نشرت صحيفة فورين بوليسي الأمريكية أول أمس، مقالا بعنوان: ”نقاش على نار حامية بشأن داعش وأكتاف باردة للعراق”، أوردت فيه إجماع التصريحات الصادرة عن قمّة مجموعة السبعة بحر هذا الأسبوع في ألمانيا، على ضرورة محاربة التطرف وتنظيم الدولة الإسلامية على وجه الخصوص. تعتبر الصحيفة أنه من حق العراقيين الشك بجدية واشنطن بشأن توفير الدعم الكافي للعراقيين في حربهم ضد داعش. فبعد ما أبدت بريطانيا عزمها إرسال 125 عسكريا إضافيا، لتدريب القوات العراقية لمواجهة التنظيم، فُوجئوا باعتراف الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه لا يملك ”استراتيجية متكاملة” لتدريب القوات العراقية في حربها ضد تنظيم ”الدولة الإسلامية”. وما كاد العراقيون يستفيقون من صدمة تصريحات أوباما حتى جاء ما أصبح يُعرف على مواقع التواصل الاجتماعي بفيديو ”العبادي مهزلة”. والذي لاقى تغطية واسعة من لدن وسائل الاعلام العالمية والمحلية. ويُظهر الشريط تجاهل أوباما عمدا وبإصرار لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على هامش اجتماعات قمة السبعة، حينما كان جالسا يحادث المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي. فبينما اقترب العبادي من الثلاثي، وجلس إلى يسار أوباما، أدار الرئيس الأمريكي ظهره إلى الجهة الأخرى. وبعد مضي دقيقة كاملة من انتظار العبادي للفتة من الرئيس الأمريكي بكل لباقة، أعطى الأخير الرياح لقدميه تاركا العبادي جاثما في مكانه ينظر إلى ساعته ويحدث نفسه. ولقراءة الموقف المحرج الذي تعرض له العبادي بعيون عراقية، حاورت الصحيفة رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، لبحث الملف الأمني وزيادة دعم التحالف الدولي للجيش العراقي في حربه ضد تنظيم الدولة. فبمجرد مشاهدة الجبوري للفيديو، ارتسمت ابتسامة حزينة على وجهه وصرّح بصوت مكتئب حزين: ”من الواضح أن الولاياتالمتحدة لا تعير أدنى اهتمام لمشاكلنا”. ويشار إلى أن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أليستر باسكي أجاب حين سأله صحافيون عن مضمون الشريط، بأنه ثمّة ”شراكة فعّالة، بين أوباما والعبادي” وأن ”الزعيمين تبادلا حديثا وديا على انفراد بعد ”الفيديو المهزلة، وأضاف باسكي أن العبادي كان أحد القادة الأربع الذين تحدث معهم أوباما على انفراد خلال انعقاد القمة. كما صرّح رئيس مجلس النواب العراقي أنه بالإمكان هزم داعش في فترة وجيزة شريطة التزام واشنطن بوعودها تجاه العراقيين. وتابع قائلا ”أعتقد أنه بإمكاننا انجاز ذلك إذا كانت هنالك فعلا إرادة لهزم التنظيم. وكشف الجبوري أن تنظيم الدولة الاسلامية هيمن على الرمادي عاصمة محافظة الأنبار، في ضرف ساعات وبعدد لا يتجاوز تعداده فصيلين (أقل من 100 شخص) وبدون معارك حقيقية على الأرض. وتقول كاتبة المقال أن الجبوري يعي تماما ما يحدث في بلاده. فقد أنهك الفساد المالي والإداري الجيش العراقي. كما أن القادة العسكريين لا يملكون عقيدة قتالية بدليل أن الجيش أصبح مكانا للاسترزاق والمناصب وهو ما يفسر بعثر هؤلاء القادة بقلة قليلة من الجنود لا تملك الحماسة القتالية في ساحة المعركة بأسلحة محدودة، دون أي دعم لوجستي. وخلُص الجبوري القول بأنه لا توجد إرادة في المساعدة من لدن الأمريكان. فهو يعتقد أنه ينبغي على القوات الأمريكية أن تتعامل مباشرة مع مقاتلي الطائفة السنية، كما شجب بطء إجراءات واشنطن في محاربة داعش، ليعلنها صراحة أن الإدارة الأمريكية تتحمل قدرا كبيرا من المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع في العراق اليوم، لعدم سعيها لايجاد استراتيجية واضحة الجيش هناك”.رامسفيلد ل”سي أن أن”: ”إنشاء ديمقراطية في العراق غير واقعي وتنحية القذافي كان خطأ” ومن جهته، أكد وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد في حديث هاتفي مع ”سي أن أن” يوم الثلاثاء أن تصريحاته الأخيرة حول تشكيكه في قيام دولة ديمقراطية في العراق، لا تتعارض مع مواقفه السابقة بشأن الحرب الدائرة في هذا البلد، مشيرا إلى أن وصف الصحيفة البريطانية ”تايمز” لآرائه بالمحرجة للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، يعد أمرًا ”مثيرًا للسخرية”. وأضاف رامسفيلد قائلا ”عندما ذهبنا إلى العراق، كان اعتقادي ألا يبقى صدام حسين هناك، وأن يتم استبداله بحكومة لا تمتلك أسلحة دمار شامل، ولا تفكر في غزو جيرانها، كما تعمل على احترام التعدد الاثني داخل العراق بين السنة والشيعة والأكراد”. وكان رامسفيلد الذي شغل منصب وزير الدفاع في عهد بوش ما بين 2001 و2006، قد تحدث أيضا لصحيفة التايمز بأن تنحية الزعيم الليبي السابق معمر القذافي كان خطأ، لأنه فتح المجال لحالة من اللااستقرار في البلاد. وتأتي تصريحات رامسفيلد في فترة عاد فيها النقاش حول الحرب في العراق والوضع في الشرق الأوسط إلى الواجهة، بسبب المعارك المستمرة ضد تنظيم ”الدولة الإسلامية”.