في عز البرد والانخفاض المحسوس في درجة الحرارة التي تشهدها مناطق الوطن هذه الأيام، تشهد الأسواق والمحلات المختصة في بيع الآلات الكهرومنزلية إقبالا كبيرا من المواطنين الراغبين في اقتناء مدفئة تقيهم برد الشتاء، رغم إمكانية تحول هذه الأخيرة إلى قنابل موقوتة تهدد حياتهم، حين يتهاون هؤلاء في اختيار النوعية الجيدة منها. تشهد مختلف ولايات الجزائر هذه الأيام انخفاضا محسوسا في درجة الحرارة، ما دفع الكثير من الموطنين إلى التوجه إلى أقرب محل لبيع الآلات الكهرومنزلية لاقتناء المدافئ التي باتت تشهد إقبالا منقطع النظير خلال هذه الفترة بالذات. وتتصدر المدفآت الغازية قائمة أهم أجهزة التدفئة التي يختارها المستهلك الجزائري، غير أن هذه الأخيرة تعتبر بالنسبة لرئيس الجمعية الجزائرية لحماية المستهلك وإرشاده، مصطفى زبدي، قنابل موقوتة تتسبب في وضع حياة المواطن على المحك، لاسيما تلك الرديئة منها التي تصنع في البلدان الآسيوية، خاصة الصين. تتعدد الأسباب المؤدية إلى تسربات الغاز من المدفئات التي تنتشر في الأسواق، فبين غياب الصيانة الروتينية لتلك الأجهزة وسوء استعمالها أو بكل بساطة، بسبب سوء اختيار الأجهزة التي نقتنيها لبيوتنا. وخلال جولة قادتنا إلى بعض هذه الأسواق لمسنا غيابا تاما لثقافة الاستهلالك، والتي تدفع المستهلك للبحث عن أبخس الأثمان غير مبالين بالخطورة التي يمكن أن يتسبب بها سوء اختيار هذا الجهاز الحساس. وفي السياق ذاته كان لنا حديث مع صاحب محل بسوق الحميز، الذي يشتهر ببيع هذه الآلات الكهرومنزلية، والذي وجدناه منهمكا في إرشاد الزبائن الذين كانوا يعدون بالعشرات داخل محله، أوضح لنا أن تجارة المدفئة تنتعش خلال هذا الموسم من السنة، منوها في هذا السياق: ”أنا جد حائر بشأن نقص ثقافة السلامة عند المواطنين الذين يمتنعون عن تشغيل المكيف الهوائي في الشتاء ويقبلون في المقابل على شراء مدفأة، غير مدركين أن المكيفات الهوائية في هذه الحالة هي أكثر أمانا من المدفئة التي حتى إن كانت من النوع الجيد، إلا أن البعض يسيء استعمالها لدرجة تجعلها خطيرة وتهدد حياته وحياة أسرته بالكامل. ومن جهته يقول مراد أحد الزبائن الذي التقينا به خلال جولتنا، والذي كان يبحث عن جهاز يجمع بين الأمن، السلامة والسعر، والذي يقول: ”أصبح اليوم من الصعب اقتناء شيء جيد ذي نوعية عالية دون دفع ثمن باهظ، ما يدفع الكثيرين إلى الالتفات أكثر نحو تلك الأنواع الرديئة، باحثين عن السعر المنخفض، وهنا لا يمكن إلقاء اللوم عليهم، خصوصا أصحاب الدخل المحدود، إذ يبقى عامل تدفئة المنزل خلال أيام البرد بالنسبة لهم أهم من السلامة”. جمعية حماية المستهلك تحذر من خطورة الأمر كشف رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك وإرشاده مصطفى زبدي، أن حالات الاختناق والحرائق المندلعة من وسائل التدفئة تصدر أساسا من تلك الأجهزة التي تعتمد في تشغيلها على ”الكيروزان”. ويضيف أنه لا يقتصر خطر سوء استخدام وسائل التدفئة على اختيار الرديء منها أو استخدام التوصيلات الغازية بطريقة خاطئة عند تشغيلها، فهناك ممارسات أخرى خاطئة يرتكبها البعض تؤدي بتحويلها من جهاز تدفئة إلى جهاز خطير، مثل تعليق الملابس المبللة فوق المدفأة الزيتية بهدف تجفيفها، ما يؤدي إلى وصول الماء إلى الأجزاء المكهربة. وفي السياق ذاته يؤكد مصطفى زبدي أن المجتمع المدني يجدد مع بداية كل موسم حملات التوعية والإرشاد حول حسن استغلال تلك الأجهزة وتفادي جعلها مشكلا يهدد حياة الكثيرين. ورغم أن تلك الحملات تحقق أهداف عديدة، إلا أن ذلك يبقى غير كافيا، حسبه، منوها إلى ضرورة تجديد التوعية في كل مناسبة، لأن البعض يهمشون جانب الأمن ويتناسون المخاطر التي تحملها تلك الأجهزة، وبالتالي يبقى الهدف من تلك الحملات؛ تنمية مستوى الوعي العام حتى ننجح في تخفيض الحوادث ولو بصورة نسبية.