نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية تقريرا كشفت فيه بأنّ شركة توني بلير الاستشارية "تي بي آي" طلبت مبلغ 35 مليون دولار من دولة الإمارات العربية المتحدة، لقاء خدمات لجلب مزيد من النفوذ والتأثير لهذا البلد الخليجي الثري والغني بالنفط. وقالت الصحيفة إنّ شركة بلير عرضت على وزارة خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة عقدا لمدة خمس سنوات تتلقى بموجبه نحو 7 ملايين دولار سنويا لقاء تلك الخدمات، إضافة إلى دفع ما قيمته 6 ملايين و210 آلاف دولار في العام في شكل رسوم مهنية، و688 ألفا لتغطية نفقات الشركة السنوية. ولفتت الصحيفة إلى أنّ الوثائق التي حصلت عليها، أظهرت أنّ تلك النفقات تغطي "نفقات تكاليف السفر" لبلير وطاقمه، حيث وعد بلير بالسفر إلى أبو ظبي 12 مرة في العام (مرة كل شهر) مقابل المبلغ، وتخصيص عدة أيام أثناء وجوده في أبو ظبي للعمل هناك. وأشار معدا التقرير روبرت ميندك وأدريان غاتون، بأن حجم الصفقة يظهر حجم الأرباح التي تجنيها شركة الاستشارات التي أنشأها بلير بعد تركه السلطة عام 2007، وأكّدا أن وجود اتفاق كهذا يطرح أسئلة حول مدى تضارب المصالح، لاسيما وأنّ بلير كان مبعوثا خاصا للرباعية الدولية "أمريكا وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي"، وكان دوره الرئيسي هو تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الدولية للمناطق الفلسطينية من دول الخليج وغيرها. وأضافت الصحيفة بأن هذه التعاملات ستثير سخط عائلات الجنود البريطانيين، الذين اتهموا بلير ببناء ثروة مالية ضخمة أثناء عقد ترؤسه الحكومة البريطانية، مشيرة إلى أنه بعد أيام من صدور تقرير تشيلكوت الذي أثبت أنّ غزو العراق كان "عدوانا شُن بذريعة ملفقة"، فإن هذه العائلات تأمل في محاكمة بلير بتهمة إساءة استخدام السلطة، وجر بريطانيا لحرب في العراق تحت ذرائع كاذبة. ويبين الكاتبان أن بلير صنع ثروة طائلة منذ مغادرته مبنى داونينغ ستريت بقيمة 70 مليون جنيه إسترليني، رغم أنه يؤكد أن ثروته لا تتجاوز 10 ملايين جنيه، وأنه زار أبو ظبي، بعد شهر من مغادرته السلطة، للحديث مع المسؤولين البارزين، وأفراد العائلة الحاكمة هناك، بصفته مبعوثا للرباعية الدولية. وبحسب الصحيفة، فإن بلير التقى في جويلية 2007، بوزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، الذي تربطه ببلير صلات قوية. وختمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن متحدثا باسم بلير قال إن هذه أخبار قديمة، وأنه لم يجر اتفاق على الخطة، وأنّ الرسوم لن تذهب لتوني بلير، ولكن للاستثمار، ودفع أجور الموظفين والتكاليف، وأنّ بلير يمارس عمله في الشرق الأوسط على أساس غير ربحي". يذكر أنّ تقرير تشيلكوت الذي استمر تسع سنوات (2001-2009)، أوضح أن بلير، أرسل قوات لم تكن مستعدة للمعركة، ولم يأخذ في الحسبان تبعات الحرب. وبعد أن اتضحت أكذوبة أسلحة الدمار الشامل، تحوّل الهدف إلى إسقاط صدام حسين وتخليص المنطقة من طاغية. ودام الغزو 6 أسابيع، وانتهى بالإطاحة بالرئيس العراقي، بعد 25 عاما من الحكم، ولكنه خلّف عنفا طائفيا تسبب في سقوط آلاف القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى والمشردين والمهجرين، ناهيك عن الدمار والخراب اللذين حلّا بالبلاد.