اختير البروفيسور والمفكر أحمد ڤوراية، الخبير في علم النفس السياسي، كأول عربي مشارك في ملتقى الصحة النفسية الذي احتضنته ”ليكسمبورغ” بحضور كبار الأخصائيين النفسانيين في العالم. اعتبر الدكتور ڤوراية، خلال مداخلته في الملتقى الذي حمل عنوان ”الصحة النفسية وانعكاساتها على سلوك الفرد”، أن الصحة النفسية هي ذلك التوازن النفسي للفرد، والذي يعمل على إنتاج التوازن العقلي للفرد ليترجم في السلوك البدني المرئي، سواء في المعاملات السلوكية العامة أوالعملية أوالفكرية. وأوضح ڤوراية أن الصحة النفسية هي حالة من الاتزان والاعتدال النفسي للفرد، والذي يظهر عليه الثبات الانفعالي المميز للشخصية ومن الإحساس بالاطمئنان والأمان والرضا عن الذات والقدرة على التكيف مع المجتمع وحل مشاكله، ثم امتلاك مهارات التفاعل النفسي للفرد داخل المجتمع، وقد تمكنه في التدرج في مراحل الصحة النفسية إذا استطاع التحكم والسيطرة على ميولاته وانفعالاته النفسية ومجاهدة النفس والاجتهاد في العمل الصالح، والذي يهدف نفسيا إلى امتلاك القدرة على المراقبة الذاتية وفهم الخوالج النفسية. وتقوى لديه الإرادة النفسية التي تحارب انحراف الميول وإصلاح الإدراك و التفريق بين الحق والباطل وتقاوم حدة المرض النفسي حسب حدة فقدان السيطرة على المشاعر والأفكار والسلوك وحدة هشاشة الانفعالات النفسية ومن درجات المرض النفسي. أسقط البروفيسور المفهوم المتكامل، للصحة النفسية وفق المنظور الديني معتبرا أنها ترتكز على الإيمان، لأن هذا الإيمان يمكنك من امتلاك رؤية واضحة عن الكون والنفس، والتي توصل نحو مرتبة النفس المطمئنة. وقد ترتكز الصحة النفسية - حسب قوراية - أساسا على ثلاثة عناصر هي الأمراض الناشئة عن التطرف في حب الذات، والأنانية القوية يكون منشؤها الخضوع المطلق لرغبات النفس وأهوائها، وفقدان السيطرة. ومن صفاتها الظاهرة التكبر والتجبر، والأنانية، والغرور، والتبجح والادعاء.. وكذا الأمراض النفسية العقلية التي تأتي من الشعور بالحرمان المادي العاطفي، والتباس مفهومي الحياة والموت، ومن صفاتها في الفرد الوسواس القهري والاكتئاب، بالإضافة إلى القلق والخوف المرضي الذي يأتي من الإحساس بفقدان المساندة المرتبطة بثقة الإنسان بالخالق وحسن التوكل عليه، ويظهر في حالة شعورية من الضيق والخوف والفوبيا المرضية غير المبرر من المجهول المصحوب بانعكاس عضوي على أغلب أعضاء الجسم. وتثمر الصحة النفسية - حسب الخبير في علم النفس- حتما المرحلة الأخرى، وهي ما يسمى تطوير الذات أوالتنمية الإنسانية، وهذا مصطلح جديد طرحه في الميدان النفسي، لأنه يحمل مدلولات كثيرة بتربية النفس وتطويرها بإدارة الإنسان لذاته إدارة إيجابية وتطوير والرقي لشخصيته ونفسه من خلال واقع المجتمع. يتم تطوير الإنسان تلقائيا منذ ولادته فتقوم الأسرة والمدرسة والبيئة بتطوير الإنسان وتربيته وتنشئته على الأخلاق، وتعويده لكي يتقدم في سلوكه ويصنع نفسه بنفسه. كما يعد العمل والاجتهاد والتوكل على الخالق، المفتاح الجديد لصناعة الإنسان الجديد في العالم الجديد من خلال تطوير ذاته، وهو من أهم وأجل الأعمال التي يقوم بها ليتمكن في الحياة النفسية، وفق نظرة الدكتور أحمد ڤوراية.