تعتمد عائلات جزائرية عادات حديثة في أفراحها، قديمة عند الشعوب التي أوجدتها، خاصة ما تعلق بحفلات الزفاف، ليتم ابتداع طقوس جديدة ومكلفة مع كل سنة. لتلقى "العمارية" المغربية مكانتها عند البعض رغم تكلفتها التي تقدر ب2 مليون سنتيم لمدة لا تتجاوز 45 دقيقة. بلغ تحديث طقوس حفلات الزفاف ذروته في المجتمع الجزائري، حتى أصبح تأسيس أسرة يكلف ميزانية يلقبها البعض بميزانية "المشاريع العملاقة"، فمن المهور التي لا تعرف الفرملة في عملية تصعيدها بمناطق معينة، إلى جهاز العروس الذي تتزايد حاجياته، وصولا إلى مصاريف العرس التي لا يغيب فيها الاقتراض عند أغلب العائلات. تعتبر العمارية واحدة من التقاليد المغربية، كما أن شكلها يختلف من منطقة إلى أخرى، نفس الأمر بالنسبة لتكلفتها المادية، وهذا بالنطر إلى طبيعة المواد المستعملة وجودة الصنع، لتكون بالمجتمع المغربي مقدسة وضرورية لحمل العروس من قبل أربعة شبان على الأكتاف يرتدون ألبسة تقليدية والطواف بها وسط الحضور، ويلازم ذلك رقص شعبي يجعل منظر العروس مثيرا للانتباه، حين تتمايل يمينا وشمالا. ورغم أن هذه العادة جزء من الموروثات المغربية التي لا تغيب فيها المرجعية التاريخية، إلا أن المجتمع الجزائري لم يعرف حمل العروس على الهودج، أو ما يسمى ب"العمارية" عند المغربيين، رغم الانتماء الإقليمي الواحد الذي يجمع البلدين. في حين أن العائلاتأصبحت تكلف نفسها في الآونة الأخيرة عناء ترسيخ هذه العادة التي تبلغ قيمة كراء العمارية فيها 20 ألف دينار، لمدة لا تتعدى 45 دقيقة وذلك من خلال حمل العروس على الأكتاف من قبل فرقة فلكلورية مدربة والتي ترتدي اللباس التقليدي "القفطان" زمن "التصديرة"، مع الالتزام بجميع مراحل العمارية تماما مثلما يفعله المغربيون، وترافق العملية موسيقى مغربية وتبراح عال من طرف منشط "الدسيك جوكي"، وهكذا سيشعر الحضور أنهم في عرس مغربي حقيقي.
من الساري الهندي إلى العمارية المغربية.. عادات لا يتقبلها الكثيرون عرف اللباس التقليدي الهندي رواجا لبضع سنوات عند العرائس الجزائريات، وكان محل اهتمام التجار بعرضه في واجهة المحلات، ورغم أننا مجتمع يملك ما يكفي العروس للتربع كملكة على عرش يوم زفافها، إلا أن العادات الدخيلة لم تسلم منها أفراحنا، لكن "الساري الهندي" بدأ يتراجع من ناحية الاهتمام به، لتختار كثيرات لباس الكاراكو العاصمي إلى جانب الحايك أو البرنوس للدخول إلى قاعة الحفلات، إيمانا منهن أن موروث الأجداد لا يجب أن يلقى منافسا له. هكذا بدأت العائلات تسترجع عادات كانت قد تراجعت حتى في المراحل الأولى لأيام العرس، لكن المنهج التجاري الذي تعتمده وكالات كراء لوازم الأفراح، جعلها تقتني لوازم أثارت شهية البعض، من منطلق التباهي والافراط في ميزانية العرس التي قد تثير حفيظة أقرانهم من المقبلين على الزواج. صرحت السيدة "نوارة"، التي حضرت عرسا أحضرت فيه العمارية المغربية، أن وعي البعض أصبح متراجعا، فبدل أن يتم الاستغناء على البعض من العادات مثل التصديرة التي لا تمثل أي قيمة معنوية، إلى جانب تكلفتها المالية المرتفعة، أصبحنا نستورد عادات لا نعرف معناها لإثارة غيض الأقارب والتباهي بين الجيران، ليزول عبق الأعراس الذي كان أيام زمان، على أسطح المنازل وبتعاون أخوي، ونعيش حاضرا تملؤه الشكليات والمظاهر. ليست السيدة "نوارة" فحسب من أبدى رأيها المناهض للعمارية المغربية في أعراس الجزائريين وغيرها من العادات، بل إن سبر الآراء الذي قامت به "الفجر" أبرز أن الكثيرون مستعدون لحفظ ما هو ضروري لإقامة العرس، لتقول الآنسة "هدى" أنه "كيف لمن يكري العمارية مثلا أن يشتكي بعد العرس من التقشف ومصاريف الحياة الزوجية؟ أو كيف له أن لا يقضي شهر عسل في دولة أجنبية؟".