* الجزائريون على موعد مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، السيارات والسكنات بلغ، أمس، سعر صرف الدينار انخفاضا رهيبا أمام العملة الأمريكية، من خلال بلوغ سعر تداول الدولار بالبنوك الرسمية لأول مرة منذ الاستقلال 107.73 دج. ويأتي هذا الانهيار التاريخي للدينار أمام الدولار مقابل عدم صموده أمام الأورو الذي ورغم تسجيل تحسن طفيف في صرف العملة الوطنية أمام الأوروبية بمعدل 116 دينار مقابل 1 أورو، إلا أنه يبقى يتخبط في الحضيض، وغير بعيد أن أدنى مستوى له ”قياسي” المقدر ب121.07 دينار ل 1 أورو. هذا الانهيار الحاد للعملة الوطنية أضحى يهدّد بكوارث جديدة على الاقتصاد الجزائري خلال المرحلة المقبلة، وسط تحذيرات الخبراء والأخصائيين من ارتفاع أسعار المواد المستوردة، على غرار المواد الغذائية والأدوية والسيارات والسكنات وغيرها. هذا التهاوي الكبير للعملة الوطنية مربوط بتذبذب أسعار النفط، إذ لا يزال البرميل الجزائري دون 50 دولارا من خلال تسجيله 47.40 دولار، أمس، في بورصة لندن، وما يزيد الطين بلة هي التصريحات التي أدلى بها صندوق النقد الدولي ”أفامي” الذي يتوقع، على لسان مديرته العامة، كريستين لاغارد، أن تتواصل أسعار برميل النفط على هذه الوتيرة من الانخفاض خلال السنوات المقبلة. ويرجع الانخفاض الملاحظ في قيمة الدينار الجزائري، الذي يخضع سعر صرفه لنظام ”التعويم الموجه”، خلال الأشهر الأخيرة، إلى انخفاض أسعار النفط. ومنذ جوان 2014 تشهد العملة الوطنية انخفاضا مستمرا، لترتفع بذلك خسائرها أمام الدولار عقب انخفاض أسعار النفط. وتكشف أرقام بنك الجزائر أن سعر الصرف المتوسط للدينار مقابل الدولار قد انخفض إلى 93.24 دينار نهاية مارس 2015 مقابل 77.9 دينار سنة من قبل. ويلجأ البنك المركزي إلى مراجعة سعر الصرف ”الاسمي” للدينار بحيث يكون سعر الصرف ”الفعلي” عند مستوى توازنه الذي تحدده أساسيات الاقتصاد الوطني: أي سعر النفط وفارق التضخم وفارق الإنتاجية بين الجزائر وشركائها الأجانب. ويأتي انخفاض العملة إذن ”كنتيجة للظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد” والتي يميزها انخفاض غير مسبوق لأسعار النفط. وكان صندوق النقد الدولي قد حيا قدرة الجزائر، منذ سنة 2003، على الحفاظ على سعر صرف الدينار قريبا من مستوى توازنه. كما أن تخفيض قيمة الدينار يفرز ارتفاعا في أسعار المواد الأساسية المستوردة المدعمة من الدولة، مثل الحبوب والحليب، وهو ما سيؤدي بدوره إلى ”انفجار” فاتورة الدعم. ويسعى بنك الجزائر إلى ”إحداث التوازن بين هدفين متعاكسين: الحد من الوادرات والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن”، إذ يجد البنك المركزي نفسه ”مخيرا بين خفض الواردات وبالتالي خفض استهلاك العائلات، أو ترك الاستهلاك يسير بشكل عادي دون الاكتراث لفاتورة الاستيراد”. من جهة أخرى، فإن البنوك المركزية عبر العالم تعمد إلى تخفيض عملاتها قصد جعل صادراتها أكثر تنافسية، وهو المنطق الذي لا يمكن، حسب نفس المختص، أن تتبناه الجزائر التي ”لا تكاد تصدر شيئا خارج المحروقات”.