وجه قاضي التحقيق الفرنسي سيرج تورنير، أوّل أمس، تهما رسمية لرئيس فرنسا السابق نيكولا ساركوزي (61 عاما) لتمويله حملته الانتخابية لعام 2012 بطرق تتنافى وقوانين الجمهورية الفرنسية. وأمضى ساركوزي يوم الثلاثاء، 12 ساعة كاملة في مكتب المدعي العام المالي لمدينة باريس للإدلاء بإفادته، والذي أبلغه أن التحقيق لا يزال ساريا، للاشتباه في تورّطه في قضايا فساد مالي خلال حملته الانتخابية التي أظهر التحقيق أنها تخطت الحدود القانونية للإنفاق الانتخابي. ويتعلق الأمر بالقضية المعروفة إعلاميا ب”بغماليون”، وهي الشركة التي أشرفت على تنظيم التجمعات الانتخابية لنيكولا ساركوزي، والذي تضمّن فواتير مزورة، وإخفاء تجاوز تمويل الحملة الانتخابية السقف القانوني المحدد ب 22.5 مليون يورو. وتمّ خلال ”حملة ساركوزي المشبوهة” شخ مبلغ قدر ب 18.5ملايين يورو في حساب حزب ”الاتحاد من أجل حركة شعبية”، الذي أصبح يعرف لاحقا ب”الجمهوريون” والتي يعتقد أنها دخلت في حسابات حملة ساركوزي. واعترف عدد من كبار مسؤولي بغماليون، كمحاسبها وعدد من المسؤولين السابقين في ”الاتحاد من أجل حركة شعبية”، بحدوث هذه التجاوزات، لكن لم يقرّ أي منهم بأن يكون ساركوزي وراء اتخاذ القرار. ومن جهته نفى ساركوزي معرفة سابقة بالحسابات المزورة، وكان قد نسب خلال جلسة استماع جرت في سبتمبر 2015 مسؤولية الفواتير المزورة إلى شركة بغماليون والحزب الذي كان برئاسة جون فرانسوا كوبيه آنذاك، والذي اعتبر فيما بعد ”شاهدا يتمتع بالمساعدة”. لكنّ المدعي العام في باريس فرانسوا مولانس أعلن أنه على إثر السماع إلى أقوال ساركوزي ”وجهت إليه تهمة تمويل حملته الانتخابية بصورة غير شرعية إذ تخطى بصفته مرشحا السقف القانوني للنفقات الانتخابية”. واعتبر بيان صدر مولانس ساركوزي ”شاهدا يحظى بمساعدة محام بتهم استخدام وثائق مزورة والاحتيال واستغلال الثقة”. آلان جوبي: المتهم بريء حتى تثبت إدانته، لكن يجب أن يدافع ساركوزي عن نفسه بما يمليه القانون وفي السياق، اختار الخصم الأبرز لسركوزي، رئيس بلدية بوردو، آلان جوبي، موقع التواصل الاجتماعي تويتر للتعليق على قرار القضاء الفرنسي توجيه تهم رسمية لساركوزي بتمويل حملته الانتخابية عام 2012 بطرقة مخالفة للقانون. وكتب جوبي: ”أتمنى أن يتصرّف نيكولا ساركوزى وفق ما تمليه سيادة القانون. مودتي في هذه الأوقات الصعبة”. وقال جوبي أن لساركوزي الحق أن يعتبر نفسه بريئا من التهم المنسوبة إليه، مثله في ذلك مثل كل مواطن فرنسي، وعلينا جميعا احترام هذا الحق. ويشار إلى أن القضاء الفرنسي فتح التحقيق في هذه القضية في تهم التزوير واستغلال الثقة والاحتيال والتمويل المخالف للقانون لحملة انتخابية. ووجه حتى الآن تهما بالفساد إلى 13 مسؤولا سابقا في ”الاتحاد من أجل حركة شعبية” والحملة الرئاسية وشركة بغماليون. ويرى ملاحظون أنّ فضيحة بغماليون التي أطاحت بفرانسوا كوبيه من رئاسة ”حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية”، أهم أحزاب يمين الوسط في فرنسا، ستقضي أيضا على آمال نيكولا ساركوزي في العودة مجددا إلى قصر الاليزيه خلال انتخابات الرئاسة المزمع إجراءها في عام 2017. وتضاف بغماليون إلى سلسلة فضائح الفساد السياسي والمالي التي نسبت إلى الكثير من السياسيين في فرنسا في الأعوام الأخيرة وتزيد من انعدام الثقة في النخبة السياسية.