* بن غبريط هي أول من فتحت أبواب تصحيح اختلالات 2003 وأطراف تريد عرقلتها * برامج الجيل الثاني هي إعادة كتابة المناهج لاعتماد رسميا المقاربة بالكفاءات يكشف رئيس اللجنة الوطنية للمناهج بوزارة التربية الوطنية، فريد عادل، وفي حوار خاص ”للفجر” ينشر في عددين، عن حقيقة الإصلاحات الجديدة التي تستعد لتطبيقها وزيرة التربية نورية بن غبريط بداية من الموسم الدراسي المقبل، وهذا تحت تسمية ”مناهج الجيل الثاني”، كما سيوضح للرأي العام المعدين الحقيقين لها وعن المرجعية الحقيقية لمجمل التعديلات المعتمدة، وكل تفاصيل ساعات اللغة العربية والفرنسية في الوقت الذي سيعرج فيه للحملة الشرسة التي تتعرض إليها وزيرة التربية ومحاولات زعزعتها من على رأس القطاع، وهذا قبل التطرق في عدد الغد إلى ما سيحمله الموسم المقبل من تغييرات على تلاميذ الأولى والثانية ابتدائي وتلاميذ الأولى متوسط، وهذا مع الوقوف على التعديلات التي ستطال عملية التقويم وقضية حرمان ناجحي مسابقة توظيف 2016 من تدريس أقسام السنة الأولى والثانية ابتدائي العام القادم وكذا أقسام السنة الأولى من التعليم المتوسط المتجاوز عددهم 25 ألف أستاذ. الفجر: كثر الحديث مؤخرا حول الإصلاحات الجديدة للبرامج التربوية التي أطلق عليها الجيل الثاني، وهل يمكن شرح معنى الجيل الثاني وكيف تم اعتمادها؟ وما الذي ستحمله الإصلاحات الجديدة مقارنة بسابقاتها؟ فريد عادل: اللجنة الوطنية للمناهج، كانت تسمي التعديلات الجديدة ”إعادة ضبط المناهج”، وحينما أتت معالي الوزيرة للقطاع قررت أن تسميها الجيل الثاني معتمدة على أن إصلاحات 2003 هو برامج الجيل الأول. برامج ”الجيل الثاني” تسمية أطلقت عفويا من وزير التربية، وبالتالي فإن التسمية ليس لها خلفية، وأنها جاءت تلقائيا وعفويا، وهو عبارة عن ”إعادة كتابة المناهج” وقد يكون جيل ثالث، بالنظر أن عملية إعداد المناهج متواصلة وهذا على مستوى كل الدول، فكلما تسجل أي خلل سواء في المنهاج نفسه أو في طريقة تطبيقه، أو تسجيل عدم فهم الأساتذة بعض المنهجيات، فنحن ملزمين بإعادة النظر ونعمل على تحسينه وتطويره. وعن ما ستحمله هذه الإصلاحات فإن على الجزائريين أن يعلموا أن إعادة النظر في برامج الجيل الأول ليس إعادة نظر شاملة وبنظرة جديدة، وإنما ظهر في تطبيق الجيل الأول بعض الاختلالات التي لم تسمح بتطبيق المقاربة التي اخترناها، كطريقة أو منهجية لوضع هذه البرامج، وبالتالي فإن مناهج الجيل الثاني هو مواصلة تحسين وتعديل للبرامج القديمة التي تطبق حاليا. والحديث عن ما ستحمله الإصلاحات يلزمنا الوقوف على المحاسن التي تتميّز بها المناهج الجديدة تلك الجوانب التي تتمثّل في اعتبار المدرسة كيانا شاملا من حيث المعارف والمهارات التي تعمل على توظيف الجانب المعرفي وتفعيل البنية الاجتماعية (معرفة كيفية بناء الإشكال، الاستقراء والاستنتاج، التلخيص والتعميم، الخيال، النقاش، المعارضة، تسيير الصرعات، العمل الجماعي…)، إلى جانب السلوك والتصرف، وذلك مسعى بناء الهويّة وتحقيقها باعتبارها نتاجا لمسار تاريخي طويل، ومفعول فردي وجماعي (مكون من مواقف وسلوكات) في حصيلة المسارات الثقافية لبلادنا. ومناهج الجيل الثاني تركز على القيم الجزائرية لكونها لحمة تضامن اجتماعي يحمله التاريخ كما تحمله الجغرافيا، والتراث الثقافي والقيم الروحية. وإلى جانب السياق الوطني لمضامين البرامج والمناهج المقبلة، فقد كان التأكيد أيضا على فك التعقيد الذي تتصف به اليوم الأمور في المجتمع والعالم أجمع، والذي يفرض تجنيدا مختلفا للمعارف المبنية على أساس مهارات فكرية عالية. كما تجدر الإشارة أن نظرا للاستعجال الذي عرفه تصميم برامج الجيل الأول ونظرا للاختلالات التي سجلت في التطبيق بين 2003 و2007، حيث نوعية الكفاءات لم تكن تامة، فإن برامج الجيل الثاني ستصحح هذه الاختلالات واعتماد المقاربة بالكفاءات بالمائة التي فشل في تطبيقها سابقا وأثرها على التلاميذ سيكون مهم جدا. ما حقيقة وصحة المعلومات المتداولة بأن برامج الجيل الثاني ستعزز تدريس ثقافة المجتمع الفرنسي وإلغاء الهوية الجزائرية؟ هذا خطأ كبير ولم نفكر في ذلك أبدا، ولم نتجرأ أبدا أن نأخذ النموذج الفرنسي ونطبقه على المدرسة الجزائرية، إما في الثقافة أو في المعيشة، رغم أن هناك رغبة فرنسية في ذلك وعملائهم يسعون إلى ذلك، ولن أقبل أبدا كرئيس لجنة وكابن شهيد ”أن أكتب حرف لصالحهم، ولم يكونوننا ولا نحتاجهم، لأنه عندنا كفاءاتنا ولدينا جامعيين أكفاء تم اعتمادهم”. التشكيل إلزامي في نصوص اللغة العربية في الطور الأول ولا تكسير للغة الدولة هل حقيقة أن النصوص الخاصة باللغة العربية التي عدلت ستكون خالية من التشكيل بغرض تكسيرها على حساب اللغة الفرنسية؟ أفنّد قطعيا هذه الإشاعات، ونحن ركزنا على التشكيل في برامج الجيل الثاني التي هي مهمة في الطور الأول أي ”السنة الأولى والثانية ابتدائي” والحروف ملزمة أن تكون مشكلة، لكن الأساتذة مجبرين من فترة إلى أخرى كتابة كلمات بدون تشكيل، من أجل تعويد التلاميذ على قراءة هذه الكلمات قراءة صحيحة بالاعتماد على كفاءاتهم الخاصة. كما أؤكد أن مكانة اللغة العربية محفوظة ولن يتم تكسيرها على حساب الفرنسية فهي لغة الدولة رفقة اللغة الأمازيغية التي أقرّها الدستور والتي تشرع وزيرة التربية في تعميمها على كل مؤسسات التربية وطنيا. الوزيرة تقول في كل مرة أن البرامج تهدف إلى تطوير المدرسة الجزائرية في حين تبقى آلية تعليم الانجليزية تقليدية وحجمها الساعي ضعيف مقارنة باللغة الفرنسية، رغم أنها لغة العلوم؟ إننا نعمل ومن خلال التعديلات أن يكون التلميذ الجزائري متحكما في اللغة العربية وإضافة إلى اللغة الأمازيغة واللغة الفرنسية والانجليزية، وما يجب أن يعرفه الجزائريون أن اللغة الفرنسية هي كأي لغة أخرى، وكل ما كان التلميذ له رصيد لغات فهو مفيد له، في ظل تفكير الوزيرة إدخال اللغة الصينية والتركية، وهو ما يسمح للتلاميذ الانفتاح أكثر على العالم وتسهل له مستقبلا عملية مواصلة تعليمه العالي في أي بلد كان، وحتى في تقليد مناصب عمل مهمة في السفارات الجزائرية بالخارج. لا حذف للتربية الإسلامية وعدد حصص العربية في الصدارة مقارنة بالفرنسية ما هو حجم اللغة العربية والفرنسية في الابتدائي وهل حقيقة تم التساوي في حجم المادتين في برامج الجيل الثاني؟ لا يوجد أي مساواة في الحجم الساعي بين المادتين، وهي كلها مغالطات، حيث الحجم الساعي في مادة اللغة العربية أسبوعيا في السنة الأولى ابتدائي هو 11 ساعة و15 دقيقة ونفس الشيء بالنسبة للسنة الثانية، في حين تم إدراج 9 ساعات بالنسبة للسنة الثالثة، و8 ساعات و15 دقيقة في السنة الرابعة ابتدائي رفقة السنة الخامسة. أما بالنسبة لمادة اللغة الفرنسية والتي يدرسها التلاميذ بداية من السنة الثالثة، فقد حدد لها فقط 3 ساعات أسبوعيا، في حين وفي السنة الرابعة ابتدائي خصص لها 4 ساعات و30 دقيقة للأعمال الموجهة ونفس الشيء للخامسة ابتدائي. هل ستبقون على آيات الجهاد في المنظومة التربوية في إطار مكافحة التشدد والإرهاب خاصة وأن هناك من يدعو إلى حذف هذه الآيات؟ لا مساس في برامج التربية الإسلامية والتعديلات طفيفة هو في إطار دائما إدخال المقاربة بالكفاءات في ظل التركيز على تعليم السلوكيات الحسنة. هؤلاء المعدون الحقيقيون لبرامج 8 ملايين تلميذ وكل تفاصيل المرجعية المعتمدة البعض يطالبون بإقالة الوزيرة، هل ما يحصل من ترويج لإشاعات فضائح الجيل الثاني وقبلها الحملة المنددة لتدريس العامية ثم الاستنجاد ب11 أخصائي فرنسي ورائها أغراض دنيئة لإطاحة برأس الوزيرة؟ اغتنم الفرصة لأؤكد حول إشاعات اللغة العامية، أنه لا يوجد أي مشروع لتدريس لغة العامية ولم نفكر بها أبدا، لا الآن ولا حاضرا ولا مستقبلا، وكل ما روّج مجرد إشاعات؟ أما عن إشاعات برامج الجيل الثاني ”فالمشكل ليس هو الإطاحة بوزيرة التربية وإنما بما تمثله الوزيرة من توجه على أساس أنها تمثل التوجه العصري، الذي تحتاج إليه المدرسة الجزائرية لمنافسة كبريات المدارس العالمية”. وأن ما نقوم به هو تحدي كبير من أجل تحسين سلوكات التلميذ وتوجهيه نحو التفكير الايجابي وتحسين وتطوير المدرسة الجزائرية، والوزيرة لها أفكار جيدة من أجل إيصالها إلى مكانة عالية وهي أول من فتحت لنا الأبواب من أجل تصحيح أخطاء 2003 وإعادة النظر في الاختلالات المسجلة. من هم المعدين الحقيقين للبرامج وهل يمكن ذكر أسمائهم وكفاءاتهم في ظل إشاعات استدعاء 11 خبير فرنسي؟ ورفض النقابات عملية تغييبها عن حضور جلسات اللجنة الوطنية للبرامج؟ المعدين للمناهج هم جزائريون الأصل، ومن كل الشرائح المجتمع ”شاويين وقبائليون وصحراويون، أي من كل ربوع الوطن، وأينما وجدت كفائة تم استدعائها، وعدد أعضاء اللجنة انطلق ب200 مختص في 2003 وهي حاليا ب130 مختصا، وكلهم جامعيين على غرار مثلا أستاذ في المدرسة العليا للأستاذة وهو أستاذ فيزياء وهو مكلف بالعلوم، ويوجد زميل آخر ”أستاذ جامعي في علوم التربية، وزميلة ”غ، ش” مختصة في اللغة العربية، وأشدّد أنها نفس اللجنة التي كانت تعمل في 2003. أما عن تغييب النقابات، فإنه مما أستطيع قوله ”أن النقابات ليست لها أي دخل في المناهج وهي لديها مهمة اجتماعية”. أطراف نقابية وحتى حزبية تشكو من عدم اطلاعها على المرجعية الحقيقية لبرامج الجيل الثاني، هل يمكن أن تقدم لنا توضيحات في هذا الإطار؟ أكيد أن أي إصلاح في حاجة إلى وثيقة إطار موحدة، تبرز أكثر توجيه أهداف المنظومة نحو إرساء هذه القيم، واللجنة اعتمدت وثيقة ”المرجعية العامة للمناهج الجزائرية” هي ثمرة نضج فكري، علمي وبيداغوجي لكفاءات وطنية. إنها وثيقة ذات طابع تقني ومنهجي، موجهة لعملية تصميم المناهج وإعدادها، وتكييف الاستراتيجيات البيداغوجية، علما أنها وثيقة منهجية أعدتها اللجنة الوطنية. بالعودة للقانون التوجهي الذي يحدد كيف تصمم المناهج، هذا ويوجد وثيقة من الناحية التقنية الدليل المنهجي موجه لمصممي المناهج، أعدتها اللجنة الوطنية لإعداد المناهج أيضا، وإنها تترجم المحاور الكبرى للسياسة التربوية ومبادئها، كما أنها مرجعية أولى ووسيلة المصادقة على المناهج في الوقت نفسه، وتم طبعه ونشره سنة 2009. كما تجدر الإشارة أنه امتدادا لهذه المرجعية العامة، أعدّ ”دليل منهجي”، وهو وثيقة ذات طابع تقني وإطار بيداغوجي، توضح إجراءات المرجعية العامة وتجعلها إجرائية في إعداد المناهج.