لايزال طب التجميل في الجزائر مقتصرا على علاج بعض التشوهات الخَلقية، لغياب تخصصات طبية دقيقة، حيث يضطر أصحاب بعض العيادات الخاصة إلى الاستنجاد بأطباء من خارج البلاد لإجراء عمليات ”تجميل” يدفع فيها الزبون رأس ماله ودون أي ضمانات، في حين يفضل آخرون السفر للخارج لإجرائها. الطب التجميلي تخصص غير معترف به من قبل وزارة الصحة والمجلس الجزائري لأخلاقيات مهنة الطب. لذلك لا تحتل الجزائر مرتبة رائدة في هذا المجال ولاتزال تجربتها في خطواتها الأولى بسبب نقص في الكفاءات أو القدرات الطبية. ويقول أهل الاختصاص من الجمعيات الطبية إن هذا التخصص يعرف فراغاً قانونياً في غياب الإطار الذي ينظمه، فهو لا يدرّس في الجامعات والمعاهد، ولا تقدّم باسمه الشهادات المعتمدة. لكن مصالح استشفائية في العاصمة وقسنطينة ووهران وسطيف مثلاً، أضحت توفّر جراحة الفك والوجه والرقبة من دون أن تدخل في مجال الجراحة التجميلية. في هذا الشأن، يشرح رئيس المجلس الوطني لمهنة الطب وعمادة الأطباء الجزائريين، الدكتور بقاط بركاني ل”الحياة اللندنية” عوامل تأخّر الجزائر في هذا الحقل، فيرى أنه حاجة اجتماعية، خصوصا بالنسبة للسيدات، مضيفاً أن ”الناس يلجأون إلى تونس بسبب افتقاد طب تخصصي في التجميل بالجزائر، وهذه مشكلة كبيرة لأنهم يسددون التكاليف بالعملة الصعبة”، مشيرا أن الجراحة التجميلية أكثر تعقيداً من الطب التجميلي، والأخير الأكثر طلباً ونتائجه محصورة بفترة محددة تتراوح حسب نوع العلاج بين 6 أشهر وسنة واحدة. أما الجراحة فتتطلب تقنيات أكثر تعقيداً وتخديراً عاماً للمريض، وتجرى في مصحة متخصصة تحت مراقبة وعناية عالية عقب العملية. كما تطلّب فترة نقاهة، وهذا غير متوفر في الجزائر. لكن الظاهرة التي اجتاحت ولايات شرق البلاد هي نشاط عيادات، خاصة مخالفة للقانون تستنجد بأطباء تونسيين لإجراء جراحات متجاهلة المسؤولية الأخلاقية الناجمة عن ذلك. ويرى بركاني الأمر مخالفا للقانون وسماه ”تراباندو”، لأن الطبيب أجنبي لا تنطبق عليه العدالة الجزائرية ونشاطه عمل غير شرعي. وتقتنص عدة عيادات خاصة بشرق البلاد زبائنها من خلال أطباء محليين، وتخضعهم لجراحات تجميل بسرية تامة في مقابل مبالغ خيالية. ويعلم أصحاب عيادات الجراحة أن الوزارة الصحة لن تمنح ترخيصاً للجراحين التونسيين، فيوجهون لهم دعوات استضافة خلال عطلة نهاية الأسبوع تستغل لإجرائهم جراحات تجميلية في مراكز محددة، ولا يعلم الزبائن خطورة ما يقدمون عليه، وما قد يتسبب في تشوهات خلقية وأخطاء طبية لا يعاقب عليها القانون في النهاية، لأن إجراءها كان غير شرعي. وكشف بركاني أن معظم المقيمين في الولايات الحدودية الشرقية يعالجون في تونس. في المقابل، يختار ميسوري الحال مراكز للتجميل في لبنان أو تركيا. ويقصدونها في إطار السياحة العلاجية المزدهرة في لبنان، والتي يبرع فيها أطباء هذا البلد، على رغم كلفتها الباهظة. الدكتور أوغانم ينصح بعلاج التشوهات في سنوات الشباب من جهته، كشف الدكتور محمد أوغانم، رئيس الجمعية الجزائرية للطب التجميلي، أنه من بين العمليات التجميلية المفضلة لدى الجزائريين شفط الدهون وتعديل الأنف سواء كان ذلك وراثيا أو بعد حادث وتأتي بعدها زراعة الشعر. كما يكثر الطلب على عمليات نزع الشعر بالليزر، مشيراً إلى أن الليزر في الطب التجميلي متعدد المجالات، فيستخدم في إزالة آثار الجروح التي يشكو منها بعضهم جراء التعرّض لحادث ما، إذ أثبتت هذه التقنية نجاعتها وأهميتها. ونصح الأشخاص الذين يعانون من تشوهات وندبات بضرورة خضوعهم للعلاج في سنوات الشباب، كي يتفادوا خيار الجراحة الذي يصير أمراً لا مفر منه مع تقدّمهم في السن. كما أوضح أن هناك عدد من الأطباء يمارسون تخصص طب التجميل دون تصريح من الوزارة الوصية، وذلك داخل عيادات خاصة في ظل غياب إطار قانوني لممارسة هذا التخصص باعتبار أنه ليس مدرجا كشهادة معترف بها وأن أغلب الأطباء الذين يمارسونه يؤكدون أنهم درسوا في الخارج ولديهم خبرة كافية في هذا المجال، حيث تعطي الوزارة الوصية ترخيصا بفتح عيادة في أي تخصص من الطب، وتشترط في ذلك أن يكون الطبيب حاصلا على شهادة تمنح من طرف وزارة التعليم العالي أو شهادة معادلة لها ولو كانت صادرة من جامعات أخرى. في السياق، دعا إلى عدم التوجه إلى الدول المجاورة لإجراء عمليات التجميل المكلفة هناك، مؤكدا استعمال كل التقنيات داخل الوطن، محذرا في نفس الوقت من إجرائها من طرف أطباء لم يتلقوا تكوينا في هذا المجال. مشكل المال يقف حجرة عثرة يحلم الكثيرون بالظهور في أحسن مظهر دون ندوب أو تشوهات، غير أن الحالة الاجتماعية وعدم توفر المال يقف عائقا أمامهم، حيث اشتكى لنا العديد من التقينا بهم من هذا المشكل، كون عمليات التجميل مكلفة للغاية سواء أجروها داخل الوطن أو في الخارج، حيث لا تقل تكلفة العملية الواحدة عن 10 ملايين سنتيم في أغلب الأحيان. حالة لخضرو الشاب الثلاثيني الذي تنقل من البرواڤية بالمدية ل”الفجر” عدة مرات حالة تستحق الذكر، زار الجريدة من أجل نشر نداء يستعطف من خلاله قلوب المحسنين علهم يجودون عليه بالمال كي يوفر مصاريف عمليات التجميل التي قررها الأطباء له كي يستعيد ملا مح وجهه، التي انطمست بعد حادث تعرض له في سن الطفولة. قال لخضر إن سبب تشوهه وجه هو انسكاب الزيت الساخن فوقه ما أفقده جزء من شعر رأسه وحاجبه، وكان وراء تشوه عينه وأنفه ورقبته وجزء من صدره. هذه التشوهات حرمته من أشياء كثيرة منها فرصة الحصول على وظيفة وجعلت منه شخصا انطوائيا لا تفارقه القبعة الرياضية التي يخفي بها جزءا من تشوهات رأسه. وحسب الملف الطبي الذي كان يحمله لخضر معه، فتتطلب حالته 5 عمليات جراحية للتخلص من بعض التشوهات، وهو الأمر الذي تمكن منه بفضل إعانات المحسنين بعد أن تبرعوا له بالمبالغ المطلوبة. في الوقت الحالي ينتظر لخضر أن يلقى دعما ماديا كي ينتقل إلى عيادة خاصة بتونس لإعادة زرع شعر رأسه وحاجبيه وبعض العمليات التجميلية الأخرى، وذلك لغياب هذا التخصص في الجزائر.