يواصل وزير التربية، عبد اللطيف بابا أحمد، حربه ضد الأساتذة الذين يقدمون الدروس الخصوصية، فبعد التعليمات التي وجهها إلى مديري التربية عبر الوطن لمنع المؤطرين من تقديم هذه النوع من الدروس، طالب هذه المرة بابا من المدرسين ”بذل المزيد من الجهد داخل القسم حتى يستغني التلميذ عن الدروس الخصوصية”، وذلك أمام استنكار كبير من مجلس ثانويات الجزائر الذي رفض تجريم الوزير للأساتذة، وتغاضيه الطرف عن ظواهر أكثر خطورة تمس بمصداقية المنظومة التربوية. قرر وزير التربية اللجوء إلى تقديم دروس إضافية للتلاميذ داخل المؤسسات التربوية تحت إشراف مديري التربية لمنع الأساتذة من تقديم الدروس الخصوصية في ”أماكن غير لائقة”، وفق ما وصفها المسؤول الأول لقطاع التربية الذي باشر حملة تحسيسية للحد من ظاهرة الدروس الخصوصية والدفاع عن أخلاقيات مهنة التعليم، باستشارة واسعة مع القاعدة والشركاء الاجتماعيين، معتبرا الدروس الخصوصية من بين ”التصرفات السيئة التي باتت تؤثر سلبا على المدرسة الجزائرية خلال السنوات الأخيرة”. ونقل بيان صادر عن وزارة التربية أن ”تفشي هذه الظاهرة بشكل مقلق استوجب تدخل وزارة التربية الوطنية بإرسالها في 30 أكتوبر 2013 منشورا حول الموضوع إلى جميع مديريات التربية بالولايات”، مشيرا إلى مباشرة وزير التربية عبد اللطيف بابا أحمد استشارة واسعة حول هذه الظاهرة مع القاعدة والشركاء الاجتماعيين، وكانت الانطلاقة بداية هذا الأسبوع بعقد ندوة عن طريق التواصل بالفيديو عن بعد من مقر الوزارة، تواصلت إلى غاية أول أمس الاثنين. وأكد البيان أن اللقاء كان ”فرصة للتحاور والنقاش وتبادل الأفكار بين إطارات الإدارة المركزية وممثلين عن الجماعة التربوية والشركاء الاجتماعيين من مقر مديريات التربية ال50”، مضيفا أن الوزير سجل خلال الندوة آراء ومواقف التربويين والشركاء الاجتماعيين فيما يتعلق بالدروس الخصوصية و”شاطر جل المشاركين رأي الوزير فيما يخص الآثار السلبية لهذا التصرف الذي أصبح ظاهرة وطنية”. نحو إلزام الأساتذة بإدارج دروس إضافية داخل المدارس وأجمع المشاركون على ”ضرورة تحسيس الأساتذة والأولياء والتلاميذ أنفسهم للتخلي عن هذا التصرف الذي قد تكون له نتائج عكسية لما هو منتظر”، ونقل البيان ما ”تردد على لسان الكثير من المتدخلين حول أن جمع الأموال، هو ما يسعى إليه الأساتذة الذين يستغلون الأوقات المخصصة أساسا لراحة التلاميذ واسترخائهم ومراجعتهم الدروس لتكديسهم في أغلب الأوقات في محلات غير لائقة لا تتوفر فيها أدنى شروط النظافة والأمن”. وقدم المتدخلون العديد من الاقتراحات، منها ”ضرورة الوقوف على أسباب انتشار هذه الظاهرة على النحو الذي هي عليه اليوم مع تحسيس كل الموظفين المعنيين”، بالإضافة إلى ”تمكين المؤسسات المدرسية ببرمجة دروس خارج التوقيت الرسمي لفائدة تلاميذ أقسام الامتحانات”. وأكد البيان أن الوزير عمد إلى تلخيص وحوصلة كل ما تم تقديمه من اقتراحات، وأجاب عن كل الاستفسارات التي تم طرحها من قبل المتدخلين، كما قدم العديد من التوجيهات حول الدروس الخصوصية، منها ”ضرورة محاربة ظاهرة الدروس الخصوصية التي باتت ظاهرة متفشية في كافة بلدان العالم وليس في الجزائر فقط إلى جانب تدعيم التكوين البيداغوجي للمدرسين”. وطلب بابا أحمد في هذا السياق من المدرسين ”بذل المزيد من الجهد داخل القسم حتى يستغني التلميذ عن الدروس الخصوصية مع الحفاظ على أخلاقيات مهنة التعليم وتكريسها في إطارها الطبيعي المثمثل في المؤسسة المدرسية”، داعيا أيضا إلى ”تحسيس كافة الفاعلين في قطاع التربية الوطنية بمن فيهم الشركاء الاجتماعيون بخصوص مسألة تقديم الدروس الخصوصية في أماكن غير لائقة، مع ضرورة التفكير في تقديم دروس إضافية داخل المؤسسات المدرسية تحت إشراف مديري التربية”، وحث على ضرورة تعميم تنشيط حصص إذاعية على المستوى المحلي يشارك فيها كل أطراف الأسرة التربوية. ”الكلا ”يرفض اختزال مشاكل القطاع في الدروس الخصوصية وأمام كل هذا، استهجن مجلس ثانويات الجزائر المنشور المتعلق بالدروس الخصوصية، كونه ”حق أريد به باطل”، بعد تسجيله في بيان له ”تجريم الأساتذة، وأن كل هموم المدرس اختزلت في الدروس الخصوصية”، مضيفا ”أن ما تعيشه المدرسة الجزائرية على كافة المستويات يجعلنا نقول إن كان ولابد من تجريم، فإن آخر من يجرم هو الأستاذ الذي يقوم بهذا العمل”. وطالب المجلس ذاته بإستراتيجية جادة وفعالة تراعي الأولويات، مؤكدا أنه ”إذا كان الوزير يحرص على مصداقية المنظومة التربوية ويحافظ على أخلاقيات مهنة التعليم وتكافؤ الفرص، فهناك ظواهر وسلوكيات خطيرة أولى بالاهتمام مثل العنف المدرسي، وتسجيل التلاميذ بقرارات المجاملة والمحاباة والتزوير، وعدم احترام قرارات مجالس الأقسام ومجالس التوجيه وطريقة توظيف المدراء والمفتشين والتوظيف في القطاع والغش في الامتحانات والاكتظاظ، ونقص الإطار الإداري والتربوي، وكل هذا يمس بمصداقية المؤسسة التعليمية في العمق ويقتل في التلميذ روح المباردة والإبداع ويقتل جو التنافس، ويدفعه إلى الفوضى والتعدي على الأساتذة والعزوف عن الدراسة ويفقده الثقة في مدرسته كما يغذي ظاهرة الدروس الخصوصية”. وتساءل المجلس نفسه ”هل الدروس الخصوصية هي نتيجة لتدهور المدرسة العمومية أم هي سبب هذا التدهور؟”، داعيا إلى ”المعاجلة الواقعية بعيدا عن لغة التجريم والتهديد التي من شأنها تحطيم العقد البيداغوجي والقضاء على ما تبقى من المدرسة”.