أعلن القضاء البنمي الإثنين أنه بصدد فتح تحقيق في التسريبات الأخيرة التي أصبحت تعرف إعلاميا ب”أوراق بنما” والتي تحدثت عن تورط مسؤولين كبار ومشاهير من مختلف دول العالم في تهرب ضريبي، لتحديد مرتكبي المخالفات القانونية والأضرار المالية الناجمة عنها. وقال بيان النيابة العامة في البلاد: ”سيتم التحقيق في الوقائع التي نشرتها وسائل إعلام وطنية ودولية تحت مسمّى ”أوراق بنما”، وكانت الحكومة البنمية أعلنت أنّها ستتعاون مع القضاء في حال تم فتح تحقيق قضائي بشأن الوثائق المسربة. كما أشاد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، بما توصلت إليه التحقيقات معتبرا إياها خبرا سارا سيدر بموارد ضريبية على خزينة بلاده. كما أعرب عن امتنانه لمكتشفيها وتعهد بحمايتهم. وأضاف هولاند أنه أبلغ العام الماضي المتهربين من الضرائب بضرورة إعادة عشرين مليار يورو للخزينة، وأنها استعادت منها 12 مليارًا فحسب. وفي أعقاب التسريبات، قال البيت الأبيض، إن ”الولايات المتحدة تقيم بشكل كبير الشفافية في المعاملات المالية الدولية، لكنه لم يقدم تعليقًا محددًا على المزاعم المذكورة”. وقال جوش إيرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، ”برغم غياب الشفافية بعض الشيء في العديد من هذه المعاملات لكن هناك خبراء في وزارتي الخزانة والعدل يمكنهم فحص هذه المعاملات”. وقال إيرنست إن ”الخبراء الأمريكيين يمكنهم تحديد ما إذا كانت المعاملات المالية التي كشفت عنها الوثائق تنتهك قانون العقوبات الأمريكي أو القوانين الأمريكية الأخرى”. ومن جهته قال المتحدث باسم قسم الجنايات بوزارة العدل الأمريكية، بيتر كار، إن ”الوزارة تفحص الوثائق المسربة من مؤسسة قانونية في بنما والتي تكشف عن ترتيبات مالية خارجية لساسة وشخصيات عامة دولية”. وقال كار إن وزارة العدل الأمريكية تأخذ على محمل الجد كل المزاعم المتعلقة بعمليات فساد خارجية عالية المستوى قد يكون لها صلات بالولايات المتحدة أو النظام المالي الأمريكي”. وفي السياق أكد جيرارد رايلي، رئيس الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين، في سياق حوار مع شبكة ”سي أن أن” أنّ الوثائق المسربة صحيحة. وقال رايلي: ”نحن واثقون من المعلومات الواردة في هذه الوثائق لأن تسريبا سابقا أصغر حجما من شركة موزاك فونسيكا، قُدم للحكومة الألمانية وقامت بشرائه وقدمته لحكومات مثل بريطانيا وغيرها.. كنا محظوظين لحصولنا على هذه الوثائق، وبعد مقارنتا للوثائق بتلك التي قُدمت للحكومة الألمانية وجدنا أنها تتطابق، والأمر الآخر الذي يؤكد صحة هذه الوثائق هو أن تزوير 11.5 مليون وثيقة هو أمر شبه مستحيل، إلى جانب أننا عرضناها على عدد من الشخصيات حول العالم وأكدوا لنا صحتها”. وحول مصدر هذه الوثائق قال رايلي: ”مجموعة الوثائق في المقام الأول حصل عليها صحفي ألماني من مصدر مجهول قال إنه قلق مما لاحظه في الوثائق، وبقي مجهولا لأنه كان قلقا على حياته إن كشفت هويته، بالطبع لأنها تطال عددا من الشخصيات النافذة”. مظاهرات في أيسلندا تطالب باستقالة رئيس الحكومة وإثر ظهور التسريبات، خرج آلاف الإسلنديين يوم الإثنين إلى الشارع للمطالبة باستقالة رئيس الحكومة ديفيد سيغموندور غونلوغسون (41 عاما)، بعدما ورد اسمه في فضيحة ”وثائق بنما”، فيما قدم نواب المعارضة مذكرة لنزع الثقة عن الحكومة. وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها ”تحملوا مسؤولياتكم” و”أين هو الدستور الجديد؟” في إشارة إلى مشروع الدستور الجديد الذي بدأ العمل عليه عام 2009 ولم يقره البرلمان بعد. وكشفت التسريبات أن رئيس الوزراء الحالي غونلوغسون من وسط اليمين أسس رفقة زوجته شركة في الجزر العذراء البريطانية ليخفي فيها ملايين الدولارات. وعندما انتخب نائبا عن حزب ”التقدم” للمرة الأولى في أفريل 2009 لم يفصح عن هذه الأموال لدى إعلانه ثروته، بحسب ما ينص عليه القانون. يذكر أنّ اتحاد الصحفيين والمحققين الدوليين (ICIJ)، ومائة وسيلة إعلامية أزاحوا الستار مؤخرا عن أكبر عملية تسريب للوثائق في التاريخ، أطلق عليها إعلاميا اسم ”وثائق بنما”، وستتولى ”ذا غارديان” البريطانية و”لوموند” الفرنسية والعشرات من الصحف العالمية نشر مضمونها بحر هذا الأسبوع. بحسب المعلومات الأولية، فإنّ 140 زعيماً سياسياً حول العالم، بينهم 12 رئيس حكومة حالياً وسابقاً، يكونون قد هرّبوا أموالاً من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية، بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والعاهل المغربي محمد السّادس والرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو، والرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري، والرئيس المصري حسني مبارك على موعد مع فضائح مالية بالجملة، بعد أن أظهرت التسريبات حجم ثرواتهم ولجوءؤهم إلى شبكات إجرامية، بمساعدة من بعض البنوك، للتستر عليها في ملاذ ضريبية مغلقة. وبلغ عدد الملفات المسرّبة نحو 12 مليون ملف من أرشيف وكالة (Mossack Fonseca) ببنما، والتي تعد من أكبر مكاتب للاستشارات المالية وتوظيف الأموال عن بعد في العالم. وشملت الوثائق أرشيف زبائن الوكالة منذ عام 1977 إلى غاية 2015. ووردت في هذه الوثائق أيضاً أسماء شخصيات رياضية ولاعبو كرة في نواد برشلونة وريال مدريد ومانشستر يونايتد،، بينهم ليونيل ميسي.