دخلت مختلف التشكيلات السياسية، موالاة ومعارضة، في عطلة إجبارية، يرى مراقبون أنها ستطول بعد طي ملف القوانين العضوية المنبثقة عن التعديل الدستوري، واقتراب مرحلة التشريعيات، وسط تحذيرات من الانعكاس السلبي الذي قد يتبع هذا الجمود. تعرف مختلف الأحزاب السياسية شللا شبه كلي، فرضته عدة اعتبارات سياسية بعد انتعاش طبع الساحة قبل أشهر، بعد أن اختارت السلطة فترة شهر رمضان التي تعرف عادة ركودا في الحياة السياسية من أجل تمرير مجموعة من القوانين التي وصفت بالمهمة والحساسة على غرار القوانين المنبثقة عن التعديل الدستوري، وقانون واجب التحفظ بالنسبة للعسكريين، اين انحصر النشاط السياسي في شكل معركة بين المعارضة والسلطة، تفاصيلها يراها الكثير من المراقبين والسياسيين مقدمة لما هو آت، وانعكاسا لمخاض عسير لم ينزل حمله بعد. وتعرف مقرات العديد من الأحزاب حركية بطيئة وأخرى مشلولة، وسط حديث عن حرب كولسة تدور في القمة وليس على مستوى القواعد تحضيرا للتشريعيات القادمة، حيث غابت النشاطات الحزبية واللقاءات الجوارية سواء تعلق الأمر بأحزاب الموالاة أو المعارضة التي تتهم السلطة بخلق الإنسداد وغلق اللعبة السياسية. وفي هذا الصدد، قال الأمين العام لحركة النهضة، محمد ذويبي، ل”الفجر”، أن الركود السياسي الحاصل في البلاد والذي تشهده عديد الأحزاب، يعود أساسا إلى الانسداد الذي تسببت فيه السلطة من خلال اتخاذها قرارات منفردة عكرت صفو الجو السياسي، مضيفا أن ”السلطة لا تزال ومن خلال نظرتها الأحادية الضيقة تسير الشأن العام”. وأوضح ذويبي، أن غياب الحريات الفردية والسياسية والإعلامية هو الذي يعكر الأجواء، وتابع أن السلطة تستخدم إجراءات الغلق في كل مرة، وقد كرستها في التعديل الدستوري الأخير بنظرة أحادية، بالإضافة إلى الخطوات القانونية التي استخدمتها مؤخرا، من خلال تمرير عديد مشاريع القوانين التي تكرس حسبه، التزوير والإقصاء المسبق، مؤكدا أن السلطة وبانتهاجها هذه الطريقة الأحادية، تريد فرض منطقها بعيدا عن الصندوق وتغييبا للإرادة الشعبية. وحذر المتحدث من تبعات هذا الانسداد في حال ما تمسكت السلطة بموقفها المعهود، وتأثيره لا محالة على الأداء الاقتصادي والاجتماعي مستقبلا، معتبرا أن التنمية الاقتصادية في الجزائر مرتبطة أساسا بالعملية السياسية من خلال إشراك كافة الفاعلين في الساحة السياسية دون إقصاء أي طرف، وتساءل: ”هل يعقل أن تقوم تنمية اقتصادية ببلادنا في ظل غياب عملية سياسية مفتوحة؟”، موضحا أن ”التجارب تؤكد دائما أنها تبقى مرهونة بالانفتاح السياسي والحريات المكفولة بالاستقرار”. من جهته أرجع القيادي في حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش، في تصريح ل”الفجر”، الأمر إلى أجندات الساحة السياسية ورهاناتها، إلا أنه استثنى بعض الأحزاب، مشيرا إلى أن البعض ومنها حركة مجتمع السلم، تواصل نشاطاتها يوميا على كافة المستويات البلدية والولائية والوطنية، ومنها الحركية التي عرفتها حمس ومؤسساتها خلال شهر رمضان، إضافة إلى الحراك البرلماني حول حزمة القوانين التي تمّ تمريرها في حالة الاستعجال، ومحاولة السلطة لخنق الحريات الأساسية والاعتداء على الحقوق السياسية والمدنية، ومحاولة غلق الحياة السياسية والتحكم، وتقنين التزوير المسبق عبر قانون الانتخابات. بالمقابل، دعا حمدادوش، السلطة إلى أن تتحمل المسؤولية السياسية تجاه تدهور الوضعية الاقتصادية والاجتماعية، والوصول إلى حالة الركود السياسي كحصيلة سلبية للوضع العام، لا أن تحملها لأحزاب المعارضة.