جميل ما أعلن عنه أمس، الشيخ محمد بن راشد، أمير دبي في تغريدات له على التويتر، والمتعلق باستحداث وزارتين، الأولى وهي منصب وزير دولة للسعادة، مهمته الأساسية مواءمة كافة خطط الدولة وبرامجها وسياساتها لتحقيق سعادة المجتمع، والأخرى وزارة للتسامح لترسيخ التسامح كقيمة أساسية في المجتمع الإماراتي. إنها تجربة غير مسبوقة حتى في العالم الذي يرفع شعار الدفاع عن حقوق الإنسان، ويقود حروبا مدمرة باسمها. كما استحدث مجلس أعلى للشباب تترأسه شابة لا يتجاوز عمرها 22 سنة. أتت هذه التغريدات تزامنا مع القمة العالمية للحكومات التي انعقدت أول أمس بدبي ويحضرها الوزير الأول عبد المالك سلال. لم يحدد حاكم دبي الجدول الزمني لهذه الاستحداثات، لكن الذي يعرف الإمارة وكيف تسير بخطى متسارعة على طريق التطور، سيصدق حتما ما يقوله هذا الرجل، الذي جعل من إمارته جوهرة وتحفة عمرانية وملتقى لكل الأجناس والثقافات، تتعايش في تناغم تحت قوانين الإمارات الصارمة، فلا ظلم ولا سرقات ولا اغتصاب ولا اختطاف في هذه الإمارة التي حتما ستصبح يوما ما مرجعية كتجربة فريدة من نوعها. محمد بن راشد يحقق أحلام الملايين، ويعطي شعبه مناخا مفعما بالفرح والأمان، مثل ذلك الذي كنا نحلم به ونحن أطفال ولا زلنا نتمنى تحقيقه لأبنائنا في هذا العالم المملوء بالمظالم والجنون والحروب. لا ليس النفط من صنع الإمارة، بل حرية التفكير وحرية العمل، والتحديات التي رفعتها الإمارات الفتية النشأة مقارنة بدول عريقة، وهي تجسيد لحلم رجل ما زال شعبه يبكيه ويذكره بكل خير بعد أكثر من عقد من الزمن على رحيله، رجل حكيم، فتح بلاده لكل الأفكار البناءة والكفاءات ووضع بين أيديهم الإمكانيات والظروف اللائقة لتوليد الأفكار في هذه الأرض التي كانت قاحلة ولا تصلح حتى لرعاية الإبل. ليس النفط، فقد كان سببا سرعان ما تم تجاوزه بعد أن خلق أسباب ثراء أخرى واستغنت الإمارات عنه نهائيا منذ أيام فقط باحتفالها بتصدير آخر برميل للنفط. ها هي الإمارات اليوم بهذا الإعلان، تتحول من بناء ”الجدران” إلى بناء الإنسان، بتركيزها على توفير منظومة تربوية مثالية مثلما تحدث الشيخ بن راشد في تغريداته، ولإسعاد الإنسان، فوحده مناخ من الاستقرار ومنظومة تعليم حضارية من شأنها أن تبني الإنسان، فقد كانت الانتقادات الموجهة لدول الخليج أنها تهتم بالعمران وتنسى الإنسان. أعرف أن الحياة هناك صعبة وثمن المعيشة هناك رهيب، والقوانين خاصة تجاه الوافدين صارمة وجافة أحيانا، فلأدنى خطإ يتم ”تسفير” الوافدين ويفقدون كل حقوقهم هناك. ولكن تبقى هذه الإمارة حقا مثالا للتسامح واحترام الآخر إذا ما احترم قوانين البلاد، حتى قبل استحداث الوزارة، فهناك تتعايش كل الثقافات في تناغم، وكأن البلاد ورشة مفتوحة لتجريب ما ستكون عليه الإنسانية مستقبلا، إذا ما اختارت نظاما آخر للعولمة، غير عولمة الرعب التي تروج لها داعش وحليفتها أمريكا. نقطة سوداء أعيبها على الإمارات، وهي اعتزامها المشاركة رفقة المملكة في هجوم بري في سوريا قريبا، فالذي يريد السعادة لشعبه لا يقود حربا على الآخرين، لأن داعش لن تكون المستهدفة في هذه الحرب مثلما يدّعون!!