ممكن اعتبار السينما الغائب الكبير عن تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015، حيث ولغاية كتابة هذه الأسطر لم يشاهد الجمهور أي فيلم سينمائي يدخل في إطار التظاهرة، وهو ما يفتح السؤال على مصراعيه حول السياسة التي تنتهجها دائرة السينما. تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015 لم تعرف النجاح بشهادة كل المتتبعين، نظرا لغياب النشاطات الكبيرة، خاصة الإنتاجات السينمائية، ما جعل القائمين على التظاهرة، خصوصا رئيس دائرة السينما مراد شويحي الذي يشرف حاليا كذلك على المركز الوطني للسينما والسمعي البصري بعد تنحية سابقه عبد الكريم آيت أومزيان، في ورطة لأنه ولحد كتابة هذه الأسطر لم تر كل الأعمال السينمائية التي تفوق العشرة النور، واقتصر الأمر على انطلاق عملية تصوير ثلاثة أفلام أولها فيلم طويل بعنوان ”أسوار القلعة السبعة” للمخرج أحمد راشدي وفيلم ”البوغي”، ناهيك عن فيلم وثائقي آخر بعنوان ”طريق إلى قسنطينة” للمخرج نبيل حاجي، وكل هذه الأعمال انطلقت مؤخرا، ما يجعل احتمال عرضها قبل نهاية التظاهرة ضئيلا جدا بحكم ضيق الوقت، حيث لم يتبق سوى 4 أشهر فقط على نهاية التظاهرة. وبالعودة إلى التظاهرات السابقة التي شهدتها الجزائر وقت إشراف الوزيرة السابقة خليدة تومي، ندرك الفرق الشاسع بين تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية 2007 والتي شهدت إنتاج 84 فيلما والنصف الأكبر منها تم عرضها قبل انقضاء فترة التظاهرة، فيما عرضت باقي الأفلام لاحقا، أما إذا تحدثنا عن تلمسان عاصمة للثقافة الاسلامية 2011 فلقد أنتج حوالي 34 فيلما بين طويل ووثائقي، وعرضت تقريبا طيلة التظاهرة، كما أن احتفالية خمسينية الاستقلال شهدت هي الأخرى العديد من الإنتاجات السينمائية التاريخية التي أثرت المشهد الثقافي والسينمائي على وجه الخصوص، لتبقى تظاهرة قسنطينة الاستثناء السلبي الوحيد في كل التظاهرات الكبرى التي احتضنتها الجزائر مؤخرا بحكم غياب الإنتاج السينمائي. السؤال الجوهري الذي يطرح في الوقت الحالي هو لماذا هذا التأخر في تقديم الأعمال السينمائية التي تدخل في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015، ومن هو المسؤول عن منح المشاريع ومتابعتها، وهل هناك متابعة من طرف وزارة الثقافة لهذه المشاريع، وهل هناك محاسبة للمسؤولين عن دائرة السينما التي يرأسها مراد شويحي. وسط كل هذا تبقى السينما الغائب الأكبر عن التظاهرة التي ولدت تقريبا ميتة، خصوصا مع غياب الجمهور القسنطيني عن هذه الاحتفالية، في انتظار أن تحقق ”أيام الفيلم العربي المتوج” صداها سينمائيا بحكم البرنامج الكبير الذي سطرته محافظة المهرجان لحفظ ماء وجه السينما في هذه التظاهرة.