صار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي بلغ عامه الثاني والستين، أكثر شعبية في روسيا من ذي قبل - وعلى أقل تقدير على حد وصف استطلاعات الرأي الروسية، والتي لا يمكن الاعتماد عليها بشكل أساسي، مما يعني أن الحب والإخلاص لصانع القرار الروسي الوحيد المتبقي يتحتم أن يتخذ نهجا شديد العجب والغرابة. تشمل الهدايا والإهداءات الموجهة للرئيس الروسي ما يلي: * مقترح تشريعي للاحتفال بيوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بأنه ”يوم الشعب المهذب”. ولا علاقة لذلك بالمقولة الدائمة ”أشكرك” و”أرجوك”، حيث إن ”الشعب المهذب” هو نوع من مصطلحات الدعاية الروسية للجنود المجهولين، الذين قاموا بضم شبه جزيرة القرم في شهر مارس (آذار) إلى روسيا، ثم تم الكشف عنهم في وقت لاحق بأنهم من بين القوات الروسية الخاصة المحمولة جوا. وقد أقر الكرملين بذلك غير أنه لم يؤيد الاقتراح المذكور.* رفع الأعلام الروسية والشيشانية بواسطة مائة ألف شخص في العاصمة الشيشانية غروزني. وقام رمضان قديروف، زعيم الجمهورية الانفصالية السابق، بنشر صور في منتهى الروعة على موقع ”إنستغرام”، مدعيا أن مجموع المسافة التي تمثلها الأعلام تصل إلى مائتي ألف متر. لم تكن حقا نصف المسافة من الأرض إلى القمر، على الرغم من كل شيء، فقد أضاف قديروف بضعة أصفار حماسية على ذلك الرقم. ويشك أحدنا أن ما يحدث في الشيشان هو للحصول على الإعانات من موسكو أيضا.* كتاب يبلغ طوله 41 قدما من قبل مجموعة من علماء السياسة يمثل، في صورة رسوم بيانية، 550 إنجازا من إنجازات بوتين كرئيس للبلاد. ويريد صناع تلك القطعة الفنية ضمها إلى موسوعة ”غينيس” للأرقام القياسية.* معرض فني من قبل أعضاء مجموعة على موقع ال”فيسبوك” تطلق على نفسها اسم ”شبكة أنصار بوتين”، ويصور بوتين في صورة أعمال الملك هرقل الاثني عشر. وفي إحدى لوحات الهواة التي أنتجت على عجل، يقطع بوتين رؤوس الوحش الذي يمثل الدول الغربية واليابان، ويخنق إرهابيا في صورة أسد هرقل المسمى نيمين، ويطهر إسطبلات أوغيس من آثار الفساد.* بيع منتجات تحمل صور واسم بوتين في متجر شهير يقع على الناحية المقابلة لمبنى الكرملين. وتشير تقارير وكالة ”بلومبيرغ” للأنباء إلى وجود مشترين متحمسين لشراء سترات تحمل صورة بوتين وهو يرتدي نظارات داكنة، على غرار شخصية جيمس بوند.من الصعب وربما من غير الضروري التمييز بين الحب الحقيقي وبين التملق الهستيري، ربما بسبب، في المقام الأول، أن بوتين نفسه لا يعبأ بالأمر. في عيد ميلاده الثاني والستين، وربما هو في أفضل وأهم مراحل حياته المهنية حتى الآن، قد أثبت أنه يجب أن يُخشى مثلما يجب أن يُحب. وليس من شيء آخر يمكن أن يفسر العديد من الأكاذيب المعلنة حول التدخل الروسي في الأزمة الأوكرانية، ومعاملته بازدراء لمن تبقوا أمامه من معارضين، وإشرافه على تمرير العشرات من القوانين غير الليبرالية التي أقرها برلمانه المنصاع، وكذلك دعمه المفتوح لأصحاب المليارات المقربين على حساب المواطنين الروسيين العاديين.ليس هناك فرق عملي بين الخوف والحب: فكلتا العاطفتين تؤكد أنه غير مرفوض وغير مقطوع الصلة، ويعني ذلك أنه نفسه يدين بالاحترام لأولئك الذي يعبرون عن هاتين العاطفتين.وربما هذا هو السبب، ولأول مرة بالنسبة لحاكم من حكام روسيا، في أن يخرج بوتين في عطلة، حيث انتقل جوا بالمروحية إلى موقع غير معلوم في غابات التايغا الروسية في سيبيريا، على بعد أكثر من مائتي ميل عن أقرب منطقة مأهولة. وقد تلقى بعض المكالمات الهاتفية من عدد قليل من الزعماء الذين اهتموا بتهنئته بعيد ميلاده، لكن الهدايا العجيبة سوف يطويها النسيان فور خروجه من صومعته التي يختلي فيها، وليس من المرجح أن يسأل عن تلك الهدايا مجددا. أو، ربما أصابه التعب من الناس. فالأشجار، على العكس من ذلك، تتسم دائما بالإخلاص، والاحترام الصامت.