آخر المستجدات.. الاستماع إلى 40 شاهدا في القضية / "حجرة النص" يجبر سونلغاز توقيف مولداتها ويكبّدها خسارة 1 مليار دولار "أس أن سي لافالين" تستولي على حصص سونلغاز من الإنتاج أثارت التصريحات التي أطلقها مؤخرا وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي وتناقلتها الصحافة، حول نية الحكومة الرفع من تسعيرة الكهرباء ردود أفعال متباينة مضيفا ”أنه يتوجب على المواطن المساهمة في الفاتورة الطاقوية”، فكانت النتيجة بلبلة كبيرة، لتفنده الوزارة من خلال بيان لها في اليوم الموالي.. هذه التناقضات حملتنا للتحقيق في ”تسعيرة الكهرباء في الجزائر”، فوجدنا دائرة التحقيق تقودنا إلى فضيحة تضخيم الفواتير التي تورطت فيها شركة توزيع الكهرباء والغاز ”سونلغاز” والتي مست هيئات حكومية وعسكرية سامية، وجعلتنا نطرح التساؤل، كيف يتوجب على المواطن ”البسيط” أن يساهم في دفع فاتورة الطاقة بعد كل تلك الملايير التي دخلت حسابات سونلغاز طيلة سنوات التضخيم؟ الفضيحة اكتشفت في 2009 ومست رئاسة الجمهورية وأجهزة الأمن وتعود خيوط قضية تضخيم فواتير استهلاك الكهرباء إلى سنة 2009، لما تنقلت مصالح الأمن لطلب فواتير استهلاك الطاقة من مديريات توزيع الكهرباء التابعة لسونلغاز بخصوص هيئات عمومية معينة، أظهرت التحقيقات أنها كانت ضحية تضخيم فواتير بملايير الدينارات. وحققت فرقة البحث والتحري لأمن ولاية الجزائر في القضية، بسبب وقوع مبنى رئاسة الجمهورية والمديرية العامة للأمن ومحافظات شرطة ضحية تضخيم فواتير. ثم استلمت الشرطة القضائية للمصالح الاستخبارية الملف، بعد أن ثبت أن ثكنات عسكرية هي الأخرى طالها التضخيم. القضاء يحقق في تضخيم فواتير سونلغاز بمديريات توزيع الطاقة وانطلق التحقيق بالمديريات الستة التابعة لشركة توزيع الجزائر للكهرباء والغاز، الحراش، بلوزداد، جسر قسنطينة، بومرداس، تيبازة وبولوغين، التي تضمن فوترة الكهرباء لعدد كبير من الهيئات الحكومية والمؤسسات الخاصة والمواطنين العاديين، وتم إصدار آلاف الفواتير على مدار سنوات، بعيدة جدا عن قيمتها الحقيقية دفعتها هيئات حكومية ومؤسسات عمومية وخاصة كبيرة، على رأسها رئاسة الجمهورية ومركز صكوك البريد بساحة الشهداء وشركة توزيع المياه للجزائر (سيال)، وأفضى التحقيق إلى توجيه تهم تتعلق بالفساد للمتورطين ”27 متهما”، الذين يواجهون تهما تتعلق بالتزوير واستعمال المزور في محررات تجارية، وسوء استغلال الوظيفة، وكذا مسؤولين في مصلحة الفوترة على مستوى المديرية المشتبه تورطهم في الفضيحة التي حققت فيها الفصيلة الإقليمية الاقتصادية للدرك الوطني بباب الجديد، حيث تنقل فوج من المختصين في مكافحة الجريمة الإلكترونية إلى المديريات الست التابعة لشركة سونلغاز، وقام بجمع القواعد المعلوماتية، كما طلب من مسؤولي هذه المديريات، كشفا مفصلا حول استهلاك الكهرباء، وبعد أن قام بفحص جميع الفواتير، تنقل إلى المقرات والهيئات الضحية، وأجرى مقارنة بين أرقام العدادات والاستهلاك الذي تضمنته الفواتير التي حررتها المديريات الجهوية لشركة توزيع الجزائر للكهرباء والغاز، أين اكتشف المحققون التلاعب بالأرقام وفوترة وهمية ومضخمة، كبدت خزينة الدولة الملايير من الدينارات. وعن آخر المستجدات في القضية، كشفت مصادر عليمة ذات صلة بالملف ل”الفجر”، أن التحقيقات لاتزال متواصلة حيت باشرت الغرفة الرابعة في الاستماع لأزيد من 40 شاهدا في القضية الأحد المنصرم. ثلث الطاقة الكهربائية تضيع نتيجة سوء التسيير ..والتضخيم لسدها وعن الأسباب الحقيقية وراء عملية التضخيم، يضيف مصدرنا أنها تعود أساسا إلى ضياع 30 بالمائة من الطاقة الكهربائية أي ”الثلث” نتيجة سوء التسيير على مستوى الشركة، ما يوقع موظفي مصلحة الفوترة في ورطة، فالطاقة المنتجة لا تعادل الكمية التي يتم توزيعها والتي يتوجب فوترتها، ولسد هذه الثغرة المالية، يلجأ المسؤولون إلى سد العجز بتضخيم فواتير استهلاك الكهرباء لهيئات مدنية وعسكرية تتكفل الخزينة العمومية بسد استهلاكاتها من الطاقة، على سبيل الثكنات، الهيئات التابعة للجيش الوطني الشعبي، والدرك الوطني والشرطة، البلديات والجماعات المحلية، الهيئات الوزارية والمؤسسات الحكومية. ويضيف مصدرنا أن عملية التضخيم تطال حتى فواتير الأشخاص العاديين الذين يملكون شققا أو محلات مغلقة منذ زمن، وهو ما يبرر شكاوي المواطنين حول تسلمهم فواتير استهلاك الطاقة بمبالغ كبيرة رغم عدم استغلالهم المكان منذ زمن. ورغم ذلك يعاني المجمع العمومي سونلغاز من ديون بلغت 1600 مليار دينار الذي لم ينجح في تسديدها إلى يومنا هذا. احتساب منحة النجاعة السنوية.. حافز المسؤولين للتمادي في التضخيم ويضيف مصدرنا أن حافز ”احتساب النجاعة السنوية” يغري المسؤولين والمدراء وإطارات الشركة للتمادي في تضخيم الفواتير، فتسجيل نتيجة جيدة في تخفيض نسبة ضياع الطاقة مؤشر أساسي في التنقيط للحصول على منحة النجاعة السنوية، فكلما نجح المسؤول في المجمع من تقليل نسبة الطاقة الضائعة زادت حصته من المنح المالية. نتائج الخبرة تكشف عن 6883 فاتورة مضخمة بقيمة 400 مليار سنتيم وعلى إثر ذلك، أمر قاضي التحقيق بالغرفة الرابعة لدى محكمة سيدي امحمد بتعيين خبير من أجل تجريد الحسابات وكشف الثغرات المالية في الفواتير وتحديد قيمة الضرر، وقد تحصلت ”الفجر” حصريا على نتائج الخبرة، حيث طال التضخيم على مدار ست سنوات (2005-2010) على مستوى المديريات الخمس لتوزيع الكهرباء التابعة لسونلغاز ”بومرداس، تيبازة، الحراش، بلوزداد وبولوغين” 6883 فاتورة بقيمة إجمالية فاقت 4 ملايير دينار أي 400 مليار سنتيم. وحسب ما كشفته الخبرة، يكون مبنى رئاسة الجمهورية المتضرر الأكبر من عملية التضخيم، فقد فاقت 514 مليون دينار والتي تعادل 67.022.816.06 كيلواط من الطاقة الضائعة، التي تورطت فيها كل من وكالة بلوزداد وبولوغين، ليليه جهاز الأمن الوطني. مبنى التلفزيون الجزائري هو الآخر وقع ضحية تضخيم الفواتير والتي تورطت فيها وكالة بلوزداد لتوزيع الكهرباء. كل التفاصيل عن فضيحة ”أس أن سي لافالين” في مشروع مولد ”حجرة النص” بالجزائر قضية أخرى رغبنا الخوض فيها لعلاقة ملابساتها مع ”تسعيرة الطاقة وإنتاجها في الجزائر”، والتي تعد أولى الفضائح التي طالت العملاق سونلغاز، والتي تعرف ب”قضية حجرة النص أس أن سي لافالين” والتي أثير اسم سونلغاز فيها، على خلفية تورطها بمعية المجمع النفطي سوناطراك في التحايل على القانون الجزائري بخلقهما شركة مؤقتة تمكنهما من تأسيس مشروع طاقوي ضخم بتيبازة لصالح ”أس أن سي لافالين” الكندية التي تورطت هي الأخرى مع شركة إماراتية لخلق شركة، وذلك بتسهيل من الشركتين الوطنيتين بتكلفة 850 مليون دولار. وتمكن الكنديون من الحصول على امتياز استنزاف الطاقة ل20 سنة دون مقابل تحت مسمى ”الرفع من طاقة إنتاج الكهرباء في الجزائر”. وتعود القضية إلى سنة 2003، عندما قررت كل من سوناطراك وسونلغاز إنشاء مشروع ضخم في منطقة ”حجرة النص” الواقعة بتيبازة، حيث يشمل المشروع الهائل إنشاء محطة كهربائية بسعة 1227 ميغا واط، حيث أنشأت كل من سونلغاز وسوناطراك وشركة أخرى ”ألجيريان إينيرجي”، شركة مشتركة تحت اسم ” ألجيرين أوتيليتي أنترناسيونال ليميتد” بغية إنشاء هذا المشروع بحجرة النص، كما قامت كل منهما بإطلاق مناقصة دولية للشركات العالمية المختصة في مجال إنشاء المحطات الكهربائية. وبعد إعلان المناقصة تقدمت كل من شركة ”سيمانس” و”أس أن سي لافالين” بطرح خبرتهما للحصول على المشروع بقيمة تصل إلى 850 مليون دولار، وبعد عملية الفرز قررت كل من سونلغاز وسوناطراك اختيار ”أس أن سي لافالين” لتجسيد المشروع في تيبازة. توليفة شكيب خليل لينهب الكنديون الغاز الجزائري وقد باشرت الأجهزة الأمنية تحرياتها المعمقة في هذه القضية الشائكة التي وردت فيها أسماء ثقيلة، وربط المسؤولون في حيثيات التحقيق، تلقيهم أوامر وتعليمات من وزير القطاع شكيب خليل، في إطار التسهيلات لتقدم المشروع. كما تم إقصاء شركة ”أس أن سي لافالين” من أي فرصة للاستفادة من مشاريع جزائرية بعدما تبين تورطها في صفقات مشبوهة، وقد قرر البنك العالمي في أفريل الفارط إقصاء شركة ”أس ان سي لافالين” وفروعها لمدة عشر سنوات من أي مشروع وذلك بسبب تورطها في قضايا فساد في مشاريع في بانغلاديش. وتعتبر مدة العقوبة المسلطة على ”أس أن سي لافالين” أطول مدة يقرها البنك العالمي لحد الآن. من جهته، صرح الرئيس المدير العام لسونلغاز نور الدين بوطرفة أن مجمعه الذي ذكرته الصحافة في قضية فساد لم يوقع أي عقد مع الشركة الكندية حتى يتم اتهامه، وأضاف أن العقد الوحيد الذي وقعته سونلغاز في إطار هذا المشروع يتعلق بتحويل الغاز الطبيعي إلى كهرباء. ما لم تذكره الصحافة عن القضية وقد كشفت ذات المصادر العليمة، حقائق لم يتم ذكرها في الصحافة تتعلق بقضية ”أس أن سي لافالين” وسونلغاز ومشروع حجرة النص لتوليد الكهرباء، من خلال عدم جدوى هذا المشروع والذي استفادت الشركة الكندية عن طريقه من مجانية استغلال الغاز لتشغيل محطة حجرة النص، واشتراط بيع كل إنتاجها من الكهرباء على مدى عشرين سنة وبسعر أعلى من السعر المعتمد ”1.75 دج للكيلواط”، سواء احتاجت سونلغاز لهذه الكمية من الكهرباء أم لا، وللعلم سونلغاز تضمن إنتاج الكهرباء وتوزيعه بالقدر الكافي عبر كافة التراب الوطني، وتشغيل مولد حجرة النص أجبر سونلغاز على تخفيض إنتاجها وبالتالي تقليص حصصها في السوق، وتكبدت شركات توزيع الكهرباء التابعة لسونلغاز خسائر مادية نتيجة تقليص كمية الطاقة التي توزعها، فكيف يجري التفكير في رفع تسعيرة الكهرباء في ظل تراجع نسبة الإنتاج؟ ”حجرة النص” يجبر سونلغاز توقيف مولداتها ويكبّدها خسارة 1 مليار دولار من جهة أخرى -يضيف مصدرنا- تضطر المولدات الكهربائية التابعة لسونلغاز إلى التوقف عند تشغيل مولد حجرة النص لضمان توزيع الطاقة، وعملية التشغيل المتكررة تؤدي إلى ترهل وإتلاف الآلة والتجهيزات وقطع الغيار، فكل إعادة تشغيل جديدة تستهلك طاقة تعادل شدتها 20 ساعة من التشغيل، ما أجبر الشركة على إبرام اتفاقية صيانة تجهيزاتها مع ”جينيرال إلكتريك” بقيمة 1 مليار دولار.