تشهد شوارع العاصمة في ليالي رمضان زحمة خانقة، حيث تبدأ أبواق السيارات مباشرة بعد الإفطار في إطلاق زعيقها بحثا عن ممر في شوارع المدينة التي تعيش ليلها كأنه نهار. تزامن شهر الصيام مع فصل الصيف، دفع عشرات العائلات الجزائرية إلى الخروج ليلا للسمر أو لقضاء حوائجها، خاصة مع بداية العد التنازلي لعيد الفطر من أجل شراء ثياب العيد ومستلزمات تحضير الحلويات، فالسيدات اللواتي ينشغلن طوال اليوم بأمور المطبخ أو العمل خارج البيت زيادة على الحرارة في النهار. ولهذا يصبح الليل أفضل وقت للخروج من أجل التسوق. وقد ساعد وجود مساحات تجارية كبرى مثل ”السوبيرات” والمراكز التجارية، مثل أرديس بباب الزوار، من مهمة العائلات التي تجد في مكان واحد كل ما تحتاج إليه سواء من الثياب أو المواد الغذائية أو مستلزمات تحضير الحلويات. العاصمة التي تنام في الأيام العادية على السادسة مساء، تبقى فيها وسائل النقل متوفرة حتى الساعات الأولى من الصباح مثل الميترو والترامواي وخدمات التاكسي بل وحتى حافلات النقل الجماعي، وهذا ما يشجع عائلات على الخروج ليلا. تستقطب بعض الأماكن العائلات الباحثة عن نسمات منعشة بعد يوم صيام شاق وحار، وهنا يشهد شاطئ الصابلات إقبالا كبيرا على الخيمة القادمة من الجنوب الكبير، حيث تدور أكواب الشاي الصحراوي ذي النكهة المميزة طوال السهرة ممزوجا بأنغام الرجل الأزرق التي يرقص عليها سكان العاصمة، وهو يكتشف جزء من ثقافة الجزائر الشاسعة، خاصة مع وجود مرافقين يشرحون للزوار بعض تقاليد جنوبنا الكبير في رمضان.. مبادرات استحسنها سكان العاصمة واعتبروها سفرا لاكتشاف بلادهم. السهرات الرمضانية هي الأخرى لها جمهورها في العاصمة، فمن قاعة الأطلس والموڤار، حيث يمر نجوم وضيوف الديوان الوطني للثقافة والإعلام إلى ساحة البريد المركزي تتجمع العائلات للسهر على أكواب الشاي والقهوة و”الأيس كريم”. سهرات تمتد إلى الساعات الأولى من الصباح، حيث تفرغ العاصمة رويدا من زبائنها وجمهورها لتستعد لنهار ثقيل آخر يمر رتيبا في انتظار ليل رمضاني آخر تنتهزه العاصمة، لتعيش على الأقل لشهر في السنة مثل مدينة ليلية يليق بها السهر وبأهلها متعة الخروج ليلا.