داعش تعدم 38 طفلا من المصابين بملتزمة داون في سوريا والعراق. هل هناك جريمة أكثر بشاعة من هذا؟ فأي دين هذا الذي يعاقب بشرا بسبب ”خليقة الرحمان”! عندنا في موروثنا الشعبي أنه عندما يولد طفل بملتزمة داون (التريزوميك) والذي سببه كروموزوم إضافي في الخلايا، عند أسرة ما، يفسر الناس هذا بأن الله وضع بركته في هذا البيت، ويحاط هؤلاء الأطفال الذين عادة لا يعمرون طويلا، بمحبة الجميع، الأهل والجيران، وخاصة لما يتمتعون به من طباع هادئة وحنان. لكن داعش لا تعرف الرحمة، وليس لها دين ولا تمت للأعراف الشعبية بصلة، إنها قمة الجرم والتشوه الذي عرفته الإنسانية. المضحك المبكي أن المملكة العربية السعودية التي قادت قرابة السنة حربا على اليمن بحجة إعادة الشرعية ومحاربة الحوثيين، تقود اليوم تحالفا جديدا لمحاربة الإرهاب، قوامه 34 دولة إسلامية. وقد تخلفت الجزائر عن هذا التحالف. الجزائر التي حاربت بمفردها هذه الآفة، ويومها كانت الفتاوى الداعمة للإرهاب تصدر من السعودية، وليس الفتاوى فحسب، بل الدعم المالي أيضا! لا أشكك في نوايا المملكة في الحرب على الإرهاب، التي يبدو أنها ستدخلها مجبرة بسبب تزايد الضغوط عليها وعلى بلدان الخليج الأخرى المتقاعسة عن محاربة الإرهاب، بل أيضا المتهمة بتغذيته بالمال والفكر. لكن قبل أن تعدوا العدة لداعش وشقيقاتها، وتقودوا الجيوش الجرارة لمحاربتها، ابدأوا أولا بتنقية مناهجكم التربوية، من الفكر الداعشي، فداعش لم تأت من العدم، فكر داعش منتشر ليس فقط في كتبكم المدرسية ومنظومتكم الفقهية، بل موجود في كل القوانين التي تتحكمون بواسطتها في شعوبكم التي تقودونها كالأنعام! قبل أن تحاربوا داعش لأنها تقطع الرؤوس وتحرق البشر، توقفوا أنتم عن إعدام الناس في الساحات العمومية في مهرجان من الفرجة والفرح، حتى وإن كان هؤلاء مجرمين، وحتى وإن كان بعضم زناة. ألستم تقومون بنفس ما تقوم به داعش عندما ترجمونهن بالحجارة وتقتلونهن ببطء أمام الملأ. توقفوا عن قطع أيدي اللصوص، وعوضوها بعقوبة تتلاءم والمشاعر الإنسانية، لأنكم بهذا تخلقون أناسا غير قادرين على العمل ليعيشوا عالة على الغير، وهي جريمة أكبر من السرقة، مهما كان المال المسروق، فهو لا يعوض عضوا من الجسم! أليس في مناهجكم فتاوى تبيح قتل تارك الصلاة حتى من دون عودة إلى رأي المشرع، بل أكثر من ذلك يجوز أكل لحمه، وأكل لحم الأسير؟ أليست مناهج الأزهر في مصر تبيح قتل المرتد وأكل لحم الأسير، وتطليق الزوجة المتهمة بالردة والكفر من رقبة زوجها وبطلان زواجهما حتى وإن كان هو رافضا لذلك؟! قبل محاربة داعش، توقفوا عن تكفير بعضكم لبعض. ألا تدعون أن الشيعة أخطر من إسرائيل؟ داعش قلت لم تأت من العدم، إنها في مناهجكم وفي كل معاملاتكم اليومية لبناتكم ونسائكم وخدمكم. حتى وإن كنتم ألغيتم العبيد، ما زلتم تستعبدون شغالاتكم بأبشع الطرق ولا يختلف أمرهم في نظركم عن الجواري والعبيد. قبل مقاتلة داعش، اقتلوا داعش التي في عقل كل رجل من رجالكم. توقفوا عن خيانة زوجاتكم وسبي بنات خصومكم. توقفوا عن إهانة بناتكم. توقفوا عن اعتبار جسم المرأة عورة وصوتها عورة وأنها مصيبة وقنبلة موقوتة. غيروا نظرتكم لأنفسكم ولنسائكم! ثم كيف ستحاربون داعش، بينما تستضيف فضائياتكم أمير جبهة النصرة خليفة القاعدة، فبماذا تختلف جبهة النصرة في جرائمها عن جرائم داعش؟ أعيدوا قراءة القرآن ونقحوا كتب التفاسير والسيرة النبوية، ففي كتب البخاري ومسلم فكر أشد قبحا وجرما من فكر داعش، وتتناقل روايات أشد دموية وبشاعة عن الجرائم التي تقترفها النصرة وداعش وقبلها القاعدة و”الجيا والأيياس” في الجزائر. أحيي الجزائر التي لم تنضم لهذه المهازل، ليس لأنها ترفض الحرب على الإرهاب، بل لأن مفهوم الإرهاب عندنا مختلف، وتعرف أن الذين يقودون اليوم تهريجا باسم الحرب على الإرهاب ليكونوا وفق موضة العصر، إنما هم من موله وهيأ له الأرضية وطبع كتبه ودفع رواتب فقهائه، بل هم من خلق إسلام البترودولار الذي يهدد اليوم كل البشرية!!