تحدث الروائي والباحث رشيد أولبصير في تصريح ل”الفجر” عن الملتقى الذي نظمه مؤخرا ببجاية، والذي حضرته مجموعة مهمة من الباحثين والمؤرخين الجزائريين والأجانب، حيث تم التحضير لهذه الفعالية على مدار 6 أشهر. وأشار أولبصير إلى الدور المهم الذي لعبته المؤرخة، ودكتورة علم الاجتماع بباريس تاسعديت ياسين، والتي عملت جاهدةا على إنجاح المؤتمر بجلب باحثين من طراز عالي وكتاب مختصين في تدوين التاريخ على غرار الباحث في تاريخ الأنثروبولوجيا، ومنظم مهرجان الكتاب المغاربي الوزير السابق جون موران، المختصة في تاريخ العبودية فرونسواز فرجاس، المؤرخ بنجامن ستورا، كما حضر من الجانب الجزائري الدكتور عبد المجيد مرداسي، المؤرخ سليمان زغيدور رئيس تحرير بقناة تي في 5 الفرنسية، وأستاذة التاريخ شامية مسعودي صاحبة مؤلف قنابل الباسيفيك، وتطرق الملتقى إلى عرض أساليب وطرق ترمي إلى محاولة تكثيف مجهودات الباحثين لتغيير طريقة معالجة التاريخ، وذلك باخضاعه لقواعد علمية، وتخليصه من الفردية، ووجهة النظر الأحادية، وإشراك الآخر، لكون الفترة الاستعمارية حقبة اشترك فيها عنصران رئيسيان هما الجانب الجزائري والفرنسي. وفي حديثه عن الموضوع أكد المؤرخ بنجامين ستورا أن المقارنة تمكن من تحديد الشبه، والاختلاف بين الأشياء، والمواضيع والتعميمات والمنهج المقارنة عموما اذ يعتمد على بحث وتفسير الظواهر، الثقافية، الاجتماعية، والمعرفية انطلاقا من إبراز الأصول المشتركة أو القرابة التكوينية بين الظواهر طبق المنهج المقارن، بصفة خاصة تلك التي أوجدها أوجست كونت في علم الاجتماع، وفي الفيلولوجيا المقارنة التي تطور في ألمانيا على يد ياكوب جريم، وأوغست فريدريك، وأوغست شلايماخر، كما طوره فرديناند دي سوسير في سويسرا، وأعطاه دفعة قوية علماء اللغة الروس: بودوين دي كورتيني، فيسلوفسكي، وفوستوكوف وهم من أقدم من نبه للمنهج المقارن في مجال التاريخ، وتم بحث وتشريح مقاومة 1871 وظروفها والنتائج التي تمخضت عنها خلال الملتقى، حيث تحدث الحضور عن الشيخ المقراني، وهو أحد قادة الثورات الشعبية التي شهدتها الجزائر في القرن التاسع عشر الميلادي بعد الغزو الفرنسي للجزائر، حيث عمد إلى قيادة مقاومة، وبعد وفاة الأب، وبعد أن عيّن مكانه محمد المقراني، لكن بلقب باش آغا، وتم منحه امتيازات أقل من امتيازات والده، على هذا الأساس جاءت الإدارة المدنية، لتحول الجزائر إلى قطعة فرنسية، وقدمت وطنا للمعمرين أو فيما عرف فيما بعد بالجزائر الفرنسية، وسهلت الاستيلاء على أملاكهم وطردهم إلى مناطق لا تصلح إلا للإقامة، هذا إلى جانب الأوضاع المعيشية المزرية التي كان يعاني منها الجزائريون، إلى جانب سلب الأراضي، فإن المجاعات والأوبئة، والقحط أتت على ما تبقى من الشعب الجزائري الذي أنهكته الظروف السياسية المطبقة من طرف الإدارة الاستعمارية والموجهة من طرف المستوطنين، وشدد منظم الملتقى الباحث رشيد أولبصير على ضرورة اهتمام الباحثين الجزائريين أكثر بموضوعية التاريخ المقارن وتخليصة من العقد والإديولوجيات.