نفى الرّئيس الرّوسي فلاديمير بوتين مزاعم تورّطه في شبكات تهريب الأموال التي كشفت عنها تسريبات ”وثائق بنما” مؤخرا، مؤكدا أنها من صنع دوائر أمريكية رسمية وأن الهدف من ورائها هو زعزعة استقرار بلاده. وقال بوتين للمشاركين في ندوة إعلامية استضافتها مدينة سان بطرسبورغ، يوم الخميس، معلقا على التسريبات: ”إنكم صحفيون وتعرفون جيدا ما هي السلعة الإعلامية”. وأضاف قائلا: ”إنّ ما يثير قلق ناشري تلك الوثائق هو تلاحم الأمّة الروسية، لذا نجدهم يسعون إلى تفكيكها”. وتابع القول ”هناك صديق معين للرئيس، فعل كذا وكذا، اذن هناك عنصر فساد هنا. ولكن لا يوجد اي عنصر فساد هناك”. واستغرب بوتين تصدر صورته الصحف التي نشرت نتائج التحقيقات، رغم عدم وجود أي دلائل على ضلوعه في الفضيحة. وأشاد بوتين بصديقه عازف التشيلو سيرغي رولدوغين الذي ذكرته الوثائق. وقال إنه فخور بصداقته مع رولدوغين وأمثاله من الشخصيات الروسية الرائدة. وأكد أن هذا الموسيقار المعروف ينفق كافة الأموال التي يكسبها خارج روسيا على اقتناء آليات موسيقية ثمينة، يسلمها لاحقا لمعاهد موسيقية حكومية، كما أنه ينظم حفلات موسيقية، وينخرط في الترويج للثقافة الروسية في الخارج، من ماله الخاص. وقال بوتين إن رولدوغين، حسب علمه، مساهم في إحدى الشركات الروسية، لكنه مزاعم حصوله على ملايين الدولارات” هراء”. وكان موقع ”ويكيليكس” ذكر أن نشر ”وثائق بنما” جرى بتمويل أمريكي، ولاسيما الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وجورج سوروس. ومن جهته، نفى المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، مارك تونر، في مؤتمر صحفي عقده أوّل أمس، تورّط بلاده في تسريب ”وثائق بنما”. وقال تونير: ”أنفي مشاركتنا في تسريب هذه الوثائق”. وأضاف المتحدث: ”لقد أوضحنا أننا لن نتحدث عن محتوى الأوراق السرية”. وتقول التسريبات إنّ تاريخ ميلاد إمبراطورية المالية في الخارج يرجع إلى سنة 1990، عندما قام بتأسيس شركة رفقة عدد من مقربيه، تدعى ”كوبيراتيف أوزيرو”، ليصبح بعدها كل شركاءه في هذا المشروع من أغنياء روسيا وأعضاء في حكومتها. وتحدثت صحيفة ”زود دويتشيه تسايتونغ” الألمانية ووسائل الإعلام الأخرى، عن ضلوع شخصيات مقربة من بوتين، دون ذكر اسمه، ورجال أعمال روس في تهريب أموال. كما كشفت الوثائق عن اختفاء أكثر من مليار دولار من البنوك الروسية خلال الفترة ما بين 2009 و2011 نتيجة صفقات صورية، وأنّ بوتين لجأ لتحويل هذه الأموال إلى ”بانك روسيا”، الذي يسيره مقربون منه بمعية محامين سويسريين، ووصف البيت الأبيض هذه المؤسسة البنكية بأنها ”مؤسسة الأصدقاء”، على اعتبار أن من يسير المؤسسة البنكية هو يوري كوفالتشوك، صديق بوتين، والذي كان أيضاً من بين المساهمين في الشركة ”أزيرو” التي أطلقها بوتين في سنوات التسعينيات. الأرجنتين تحقق مع رئيسها ومطالب باستقالة كاميرون وفي ذات الشأن فتحت النيابة العامة الأرجنتينية يوم الخميس تحقيقا مع الرئيس موريسيو ماكري على خلفية صفقات مشبوهة أوردتها الوثائق المسربة عبر شركتي أوفشور. ونفى ماكري الاتهامات مؤكدا أنّه لم يخف ملكيته لأية أموال لدى تقلده منصبه. وفي بريطانيا، احتلت التسريبات عناوين معظم الصحف مسببة إحراجا لرئيس الوزراء، ديفيد كاميرون الذي سعى إلى قيادة جهود دولية حول الشفافية المالية ومكافحة الفساد. كما تعالت الأصوات المطالبة باستقالته، بعد أن أقرّ يوم الخميس بامتلاكه حصة في صندوق والده الاستثماري ”أوفشور”، وقال عضو لجنة الخزانة البرلمانية، جون مان، إن المسألة تتعلق ”بالشفافية”، وأنه كان أمام كاميرون عشرة أعوام لاطلاع البرلمان عن امتلاكه الحصة. وكان النائب العمالي قد وصف رئيس الوزراء في سلسلة من التغريدات على موقعه بتويتر ”بالمنافق” وأنه فشل في أن يكون أمينا مع البريطانيين. ومن جانبه قال نائب زعيم حزب العمال، توم واتسون، ثمة أسئلة ينبغي على كاميرون الإجابة عنها وأنه قد يحتاج للاستقالة. تورّط صندوق ”NSWF” النرويجي في الفساد وأشارت ”وثائق بنما” إلى ضلوع الصندوق السيادي النرويجي، الذي يعدّ أكبر صندوق من نوعه في العالم، في استثمارات متنامية خارج حدود النرويج. وطالبت الهيئات الرقابية النرويجية صندوق الثروة السيادية ”NSWF” الذي تقدر أصوله بأكثر من 850 مليار دولار، بتصفية جميع استثماراته فى الشركات التي لها تعاملات في مناطق الملاذات الضريبية، بعد انتشار الفضائح المالية التي كشفتها ”وثائق بنما”، وثبت بطلان العديد منها حتى الآن. واعتبر برلمانيون نرويجيون أن البلاد أمام مشكلة خطيرة لأنها عاجزة على تبرير كيفية استمرار الصندوق السيادي الأكبر في العالم، في إضفاء الشرعية على مناطق التهرب الضريبي، فيما قدر برلماني نرويجي قيمة أصول صندوق بلاده السيادي في الملاذات الضريبية التي قد تكون غير شرعية بنحو 24 مليار دولار. يذكر أنّ مائة وسيلة إعلام، بالتعاون مع اتحاد الصحفيين والمحققين الدوليين (ICIJ)، أزاحوا الستار مؤخرا عن أكبر عملية تسريب للوثائق في التاريخ، أطلق عليها إعلاميا اسم ”وثائق باناما”، وستتولى ”ذا غارديان” البريطانية و”لوموند” الفرنسية والعشرات من الصحف العالمية نشر مضمونها لاحقا. وبحسب المعلومات الأولية، فإنّ 140 زعيماً سياسياً حول العالم، بينهم 12 رئيس حكومة حالياً أو سابقاً، هرّبوا أموالاً من بلدانهم إلى جنان ضريبية، بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو، والرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري كما تضمنت شخصيات وزعماء عرب بينهم الملك السعودي سلمان، ورئيس الوزراء الأردني السابق علي أبو الراغب ووزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني وأمير البلاد السابق حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء العراقي المؤقت السابق إياد علاوي، وعلاء مبارك نجل الرئيس المصري الأسبق، والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والرئيس السوري بشار الأسد ومقربون منه والسكرتير الخاص للعاهل المغربي محمد منير الماجيدي، الذي تبين أنه أهم وكيل لمحمد السادس. كذلك كشفت الوثائق عن ارتباطات إسرائيلية عدة لأشخاص ومصارف إسرائيلية.. وبلغ عدد الملفات المسرّبة نحو 11.5 مليون ملف من أرشيف وكالة (Mossack Fonseca) ببنما، والتي تعد من أكبر مكاتب للاستشارات المالية وتوظيف الأموال عن بعدفي العالم، وشملت الوثائق أرشيف زبائن الوكالة منذ عام 1977 إلى غاية 2015. وكان أول ضحايا التسريبات رئيس الوزراء الأيسلندي ديفيد سيغموندور غونلوغسون(41 عاما) الذي قدم استقالته من منصبه. وكشفت التسريبات أن غونلوغسون المحسوب على تيار وسط اليمين أسس رفقة زوجته شركة في الجزر العذراء البريطانية ليخفي فيها ملايين الدولارات، وعندما انتخب نائبا عن حزب ”التقدم” للمرة الأولى في أفريل 2009 لم يفصح عن هذه الأموال لدى إعلانه ثروته، بحسب ما ينص عليه القانون.