناقشة الأسباب التي أدت الى هذا التراجع المخيف، أجمع أعضاء المجلس على أن الاستغلال المفرط واللاعقلاني لشريط ضيق محصور في المنطقة الاولى، أي اقل من ستة أميال بحرية يعد السبب الرئيسي لهذا التدهور، إذ ان السفن الكبيرة أصبحت تنافس في هذه المنطقة سفن صيد السردين، ما أضر بالمخزون السمكي في هذه المساحة البحرية بدلا من خروجها إلى مساحات بحرية بعيدة اين توجد القشريات وأسماك الجمبري. وكان يتوجب، حسب ما شدد عليه المتدخلون، تكثيف الرقابة الميدانية من طرف الهيئات المختصة في مراقبة السواحل واتخاذ إجراءات ردعية صارمة تجاه المخالفين لقواعد الصيد، يضاف إلى ذلك اندثار الطحالب والفطريات والأعشاب التي تشكل مصدرا للتغذية والتي كانت منتشرة بكثرة في كل سواحل الولاية، وعلي الأخص سواحل سطورة وبن مهيدي ولابلاطان قبل أن تقضي عليها مظاهر التلوث البتروكيماوي. وعلاوة على استخدامهم للشباك الممنوعة قانونا، فإن الصيادين مازالوا لا يحترمون فترة الراحة البيولوجية التي تمكن السمك من التكاثر والنمو في ظروف عادية. كما أن موانئ الصيد البحري الثلاثة في سطورة والمرسي والقل لا تتوفر، حسب ما أكد عليه المتدخلون، على قوارب وسفن متطورة ومجهزة بالتجهيزات التقنية والعصرية التي تتوفر عليها الدول المتقدمة في هذا الميدان، إلى جانب الغياب الكلي لورشات اصلاح السفن في المواني وغياب محلات لبيع مواد الصيد وقطع الغيار التي يجلبها الصيادون من تونس ومن فرنسا بأسعار مرتفعة، وقلة مراكز التبريد وحفظ السمك ومراكز انتاج الثلج. في رده على تساؤلات أعضاء المجلس، قال والي الولاية إن الدولة انفقت اربعة ملايير دينار لصالح القطاع، وهو مبلغ معتبر ومازالت تخصص مبالغ مالية لتطوير المنشئات البحرية ،غير ان المشكل يكمن - حسبه - في الجهد والفترة اللازمة التي ينبغي علي الصيادين بذلها في المسافات البعيدة كما يفعل صيادو الدول المجاورة. أما مدير الصيد البحري للولاية فقد اكد أن هناك اقتراحات قدمت للوزارة لاستحداث مراكز لإصلاح السفن في موانئ الصيد وإجراءات عملية لتدعيم المهنة وإزالة المشاكل القائمة.