في مقاله المؤثر عن شقيقه الحكيم الأمير سعود الفيصل، وجه السياسة السعودية، تحدث الأمير تركي الفيصل عن لمحات من عقل وشيم سعود الفيصل. كشف الأمير تركي أن رجل السياسة السعودي والعربي والمسلم، سعود الفيصل، كان ينوي في الفصل الأخير من حياته التركيز على قضية القضايا ومسألة المسائل، أعني معضلة العقل المتطرف، وصفه تركي الفيصل ب”الفتنة الكبرى”. يقول الكاتب في مقاله بجريدة ”الشرق الأوسط”: ”بلغني أنك عزمت قبل المغيب أن تستمر في مواجهة الفتنة الكبرى التي يعيشها المسلمون بسلسلة من المقالات، والخطب لدرءِ المخاطر، وإنهاء التشرذم الذي نحن فيه، وأنك كنت قد كلّفت بالتحضير للقاءات مع أصحاب الفكر والمعرفة لأخذ المشورة منهم والاستنارة برأيهم، فأعدك يا أخي، يا سعود الفيصل، أن أنهج ما عزمت عليه”. عظم الدور من عظم صاحبه، والسعودية، البلد، وسعود، الإنسان، هما في مكان الهامة من المسلمين والعرب. هناك أزمة خطيرة تفترس النسيج الإسلامي في كل مكان من هذه الأرض، وخطورة ”داعش”، وكل الجماعات المتطرفة، بما فيها التي لا تحمل السلاح، هي على العالم كله، وليس المسلمين وحدهم، ناهيك بأن هذا التطرف الجامح، الذي خلب لب الكثير من الصبيان والصبايا، والرجال والنساء، يشكل كارثة على عموم المسلمين العاديين، الذي يعتقدون أنه ”على هذا الأرض ما يستحق الحياة”. الكلام المعصور عن الإصلاح الديني، لم يؤد غرضه، لأسباب كثيرة ليس هنا شرحها، منها أن من يفترض بهم تقديم الدواء هم - في أغلبهم - من الداء. الحاجة ماسة لنظرة جديدة، خطوة مختلفة ومبدعة، كخطوة ”آرمسترونغ” الأولى على سطح القمر! نحن من يحتاج لهذا، حماية لوجودنا من الفناء والانتحار الجماعي، نحن وليس الغرب أو الشرق، خاصة وأن هناك من يمكر مكر الليل والنهار ليشيطن صورة كل المسلمين، خاصة السنة وخصوصا العرب وخصوصا السعودية، وفي مقدم هؤلاء المكرة، النفاثون في العقد من طهران وقم. مشروع سعود الفيصل يجب أن يكون مشروع كل المسلمين والعرب، وخلاصته تحديد المشكلة، ووصفها بشكل صادق شفاف، ثم البحث عن المخارج من ضيق التطرف والتزمت إلى سعة الاعتدال والسماحة. قلت في مناسبات سابقة، إن الإصلاح الديني، لا يخص المسلمين وحدهم، بل هو ”شأن عالمي”، لاعتبارات، منها، أن مواطني أوروبا وأميركا والدول غير المسلمة، هم من المسلمين، وعليه فحماية هؤلاء المواطنين من وباء التطرف والإرهاب، من مسؤولية تلك الدول. في بريطانيا، خطب رئيس الحكومة ديفيد كاميرون هذه الأيام وخطب في مدينة ”برمنغهام” التي يعيش فيها الكثير من المسلمين البريطانيين، وكشف عن خطة تمتد لخمس سنوات لمكافحة التطرف، والأهم فيما قال كاميرون لذلك الجمهور هذه الجملة: ”باعتباري رئيس وزراء بريطانيا، أريد العمل معكم لمواجهة وهزيمة هذا السم”. نحتاج شيئا جديدا، وأجمل تحية للراحل سعود الفيصل، هي في تحقيق حلمه الأخير. مشاري الذايدي – عن الشرق الأوسط