العالم كله يتابع هذه الأيام أعظم مناسبة لكرة القدم، كأس العالم للمنتخبات المقامة في البرازيل، وهي متعة وفرجة تنقلك من اختناقات كثيرة. تتصاعد درجات الإثارة في هذه البطولة بعد نهاية الدور الأول من البطولة وخروج بعض الكبار من البرازيل بلا مجد، مثل إيطاليا وإسبانيا وإنجلترا. المنتخب اللاتيني القوي الأوروغواي حقق حضورا قويا في هذه البطولة، خاصة أن البطولة مقامة في القارة ”الوطن”. نجم الأوروغواي مهاجم ليفربول الإنجليزي الشهير لويس سواريز وقع في ورطة فجة، مشهور بها، وهي ”عض” المدافعين، وقد شنت صحف العالم هجمة عليه بوصفه مصاص دماء. بعد ذلك أنزلت اللجنة التأديبية التابعة للفيفا أقسى عقوبة في تاريخ نهائيات كأس العالم عليه، عندما قررت إيقاف مهاجم منتخب الأوروغواي لويس سواريز 9 مباريات رسمية ومنعته من ممارسة أي نشاط كروي على مدى 4 أشهر، بسبب قيامه بعضّ مدافع إيطاليا جورجيو كييلليني الثلاثاء الماضي ضمن الجولة الثالثة من منافسات المجموعة الرابعة لمونديال البرازيل الحالي. القرار يعني أن مسيرة المهاجم سواريز الكروية معرضة للخطر في الدوري الإنجليزي، كما أنه سيغيب عن كأس أمم أميركا الجنوبية العام المقبل، وبعض مباريات منتخب بلاده في تصفيات كأس العالم المؤهلة إلى مونديال 2018 في روسيا. من الطبيعي أن يثير القرار غضب مناصري سواريز، حيث دافع رئيس الأوروغواي خوسيه موخيكا عن سواريز بتعليق ظريف قال فيه: ”أنا لم أره يعض أحدا، لكنهم يتبادلون الركل والضربات القوية جدا، كما أنهم يتلقونها أيضا”. ما يراد قوله هو أن تطبيق القانون، بسرعة ودقة، وحزم، هو خير دفاع عن شرعية الوضع القائم. فالفيفا، بلجنته التأديبية، كسب شرعية بالقرارات الأخيرة هذه وأثبت جدارته بحماية اللعبة. ما يسري على عالم كرة القدم يسري على غيره. قوانين المرور في المدن العربية وفيرة وكثيرة، لكنها لا تفعّل على الأرض، ونرى ”إرهابا” مروريا في الشوارع كل يوم، عبر مظاهر ”الاستهتار” الشوارعية اليومية، وهي مظاهر خطيرة ترتبط ببناء نفسية معادية لحكم القانون و”كافرة” به. الحل ليس في تكثيف الحملات الوعظية، بل في صرامة تطبيق القانون وتشديد العقوبات. مؤخرا، كما جاء بالصحف، بدأت إدارة المرور السعودية في تطبيق قوانين وأنظمة أكثر صرامة وإجراءات مشددة بحق عدد من المخالفات التي يقوم بها السائقون للمركبات سواء كانوا من السعوديين أو المقيمين، تبدأ بعقوبة قاطعي الإشارة، فيتم إيقافهم ليوم واحد على الأقل وعدم الاكتفاء بتحرير المخالفة ضدهم سواء إلكترونيا من خلال نظام ”ساهر” أو يدويا من خلال رجل المرور أو الجهات الحكومية المساعدة، حيث يجري ربط سداد المخالفة المرورية بتنفيذهم لعقوبة السجن 24 ساعة في المرة الأولى، تغلظ تدريجيا، واعتبار من يقوم بهذا العمل متسببا بوفيات في حكم القتل العمد. الصرامة في تطبيق القانون تقي عواقب لاحقة لا نقدر على تكاليفها، ولا على ”عضاتها” وحوادثها.