احتضنت، أول أمس، قاعة ابن زيدون برياض الفتح في الجزائر العاصمة، العرض الأول لفيلم ”عملية مايو” للمخرج عكاشة تويتة، والذي يروي قصة هنري مايو الذي آثر الوقوف بجانب الثورة الجزائرية والنضال في سبيل استقلالها. فيلم ”عملية مايو” الذي انطلقت عملية تصويره في 2012 في إطار خمسينية الاستقلال، واختار المخرج عددا من مناطق الوطن من أجل التصوير مثل الجزائر العاصمة وعين الدفلى والشلف، وهنا تدور قصة الفيلم ومعها حياة هنري مايو المثيرة. هذا الفرنسي الأصل الذي هاجرت عائلته إلى الجزائر بعد احتلالها واختارتها لتكون موطنا لها. عائلة هنري مايو العمالية جعلته يتشبع بروح النضال ويقاوم جشع الطبقة الرأسمالية المستغلة، حيث انضم إلى العمل السياسي إلى جانب المقاومين الجزائريين، وصار رئيساً لمنظمة اتحاد الشباب الديمقراطي الجزائري التابعة سياسياً للحزب الشيوعي، وحين اندلعت حرب استقلال الجزائر في الفاتح من نوفمبر 1954 كان هنري مايو ضابط صف في الجيش الفرنسي يؤدي الخدمة العسكرية. استولى هنري مايو سنة 1956على شاحنة عسكرية كانت في الطريق إلى إحدى ثكنات الجيش الفرنسي لتزويدها بالسلاح، وكان بها نحو 300 بندقية ورشاش ومسدس و12 كيساً من القنابل وكميات كبيرة من الذخيرة الحربية وأجهزة اتصال، وهرب بها إلى جبال منطقة عين الدفلى حيث كان ينتظره رفاقه من المقاومين الجزائريين. وغداة فراره إلى صفوف الثورة كتب هنري مايو رسالة وجهها للصحافة الفرنسية نشرتها صحف باريسية عدة. وبعد أن شارك في عدة معارك وتفجيرات استهدفت مراكز الشرطة والجيش ومصالح الاحتلال بشكل عام في تلك المنطقة، حتى سقط شهيدا في 5 جوان 1956 في منطقة الشلف. ويوجد قبر هنري مايو بمقبرة المدنية، بعد أن تم نقل ما تبقى من رفاته إلى الجزائر غداة الاستقلال. وفي النقاش الذي تلا العرض أكد المخرج عكاشة تويتة أن هذا العمل يعد ”اعترافا لهنري مايو الذي ساهم في مسار تحرر الشعب الجزائري وكذا موريس لابان هذا الشهيد الذي سقط في ميدان الشرف في نفس الوقت مع هنري مايو. كما اعتبر المخرج أن الفيلم يحيي ذاكرة هنري مايو ”شهيد الثورة الجزائرية”، على غرار جميع الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم من أجل تحرير الجزائر. وقال عكاشة تويتة أنه استند إلى شهادات عائلة هنري مايو خاصة شقيقته ايفات من أجل إعادة تشكيل مشوار هذا المناضل الذي سقط حاملا السلاح من أجل أن تحيى الجزائر. ومن جهته اعترف مارتان بوتار الذي تقمص دور هنري مايو بصعوبة المهمة التي أوكلت له، مؤكدا أنه ”عمل بكل ما في وسعه لإعطاء احسن صورة عن هذه الشخصية”. للإشارة سبق لعكاشة تويتة أن أخرج عديد الأفلام الطويلة، من بينها ”صرخة الرجال” و”موريتوري”، وهو اقتباس عن رواية ياسمينة خضرة التي صدرت سنة 2007 وآخر فيلم مطول له.