قبل أربعة أشهر من الآن كتبت مقالا تحدثت فيه عن نية الحكومة ممثلة في وزارتها الوصية على الثقافة، في دمج الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي مع ديوان رياض الفتح، ونيتها كذلك في دمج السينماتيك مع المركز الوطني للسينما والسمعي البصري، وها هي فعلا تقوم الحكومة وعلى لسان الوزير الأول ووزير الثقافة بتأكيد الخبر واتخاذ قرار إلحاق "لارك" بديوان رياض الفتح، ولكن لماذا هذه الخطوة ولماذا الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي؟ مع ترويج شائعة عزم الحكومة لاحقا على إيقاف دعم الدولة للإنتاج السينمائي، وهو الخبر الذي جعل المنتجين ينتفضون ويقلقون من الوضع لكون الإنتاج السينمائي في الجزائر كان يعتمد تقريبا بصفة شبه مطلقة على دعم وزارة الثقافة، ومع تصريح وزير الثقافة عز الدين ميهوبي مؤخرا ومناداته بنهاية الثقافة المجانية، جاء قرار الحكومة بدمج الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي مع ديوان رياض الفتح في مؤسسة واحدة يطلق عليها ديوان رياض الفتح للإشعاع الثقافي. العديد من المتابعين للشأن الثقافي في الجزائر تفاجأوا لهذا القرار، ولكن بالعودة قليلا إلى الوراء كان ميهوبي قد كشف، في تصريح له على هامش أيام الفيلم القصير والوثائقي بمستغانم، أن الوثيقة الخاصة بقطاع السينما جاهزة وستعرض على الحكومة من أجل مناقشتها والمصادقة عليها بهدف تخليص السينما الجزائرية من وضعها الحالي، وقال أيضا أنه ستكون هناك مراجعة لكل النصوص المتعلقة بالسينما وضرورة تحرير السينما من التعقيدات التي لا تعطيها فرصة للعودة من جديد إلى الحياة اليومية للناس، وذلك من خلال تشجيع الاستثمارات الخاصة في هذا المجال، مضيفا أن تحرير قطاع السينما يعني تخليصه من القوانين المثبطة والتي تحول دون تطوره، حيث ستتم مراجعتها حتى لو اضطر الأمر مراجعة قانون السينما، وسيتم عرض هذه الوثيقة على مجلس وزاري مصغر للمناقشة والإسراع في الخروج من الأزمة التي تعيشها السينما، رغم أن بعض الأفلام تحقق النجاح، ولكن يقول الوزير: الواقع مختلف تماما والإقلاع الحقيقي للسينما يتم بعد تحرير هذه النصوص. وبخصوص الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي ومسألة دمجها مع ديوان رياض الفتح، قال ميهوبي أن الوكالة لن تدمج ولكن لن تكون لها علاقة بالسينما ويصبح دورها محصورا في الإشعاع الثقافي، كما يمكنها الترويج للأفلام، ولكن عملية الإنتاج ستكون من مهام المركز الوطني لتطوير السينما، مضيفا في ذات السياق أن إمكانية دمج السينماتيك والمركز الوطني للسينما والسمعي البصري واردة وسيكون دورهما الحفظ، وهذا دون تأثير المركز على السينماتيك، معتبرا أن كثرة المؤسسات ستسبب التداخل في الصلاحيات، والدمج سيجعل الفعالية أكثر في تحريك السينما، مستبعدا إلغاء أي مؤسسة. ما يمكن ملاحظته في تصريح الوزير هو عدم دمج الوكالة مع ديوان رياض الفتح، ولكن القرار الأخير جاء عاكسا لما قاله قبل أكثر من شهرين، فلماذا تغير موقف الوزارة؟ "الوكالة لن تكون لها علاقة بالسينما ويصبح دورها محصورا في الإشعاع الثقافي، كما يمكنها الترويج للأفلام، ولكن عملية الإنتاج ستكون من مهام المركز الوطني لتطوير السينما"، هذا تصريح وزير الثقافة يثبت فيه أن الوكالة لن تكون لها علاقة بالسينما بعد اليوم، في حين يعطي أهمية للمركز الوطني لتطوير السينما، مع العلم أن الوكالة تملك خبرة كبيرة في إنتاج الأفلام خصوصا وأنها كانت المعني رقم واحد بالإنتاج السينمائي في الجزائر رغم بعض التجاوزات التي سجلت عليها خصوصا فيلم الأمير عبد القادر. الوزير، في آخر تصريح له، قال بأن كوادر الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي وكل العاملين بها سيبقون في مناصبهم وأن الوكالة سيقتصر دورها على الترويج والإشعاع الثقافي، في وقت كان من الممكن الاعتماد على تجاربهم خاصة في السينما من خلال نقلهم إلى المرز الوطني لتطوير السينما خصوصا وأن العاملين بهذا المركز لا يملكون من الخبرة ما يكفي للتكفل بكل الإنتاج السينمائي في الجزائر، خصوصا وأن تجربة المركز لم تقتصر سوى على بعض إنتاجات قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015، كما أن الوضع الحالي الذي يتسم بالتقشف مع تزايد إشاعة رفع الدولة ليدها عن دعم الإنتاج السينمائي يجعل هذا القرار متسرعا، إلا إذا تمت الاستعانة بكوادر الوكالة في تسيير القطاع السينمائي.