تفرض القرطوفة، تلك العشبة البرية ذات النكهة العطرية وسحر مذاقها الحار وفوائدها الصحية الجمة، وجودها على الصائمين طيلة الشهر الفضيل، حيث يتهافت عليها لإضافة نكهة عشبية على أطباق مائدة رمضان المتنوعة، على غرار الشربة الحريرة أو الحساء، وهو الطبق المفضل للإفطار بالجنوب الجزائري. وعلى الرغم من شدة الحر التي ترافق هذه الأيام الشهر المبارك، لا يتوانى عشرات الغرداويين عن القيام برحلة بحث عن هذه العشبة الربيعية لدى بائعي الأعشاب التقليدية بغرض استعمالها للتتبيل الذي لا يمكن الإستغناء عنه، لما يضيفه من مذاق أطيب للأكلات التقليدية المعروفة منذ قرون في أوساط سكان الجنوب. وقد استعملت عشبة القرطوفة البرية أو الوزوازة في فن الطهي القديم، كما ذكر أحد العشابين بمدينة غرداية، موضحا أن فن الطهي تحتفظ العائلات بنقله من الأم إلى البنت اللائي، وتحت وقع الغيرة الذاتية يحرصن على أن تبحث كل واحدة منهن على الإحتفاظ بأسراره بغرض تحقيق غاية التميز في تحضير الأطباق اللذيذة، التي يتم إعداد مكوناتها انطلاقا من خلطة أعشاب معطرة تستعمل بغرض إعطائه نكهة متميزة. ويرى بومدين جبريط، الذي يمارس نشاط بيع الأعشاب بأحد أحياء غرداية، أن شهر رمضان المعظم الذي يصفه ب"الحدث" يغير بشكل كامل عادات سكان المدينة، ويظهر ذلك في التحضيرات المكثفة لطهي أشهى الأطعمة والأكلات الرمضانية وتفضيل بعض أنواع التوابل التقليدية، على غرار نبتة القرطوفة. ومن جهته ذكر عمي صالح، صاحب محل تجاري لبيع التوابل بالسوق العتيق لغرداية، أنه عادة ما يشهد شهر الصيام إقبالا واسعا للزبائن من أجل التزود بالمواد الأساسية التي يتطلبها تحضير مختلف أنواع الأطباق التقليدية الرمضانية، من بينها القرطوفة، وهي العشبة المفضلة بكثرة لدى سكان الجنوب، لاسيما المتقدمات في السن اللائي لا يفرطن في هذه النبتة "السحرية". ويتقاسم نفس وجهة النظر أحد العشابين بحي ثنية المخزن (أحد الأحياء الشعبية بضواحي غرداية) الذي يرى أن شهر رمضان المعظم مناسبة لتحسين مداخيله، لاسيما أن المواد التي يبيعها تفضلها وتتهافت عليها بكثرة ربات البيوت بصفة خاصة. وتعتبر القرطوفة أو الوزوازة، عشبة برية ربيعية تنمو لوحدها وأوراقها تشبه إلى حد ما أوراق الجزر، تعلوها في كل فرع منها زهرة صغيرة صفراء اللون بها حبيبات رقيقة جدا، وطعمها يميل إلى المذاق الحار.