نعم لفتح معابد اليهود في بلادنا ولفتح الكنائس وحرية الدين والمعتقد، فوجود هذه المعابد سابقا كان دليل على تسامح الجزائريين ورقيهم الفكري. ثم إن اليهود مهما كانت أعدادهم قليلة، هم بقوا هنا حبا في الجزائر والتي فضلوها على الهجرة إلى إسرائيل، فلو لم يفضلوا مواطنتهم كجزائريين لهجروا مثل الكثيرين. وبالتالي من حقهم ممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية تماما مثل المسلمين والمسيحيين، فهذا الوطن كان ولابد أن يبقى وطنا لنا جميعا. فمن اليهود من ضحى بحياته من أجل استقلال الجزائر وإن كان منهم من اختار الجانب الفرنسي خلال الثورة التحريرية، فأضعافهم من الجزائريين أيضا اختاروا الجزائر الفرنسية. لكن هذا حديث، وفتح معابد اليهود حديث آخر، ولا يجب أن نسقط في فخ السلفية التي تحارب خيار التسامح على أرض الجزائر، بعد أن أدخلتنا في متاهات العنف والتكفير والسبي والحرق والنهب أزيد من عشريتين. ليس لأن إسرائيل تجرم في حق الفلسطينيين وتحاصر غزة، نربط هذا العدوان على أشقائنا بفلسطين، بحرب على مواطنينا من الديانة اليهودية، فلابد من التفرقة وعدم الخلط بين اليهودية كديانة سبقت الإسلام والمسيحية، في شمال إفريقيا، وبين الصهيونية وجرائم دولة إسرائيل العنصرية التي زرعت في الجسد العربي بمخطط غربي استعماري، ومن أجل زرع ثقافة قبول الآخر، ومحو الكراهية لليهود من نفوس أطفالنا بسبب عداء خرافي لا يعنينا، فمن حق أشقائنا في المواطنة من الطائفة اليهودية العيش بكرامة وبحرية ودون تخفي في أرض الجزائر، وألا يضطروا مثلما فعلوا سابقا أيام الأزمة إلى دفن أمواتهم ليلا، وتشويه شواهد القبور حتى لا يعرف “جنود الله” أيام الأزمة الأسماء اليهودية لتصفيتها. ثم أليس من المفارقة أن نطالب بتحرير فلسطين من يهود إسرائيل ونلوم أوروبا على ترحيل اليهود من سكانها طواعية أو إجباريا إلى إسرائيل وتعميرها ونشر المستوطنات، ونضيق هنا على اليهود، حتى يضطر هؤلاء إلى الهجرة إلى فلسطين وسلب المزيد من الأراضي من الفلسطينيين. إننا بفعلنا هذا ندعم المخطط الصهيوني الذي يطلب من يهود العالم الهجرة إلى “أرض الميعاد” فلسطين واستيطانها، تلبية لخرافة بالية أحيت من أجل مشروع التطهير العرقي لأوروبا التي بدأه هيتلر وواصلته الأنظمة الأوروبية الأخرى في صمت ونفاق. ولولا هذا المخطط لما كانت هناك إسرائيل، ولما كانت اليوم قضية استعمار اسمها فلسطين ولا كان هناك شعب مشرد بين القارات محروما من حق العودة اسمه الشعب الفلسطيني. ربما من سوء حظ وزير الشؤون الدينية هذا الرجل المتفتح ذو الفكر المتنور أن يصادف إعلانه بإعادة فتح معابد اليهود بأرض الجزائر، العدوان الغاشم على فلسطين في غزة من قبل الاستعمار الصهيوني. لكن لا يجب أن لا نخلط المفاهيم، فهذا شأن جزائري، والجزائر كانت وما زالت تدعم القضية الفلسطينية وموقف الفريق الوطني مؤخرا الذي رفع علم فلسطين في المونديال ودعا بمنح هبات إلى سكان غزة لدليل أننا لن نتخلى عن هذه القضية، ولا عن القضايا الإنسانية العادلة الأخرى، مهما كانت أزماتنا الداخلية ومهما كانت خلافاتنا واختلافاتنا. نعم لفتح معابد اليهود، ولم لا معابد بوذية لآلاف الصينيين الذين جاءوا للعمل في الجزائر، إن هم طالبوا بهذا، فبلدنا مضياف وليس أفضل من هكذا تجارب لزرع المحبة بين الناس والأجيال؟!