أصدر، مؤخرا، الناقد عبد الله السمطي الكتاب الأول من السلسلة النقدية عن الأدب السعودي الجديد بعنوان:”تقاطع صلاح القرشي: بنية التأويل وجماليات السرد، ويقع في أربعة فصول تناول فيها الكاتب الكثافة السردية والمثقف بين القيد والحرية، وجماليات السرد عند صلاح القرشي. وهو يرى أن قراءة العمل الروائي لا تتوجه بالضرورة إلى الكشف عن الأبنية اللغوية والسردية، أو مراودة النص ليبوح بأفكار شخصياته المتآلفة أو المفارقة، إنما تسعى القراءة إلى الكشف عما واراه الكاتب خلف شخصياته، وخلف سرداته. وإذا كان العمل الروائي قابلا لذلك فهو سيتسم لحظته بسماته النوعية والجمالية الفارقة حيث يصبح نصا مفتوحا قابلا للتأويل ولتعدد القراءات، وهذا مغزى الفن في التحليل الأخير، وهذا سر ديمومته. ويتسم النهج الروائي عند الكاتب صلاح القرشي بجملة من السمات النوعية الفارقة التي تجعله يكتب روايته بدقة وكثافة واختزال وتجريد، فالقرشي كما يتجلى من أسلوبه الروائي في روايتيه: ”بنت الجبل” و”تقاطع” يقلنا إلى عالم كتابي يفارق التوصيف الاستطرادي، والإطناب السردي، فهو يعمد دائما إلى الدخول إلى بؤرة الحدث إذا كان من ثمة حدث يرويه، أو إلى الشخصية مباشرة دون توصيفات مسبقة، بل يقدم مجموعة من الإشارات داخل العمل الروائي تتبدى من مواقف الشخصية نفسها، ويترك للقارئ الحصيف رسم الشخصية عبر هذه الإشارات، وهذا بالضبط ما يجعل روايته تستثمر آليات التكثيف والاختزال، وتقديم جملة من اللقطات السردية المتجاورة، وكأنه يكتب قصة قصيرة، أو مجموعة من القصص القصيرة جدا التي تتساوق في سلسلة سردية متتابعة. صلاح القرشي يطل عبر هذه الآليات، ومن هنا فإنه يبتكر مشاهده السردية داخل العمل الروائي بدقة ومهارة، ومن هنا أيضا فإن رواياته لا تكتب التجربة، أو تثرثرها، ولا يكتب هو تجربته الحياتية، ومشاهداته وخبراته، وإنما يرى العالم بتجربته، فيقدم عملا روائيا دقيقا، مكتوبا بحرفية وحنكة، على الرغم من البساطة التي نستقبل بها كتابته السردية للوهلة الأولى، لكنها البساطة العميقة - إذا صح التعبير - التي تتواري في أغوارها دلالات، وأنساق، ورموز. وفي سعي هذه القراءة كما يقول السمطي لرواية صلاح القرشي: ”تقاطع” أن تقف على أبرز الجوانيات النصية الكامنة فيها، ورصد خواص الآفاق السردية التي يشتغل عليها القرشي على اعتبار أن النسيج الروائي يتشكل من فضاءين.