تحاول غزة التقاط أنفاسها، ولو لفترة قصيرة حددت وفق الهدنة ب72 ساعة، لأجل تشييع شهدائها، وإحصاء جرحاها ونقلهم للمستشفيات لتقلي العلاج، في انتظار ما ستسفر عليه المفاوضات الجارية بالقاهرة، والتي ستحدد طبيعة الظروف التي ستخيم على القطاع فيما بعد. غزة على شفا كارثة صحية بسبب عدم انتظام برامج التطعيم تمّ التوصل بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى اتفاق بعقد هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أيام، اعتبارا من الدقيقة الأولى من منتصف ليلة الاثنين بتوقيت القدس، وذلك عقب المباحثات التي جرت في العاصمة المصرية القاهرة، بعد حضور الوفد الإسرائيلي الذي اشترطت الفصائل الفلسطينية سابقا حضوره لاستكمال المفوضات غير المباشرة، وكانت مصر قد دعت لهذه الهدنة التي تسمح باستئناف المفاوضات، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى الضحايا المدنيين من ضحايا الصراع، حسب الناطق باسم الخارجية المصرية بدر عبد العاطي. وكان الوفد الإسرائيلي قد وصل إلى القاهرة صباح أمس الاثنين، للاجتماع مع الوسطاء المصريين لإجراء مباحثات تقضي بإنهاء الحرب في قطاع غزة، وقال وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية أوفال شتاينتز في مقابلة إذاعية يوم الاثنين، إن سحب سلاح المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أمر حيوي للحفاظ على استمرارية هدنة طويلة الأمد، وعبر عن أمله في أن يتم التوصل إلى هذا الأمر عبر القنوات الدبلوماسية، وقال مصرحا للإذاعة العبرية: ”آمل التوصل إلى حل دبلوماسي، وأنا مقتنع أنه عاجلا أم آجلا سيكون علينا اختيار الحل العسكري واستعادة السيطرة المؤقتة على القطاع لنزع السلاح منه مرة أخرى”. ومع دخول التهدئة حيز التفنيد ساد الهدوء كافة أرجاء قطاع غزة، غير أن وزارة الداخلية والأمن الوطني الفلسطيني بالمواطنين قامت بتحذير المواطنين، وأمرهم باستمرار أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر خلال هذه التهدئة، وسط تسارع في انتشال الجثث، وتشييع الجنائز، كما فتحت المحلات التجارية أبوابها وبدأت حركة السير عادية، بينما كانت العائلات النازحة تعود إلى منازلها التي أجبرت على تركها خلال الهجمات الإسرائيلية، وكلها أمل في استمرار هذه الهدنة بعد سلسلة فاشلة من اتفاقات لوقف إطلاق النار. سلسلة من الغارات الجوية والبرية ساعات قبل التهدئة قبيل دقائق قليلة من انطلاق التهدئة المؤقتة، شن الطيران الحربي لجيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الغارات على مناطق مختلفة من قطاع غزة، كما رافق ذلك قصف مدفعي، ما أدى إلى استشهاد تسعة فلسطينيين بينهم طفل يبلغ من العمر 14 عاما، كما استشهد شاب فلسطيني برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر الاثنين ببلدة قبلان، قضاء نابلس، شمال الضفة الغربيةالمحتلة، عقب اشتباك مسلح مع قوات عسكرية تدعمها جرافات إسرائيلية وطائرات استطلاع في أحد أحياء البلدة، وأشار شهود إلى أن الجيش الإسرائيلي استهدف منزلا لأحد المواطنين، أسفر عن إصابة عائلة فلسطينية بأكملها برصاص الاحتلال في بلدة قبلان، ودمرت طائرات الاحتلال من نوع ”آف 16” في ساعة متأخرة من ليل الأحد، مسجد الأبرار في خان يونس جنوبي قطاع غزة، وذلك قبل ساعة عن دخول التهدئة الإنسانية التي مدتها 72 ساعة. وردا على جرائم الاحتلال بحق المدنيين وقصف المساجد والمنازل، قالت كتائب القسام في بلاغ عسكري أنها قصفت قبل دخول التهدئة حيز التنفيذ بخمس دقائق مدينة تل أبيب المحتلة بصاروخ من طراز ”ام 75”، كما قصفت في نفس التوقيت كل من ”كريات ملاخي” شرقي عسقلان، ومستوطنة ”كفار عزا”، شرقي مدينة غزة، وقاعدة سيدي تمان اللوجستية، ثمانية صواريخ من نوع ”غراد” و”قسام” على دفعات. غزة على شفا كارثة صحية وتركيا تهرع للمساعدة حذّر جواد عواد وزير الصحة الفلسطيني في بيان صحفي له، صباح يوم أمس، من تدهور الأوضاع الصحية والبيئية في غزة، على إثر العدوان الإسرائيلي الذي تسبّب بدمار كبير في المنشآت الصحية في القطاع، مؤكدا أن أمراضاً خطيرة لم تعرفها فلسطين على مدار سنوات عديدة، قد تضرب قطاع غزة نتيجة عدم انتظام برامج التطعيم إثر العدوان الإسرائيلي، الأمر الذي يزيد من فرص عودة أمراض شلل الأطفال والسل والحصبة الألمانية والجدري وغيرها من الأمراض المزمنة، وأشار عواد، إلى الواقع الصعب الذي يعاني منه القطاع الصحي في غزة ما هو إلا نتيجة للعدوان الإسرائيلي وما خلّفه من دمار كبير لحق بالمستشفيات والمراكز الصحية واستهدف الطواقم الطبية والإسعافية. ومن جهته، شدد رئيس بلدية خان يونس المهندس يحيى الأسطل، في بيان صحفي يوم أمس، على أن البلدية ”دائمة السعي في إيصال خدماتها بالرغم من بشاعة العدوان واستهدافه بشكل مباشر للمرافق الخدماتية في المدينة وضواحيها”، مشيراً إلى أن استمرار القصف أدى إلى تخريب ثلاثة خطوط رئيسية للصرف الصحي بمدخل المدينة، إضافةً إلى خط آخر في منطقة القصاص بحي الشيخ ناصر. وأشار الأسطل إلى أن معظم مضخات الصرف الصحي الصغيرة القريبة من الأحياء السكنية قد تأثرت بشكل كبير جراء الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي لمدة تزيد عن 20 ساعة يومياً، ما أدى إلى طفح كمية من مياه المجاري في محيط محطة المقابر، والتنفيذية بالمعسكر، وتابع ذات المتحدث قوله، أن بلديته قامت بضخ مياه الصرف الصحي من الأحواض المؤقتة في الأراضي المحررة إلى مياه البحر، دون معالجة نتيجة لعدم تمكنها من الوصول إلى تلك الأحواض. ودعا الأسطل كافة الجهات إلى التدخل الفوري والعاجل من أجل تأمين حياة الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية، بالإضافة إلى تأمين احتياجات البلديات من آليات ومعدات، كي تتمكن من توصيل خدماتها للسكان وتجنيبهم كوارث بيئية وصحية. ومن جهتها، بدأت تركيا في وقت متأخر من ليلة الاثنين بإجراءات نقل جرحى قطاع غزة للعلاج في تركيا، حيث توجهت طائرة إسعاف تابعة لوزارة الصحة التركية إلى إلى مطار ”بن غوريون” في تل أبيب، لنقل أول دفعة منهم، تضم أربعة أشخاص بينهم. وأفاد المسؤول عن الرحلة الدكتور محمد قوج، بأن طبيبا وثلاثة ممرضين موجودون على متن الطائرة الإسعافية المزودة بتجهيزات العناية المشددة، مضيفاً أنه من المنتظر وصول الطائرة إلى تركيا صباح الاثنين. ومن جهته أوضح نائب المدير العام لهيئة الهلال الأحمر التركي المتواجد على متن الطائرة، أن مفوضي الهيئة سيستلمون الجرحى من المستشفيات، ومن ثم سيقومون بنقلهم من غزة إلى مطار ”بن غوريون” بواسطة سيارات إسعاف عبر معبر ”بيت حانون”.