لا شك في أن كانيدا مدرب جيد؛ لكن التدريب في كرة القدم ليس مجرد خطط وقراءة وتقييم أداء وتغيير. ثمة أهمية كبيرة للعلاقات بين أطراف اللعبة في الفريق، وأخص بالذكر العلاقة بين المدرب واللاعبين. وعندما تفوق كارينيو مع فريق النصر الموسم الماضي، أزعم أن أحد أسباب التفوق كان الجانب النفسي، ولذلك أخشى ما أخشاه أن يتراجع النصر في ظل ”الجفوة” أو ”الفجوة” بين طرفي العلاقة، بمعنى أن تعوّد لاعبي النصر علاقة ممتازة مع مدربهم الموسم الماضي أثر سلبا في حضورهم المعنوي هذا الموسم، ومباراة الأهلي الأخيرة خير دليل، بغض النظر عن سلبيات الأداء الفني. وكنت أول من أعلن استغرابه واعتراضه على التنازل عن المدرب كارينيو؛ ولكن عندما سئلت عن كانيدا فور التعاقد معه، قلت إنه مدرب ممتاز، وهو بالتأكيد يختلف عن سابقه كارينيو، ولكل واحد منهما فلسفته واستراتيجيته الخاصة، ولذلك قد يدفع النصر الثمن، إلا أنه صبر طويلا لمنح كانيدا فرصة فرض كيفية عمله، مع الوضع في الاعتبار أن ما كان يفعله كارينيو مع اللاعبين، خاصة في الاتصال المباشر لن يحدث مع كانيدا، الذي يؤمن بالحواجز بينه وبين لاعبيه، وهو لا يعطي الفرصة لاتصال واسع مع اللاعبين كما كان يحدث في فترة كارينيو. وعن الاتحاد، فقد تناولت بالتفصيل في كلمة ماضية مسألة تغيير المدربين، وقلت إن الاتحاد قد يدفع ثمن التغييرات مهما كانت كفاءة المدرب الجديد، فما بالك إن كان المدرب القادم من أوروبا؟! في ظني أن المدرب بيتوركا جيد، بالنظر إلى تاريخه، وهو مكسب بلا شك؛ لكن الإشارة الأولى منه تؤكد ما كنت أرمي إليه. لم يستبعد المدرب الروماني إجراء تغيير في العناصر غير السعودية إن لم يكن راضيا عن أدائهم. والحقيقة أن الأيام الماضية كشفت عن أن الاتحاد لم يوفق كثيرا في ما يتعلق باللاعبين الأجانب على نحو يلبي ويرضي الرغبات والطموح الاتحادي. شخصيا، لم يقنعني إلا أنطونيو دي ماتيوس الملقب ب”ماركينهو”، وحتى هذا البرازيلي ليس على مستوى عال في التهديف. لا شك في أنه محترف وفنان وحماسي، إلا أن ضعفه الكبير يتمثل في عدم الاستفادة من مهاراته في التسجيل. أتوقع أن الاتحاد سيضطر إلى تغيير بعض أجانبه، وهو في نهاية الأمر سيدفع ثمن تغيير المدرب؛ لأن الوقت غير مناسب، لا سيما أن النمور يتصدرون السباق المثير حتى اللحظة. سيجري التغيير بسبب توجه المدرب الجديد، بالإضافة إلى أن إدارة إبراهيم البلوي لم توفق في الاستقطاب بنسبة عالية؛ ولكن يظل الوضع أفضل من العام الماضي بكثير. صدارة الاتحاد تحتاج عملا كبيرا، وقدرة فائقة من المدرب الجديد على التأقلم، وسرعة دخول المعمعة، والانصهار في البوتقة، مع حرص الإدارة على حل كل ما يؤثر في روح اللاعبين. صحيح أن إدارة الاتحاد نجحت أخيرا في إحضار اسم كبير؛ لكن المعضلة تتمثل في التوقيت، ولو جاء حضور المدرب مع بداية الموسم، لكانت الكلمة مختلفة من دون جدل. المدرب الذكي يستطيع أن يواجه الموقف الصعب ببعض التنازلات، وإجادة القراءة، والانسجام السريع. في مثل هذه الحالات، يحكم على بعض المدربين. تُرى هل يستطيع كانيدا الاحتفاظ ببطولة النصر أم يتمكن بيتوركا من مفاجأة أنصار عدم التغيير، ويواصل ”الآتي” تصدره؟!